حزب الله في ميزان الـ(ش-ش)

هيقاءوهبي،ميريام كلينك

سؤال بديهي يطرح نفسه في هذه الأيام على كل مراقب لحركة التأييد المتصاعد التي يحصدها حزب الله في الوسط ” الفني” بمعناه الواسع… جدا.

وقد ارتاح البعض من عناء التحليل، فركن الى العنصر المذهبي في فهم تأييد فنانين مثل راغب علامة ، عاصي الحلاني، هيفاء وهبي ومي حريري وغيرهم. لكن اتساع مروحة التأييد عن حدود القيد الطائفي ( جوليا بطرس، ميريام كلينك) وتوسعها جغرافيا الى خارج لبنان( ميادة الحناوي، رغدة )، يشي بوجود عامل عميق خلف ظاهرة “التأييد الفني”المتزايد لحزب الله.

ومع انه لا يمكن فهم أدنى حركة إعجاب وتضامن ودعم يمكن ان يقوم بها اي عامل في الوسط الفني، تجاه حزب يعتبر الغناء والرقص خطيئة كبرى، ويرى في شعر المرأة عورة. الا اننا سنضرب صفحا عمّن يصنفون أنفسهم في خانة الفن الملتزم وعن كثير من الفنانين والفنانات لنحصر دائرة التحليل في ظاهرة “فاقعة” رموزها فنانات استعراضيات، ولنأخذ هيفاء وهبي وميريام كلينك ومي الحريري نموذجا، وتشكل هذه المجموعة من الفنانات نمطا فنيا خاصا، بل هي “شريحة” قائمة بذاتها.

ونعود الى السؤال المركزي لنحصره: ما سر تأييد هذه “الشريحة” غير المحدود، لحزب ديني يعتبرهن، بأحسن تقدير، مجموعة من السافرات الفاسقات، وزد على ذلك ما أردت؟

القضية اذن، خارج إطار تبادل المصالح او الاحترام المتبادل. انها معادلة صعبة بل مستحيلة تشبه علاقة الحب من طرف واحد، مع فارق مريب، وهو ان الحزب يبادلهن حبهن ازدراء حتى لا نذهب اكثر.

ولكن ما الذي يدفع هذه “الشريحة”، الى الذوبان في حزب ينبذها هو وجمهوره، لا بل ان هذه “الشريحة” تقع مع “فنها” ولباسها ونمط حياتها وتفكيرها، في موقع شبهة وفسق في عقيدة الحزب وتفكيره وأدائه، حتى ان الواحد منا لا يمكنه ان يتصور بسهولة مجرد مرور واحدة منهن في مناطق نفوذ حزب الله، ومن يجرؤ على مجرد تخيّل احيائها احتفالا، في الضاحية او النبي شيت، لا قدر الله.

امام هذا المشهد لا يمكن فهم هذه الظاهرة الا في إطار البحث عن شرعية. واذا كانت عناصر الشرعية تستمد بالحق الالهي الموروث او بالقوة او بالانتخاب. فان حزب الله يستحوذ مجد الشرعية بثلاثيته.

هذا الحزب الالهي اذن، يفيض شرعية يمكن ان تلبس ثوب العفة لمن تشاء، كما حدث يوم صارت العمالة وجهة نظر مع فايز كرم، وتحوّلت تجارة الممنوعات الى جنحة مع مروّجي الكابتاغون، وكذا الأمر مع تجار الموت من عصابات الأدوية الفاسدة.

امام هذا المشهد الفائض شرعية مسبوغة من الحزب، ارادت تلك “الشريحة الفنية” ان تنتزع مصدر شرعيتها وصلا بهذا المصدر الفيّاض شرعية وقوة، من خلال التماس معه، عبر بوابة وحيدة يدخلها الخطأة، وهي اعلان الحب والتأييد للمقدس الالهي.

انها في الحقيقة تلاوة فعل ندامة بمفعول دنيوي، غايته ملامسة الشرعية من قبل شريحة حرمها المجتمع والرأي العام من ابسط مقومات الاعتراف بحقها، حتى بمجرد، الانتماء الى الوسط الفني.

لكن كيف يمكن ضم هذه” الشريحة الاستعراضية” الى جهاز الهضم الاجتماعي لجمهور حزب الله ولعموم المراقبين؟ وكيف يفهم مؤيدو الحزب وضعية هذه الشريحة في ظل تراث الشهداء… انها معادلة ال “ش- ش” ( شريحة – أول “ش”0- وشهداء -ثاني “ش”- منعا لأي التباس) المعقدة والصعبة.

انها معادلة العصر بين من ينخرط في صفوف حزب الله سالكا درب الشهادة للوصول الى جناّت عرضها السماوات والأرض، وبين من يطرق باب تأييد حزب الله طمعا في جنة شرعيته على الارض.

وبين الشهداء الأبرار والاستعراضيات وتجار المخدرات والموت، كل يطلب جنته على طريقته، ولله في خلقه شؤون.

السابق
مقتل 4 من قوات الأسد في حلب
التالي
تكريت تسقط بأيدي “داعش” بعد خطف القنصل التركي في الموصل والمالكي يعلن جيش “رديف” بعد تقاعس الجيش الوطني