لبنان يخسر في ملفّ النفط 14 مليار دولار

اذا كان الهاجس الامني يبقى الاساس في ظل الحوداث الاخيرة والتحقيقات الجارية فيها والتي تؤكد ان لبنان صار مقصدا للعمليات الارهابية التي تستهدف الاجهزة الامنية لاضعاف قدرتها وشلها بما يمكّن تنظيم “داعش” وغيره لاحقا من تنفيذ عمليات تستهدف “حزب الله” والتجمعات الشيعية، فإن خلو موقع الرئاسة الاولى، والاستحقاقات التي يمكن ان تؤثر سلبا على فاعلية عمل الحكومة هي مكمن الضعف الابرز والذي يفيد منه الارهابيون في ارباك الاستقرار الامني، وتاليا الاستقرار الاقتصادي – الاجتماعي على ابواب موسم الصيف.

واستمرار تعثر انتخاب رئيس للجمهورية سينعكس، كما ينقل زوار الرئيس تمام سلام عنه، على ملف الانتخابات النيابية الذي سيفرض في المهلة القصيرة الفاصلة عن انتهاء الولاية الممددة لمجلس النواب تمديدا جديدا، مع ما يحمله مثل هذا الامر من تمديد للأزمة ولكل الملفات العالقة، على رغم تأكيد الرئيس نبيه بري انه ضد التمديد للمجلس، ويؤيد اجراء الانتخابات ولو بقانون الستين.

وعلمت “النهار” ان البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي أبلغ من التقاهم أمس انه تبيّن له بعد الاتصالات التي اجراها ان الاستحقاق الرئاسي بلغ الحائط المسدود، وألقى تبعة ذلك على الاطراف اللبنانيين الذي لا يريدون فك الارتباط بين هذا الاستحقاق والمحاور الخارجية التي تمسك بالورقة اللبنانية. وشدد على مسؤولية رؤساء الكتل المسيحية في التخلف عن حضور جلسات الانتخاب واصفا الوضع الراهن بأنه يمثل انتقالا من مرحلة الاستهتار الى مرحلة التجاهل من خلال نقل الكلام الى موضوع استحقاق الانتخابات النيابية سواء باقتراح تمديد جديد للمجلس أم باجراء الانتخابات حتى لو لم تجر الانتخابات الرئاسية. وعلم ان البطريرك تلقى معلومات تفيد ان الاستحقاق الرئاسي لدى الجهات الاقليمية والدولية ليس اولوية بل ان الاولوية صارت للحدث العراقي، وهذا ما جعل البطريرك يطلق مواقفه الاخيرة.

سلام
من جهة اخرى، يرى الرئيس سلام أن البلاد مقبلة على مجموعة من الاستحقاقات والتحديات ابرزها تغطية الحاجات التمويلية للخزينة في ظل نفاد الاعتمادات الكافية للقطاع العام وخصوصاً في مجال الرواتب والاجور. ذلك أن الاعتمادات المتوافرة تكفي لشهر تموز فقط. ويتمسك وزير المال بموقفه الرافض للجوء الى سلفات من دون وجود قانون يغطي الانفاق.
ويؤكد سلام ان عدم اقرار سلسلة الرتب والرواتب يعني عدم تصحيح الامتحانات الرسمية، وتالياً اللجوء الى الافادات بدل الشهادات، وقت يشهد هذا الأسبوع تصعيداً نقابياً على مستويات عدة. فهيئة التنسيق النقابية تنوي اقفال الإدارات والوزارات غداً وبعد غد، وتتحرك في اتجاه الأهالي الخميس، وتستمر في مقاطعة التصحيح. وأكدت انها لن تتراجع عن مقاطعة أسس التصحيح والتصحيح ما لم يقر مجلس النواب مشروع سلسلة الرتب والرواتب وفق المذكرة التي سبق لها ان قدمتها الى النواب. وتضرب ايضا رابطة المتفرغين في الجامعة اللبنانية مع المتعاقدين الذين يواصلون اعتصاماتهم ومقاطعة تصحيح مسابقات الطلاب وإصدار النتائج، علما ان ملف الجامعة قد ادرج على جدول اعمال جلسة مجلس الوزراء للخميس المقبل ضمن اكثر من مئة بند.

ملف النفط
الى ذلك، يشغل الرئيس سلام ملف النفط العالق بفعل عدم اقرار مرسومي الترخيص في مجلس الوزراء، وتأخر إقرار المرسومين سيؤدي الى تعطيل اطلاق مناقصة التنقيب عن النفط التي كانت مقررة في آب المقبل.
وفي هذا الاطار قال الدكتور نقولا سركيس، المستشار البترولي والرئيس السابق للمركز العربي للدراسات البترولية، ان لبنان سيخسر ما لا يقل عن 14 مليار دولار، فقط من جراء الخفوضات الممنوحة على مستويات الاتاوة.
وفي رأي سركيس انه “خلافاً لكل ما هو معروف ومطبق في شتى انحاء العالم، أي حق الدولة، بادىء ذي بدء، في التصرف عيناً ام نقداً بنسبة لا تقل عن 12,5% من انتاج البترول والغاز، فان واضعي اول مشروعي المراسيم التطبيقية فضلوا لاسباب غير مفهومة تحديد الاتاوات على مستوى يراوح بين 5 و12% بالنسبة الى البترول و4% فقط، اي ادنى مستوى في العالم، بالنسبة الى الغاز. وتشير التقديرات المفصلة في التقرير المرفق الى ان هذه الخفوضات الغريبة في الاتاوات تعني خسائر سنوية لا تقل عن 238 مليون دولار بالنسبة الى الغاز و325 مليون دولار بالنسبة الى البترول، مما يعني أكثر من 14 مليار دولار طوال مدة الاتفاقات اذا اقتصرت هذه على 25 سنة. وبالاضافة الى موضوع الاتاوة ثمة خسائر لا تقل عنها تترتب على التنـزيلات والاعفاءات الضريبية وغيرها الممنوحة للشركات”. (ملخص عن الدراسة ص 5).

مجلس الوزراء
وفي معلومات لـ “النهار” ان وزراء تبلّغوا مساء السبت جدول اعمال مجلس الوزراء. وصرّح وزير العمل سجعان قزّي لـ”النهار” بأنه سيثير في الجلسة المقبلة “مصير اللاجئين السوريين في لبنان بعدما أعلن النظام السوري عبر سفيره في لبنان علي عبد الكريم علي رفضه اقامة مخيمات لهؤلاء اللاجئين على الحدود بين البلدين كما اقترحت الحكومة اللبنانية، وقت تشجع وكالات الامم المتحدة لبنان على تنظيم عمل اللاجئين”. وأضاف: “ان موقف النظام السوري والموقف الدولي يمثل تواطؤا من دون تحالف يستوجب عدم السكوت عنه، كما أن عمل مجلس الوزراء بعد الاتفاق على آلية عمله يجب ألا يقتصر على الامور العادية ويتجاهل الامور المصيرية”.

الامن
أمنياً، اكد رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زواره ان الوضع الامني لا يزال خطراً على رغم الانجازات التي تحققها الاجهزة الامنية والتعاون القائم في ما بينها “ولا بد مثلما ذكرت سابقاً من الاستثمار في الامن “. واضاف: “ما تقوم به هذه الاجهزة يشكل مصدر ثقة للبنانيين في ظل الوضع السياسي المتردي في البلد خصوصاً ان الانتخابات الرئاسية قد “اعدمت” والحكومة “مشلولة”.
وأبلغت مصادر أمنية مسؤولة “النهار” أمس “ان الوضع الامني، من غير ان يتحوّل هاجساً، يتطلب تضافراً للجهود بعدما تبيّن للجميع اننا لسنا معزولين عما يجري في المنطقة”. وقالت انه في الاجتماعات الامنية في كانون الثاني الماضي تحدث جهاز الامن العام عن “ان العمليات الانتحارية قد تتحول عمليات انغماسية بأن يفجّر الانتحاري نفسه في تجمعات سياحية وتجارية”. ولفتت الى ان لتنظيم “داعش” بيئة حاضنة ولكن محدودة جغرافياً في أوساط الفتيان.
وقد دهمت مديرية المخابرات مغارة في منطقة جرود فنيدق كانت تستخدم لاعداد العبوات لتنفيذ عمليات ارهابية. وعثر على عبوات جاهزة للتفجير وأسلحة واقراص مدمجة وشرائح خطوط وأجهزة خليوية عدة اضافة الى وثائق تتضمن دروساً في تصنيع المتفجرات. وأظهرت التحقيقات ان الموقوفين في فنيدق كانوا يزودون انتحاريين أحزمة وعبوات ناسفة كان آخرها انتحاري فندق “دي روي”.
ودلت التحقيقات على ان “قادة تنظيم “داعش” اخبروا الانتحاريين أن لا حاجة الى الانتحاريين في العراق وسوريا حالياً نظراً الى التطورات الميدانية التي صبت لمصلحة التنظيم، وتالياً فإن لبنان هو الساحة التي نحتاج فيها الى الإنتحاريين”.
ونقلت “المؤسسة اللبنانية للارسال” ان “داعش أقامت في منطقة حدودية بين سوريا وتركيا مخيماً لتدريب الانتحاريين، ويقول أحد الموقوفين من الفرنسيين أنه كان في هذا المخيم وشاهد نحو 15 شخصاً يتلقون علوماً دينية وعسكرية لارسالهم إلى لبنان”. وأضافت أن “التحقيقات دلت على ان داعش عينت أميراً لها في لبنان هو عبد السلام الأردني وهو الذي يتولى تشغيل المنذر الحسن، المزود الرئيسي للإنتحاريين بالمتفجرات والتسهيلات اللوجستية”.
وأوردت المعلومات ان “عبد السلام الأردني والحسن كانا في عداد “جبهة النصرة” وكان الحسن مكلفا منذ سنة ونصف سنة تأمين مقاتلين من لبنان للقتال في سوريا في مقابل بدل مادي، وبعد انتقالهما إلى تنظيم “داعش” كلف الحسن قبل ستة أشهر تأمين انتحاريين من لبنان لتنفيذ عمليات في لبنان إلا أن الحسن فشل في ذلك، وإثر هذا الفشل التقى عبد السلام الأردني الحسن مرتين، مرة عند الحدود التركية – السورية ومرة في اسطنبول وابلغه انه سيرسل اليه انتحاريين من جنسيات مختلفة على أن يتولى المنذر المساعدة”.

السابق
’داعش’ أعلن الخلافة وبايَع البغدادي
التالي
جنبلاط يأمل في ’عودة الهوية العربية’ لتعمّ الشرق الممزّق مذهبياً وعرقياً