حديقة الصنائع: موعد جديد مع الزوّار

تغيرت ألوان حديقة الصنائع، وأشجارها وزهورها، مع عملية التأهيل التي قامت بها «مؤسسة أزاديا». سوف تفتتح في الأول من حزيران أمام المواطنين على مشهد أكثر جمالاً وأناقة، يرتب تعاملاً أكثر تنظيماً.
تمتد الحديقة على مساحة اثنين وعشرين ألف متر مربع، وتتسع لنحو عشرة آلاف متنزه. وتعتبر بذلك أكبر حديقة في العاصمة وضواحيها بعد حرش بيروت، فيما بلغت كلفة تأهيلها مليونين وخمسمائة ألف دولار، تضاف إليها كلفة الصيانة وتراوح بين مئة وثمانين ألفا ومئتي ألف دولار سنوياً.
استغرقت عملية التأهيل نحو عام، وتولى المهندس الزراعي طوني متى الإشراف على زراعة الأشجار والزهور الجديدة فيها، وتأهيل الأشجار الموجودة سابقاً، مع تنظيفها ورشها بالمبيدات، بينما تولت المهندسة زينة مجدلاني عملية التصميم.
واستنادا إلى متى، تم زرع خمسمئة شجرة حديثة، تضاف إلى مئتي شجرة قديمة. وتوزعت الأشجار بين الممرات الرئيسية، والمداخل، وعند السور الحجري المحيط بالحديقة، وهي خمس وسبعون شجرة سرو، ومئة وعشر شجرات فلفل هندي، وثمانون شجرة باركن سانيو، ومئة شجرة حناء، وأربع وثمانون شجرة جكرندا، وإحدى وعشرون شجرة ارتيرينا تزهر باللون الأحمر، وخمس عشرة شجرة أكاسيا، واثنتا عشرة شجرة لينوكس، وخمس أشجار بلحيات كبيرة. وجرى زرع عدد من شجرات الدفلى خلف جدار الحمامات بألوانها الأبيض والزهري والفوشيا.
تزهر الأشجار منذ بداية الربيع حتى آخر الصيف، فتملأ المكان بألوان الأحمر والأصفر والليلكي. أما غالبية الأشجار القديمة فهي من نوع الكينا والبلحيات والصنوبريات وبينها أشجار الفيكس المحيطة ببركة المياه، وقد جرى تشذيبها على شكل مربعات ملتصقة ببعضها، فتبدو من الأفق دائرة خضراء.
إلى جانب الأشجار، تم إعداد أحواض عند حواف الممرات غرست فيها ألف ومئتا زهرة لانتانا باللونين الليلكي والأصفر، وزهور الاباسكاس والبوغانبيليه، وتدعى بالعربية الجهنمية أو الجمال، وزهور الكاريسا التي تنفلش على التراب.
ويتخلل الأشجار والزهور عشب الغازون الأخضر أو النعص بالعربية، فيمتد على مساحات تصل إلى أحد ألف متر مربع. وفي وسط الحديقة تم رصف ساحة مستديرة بالحجارة الصفراء اللون، وحولها مدرج دائري صغير يجلس عليه المتنزهون، وإلى جانب الساحة عادت بركة المياه الواسعة، تتوسطها النافورة، وتحيط بها حوافها الحجرية النظيفة التي تشكل بدورها مقاعد لمن يريد التمتع بمشهد المياه. وجرى بناء خزان مياه خاص لعمليات الري، يتم ملؤه بالمياه الحلوة، لأن المياه التي تصل إلى الحديقة مالحة، وهي بالتالي غير صالحة للري.
الدخول مجاني
لم تعد الحديقة خاصة بالجلوس فحسب، وإنما استحدثت فيها مجالات جديدة هي: إقامة نشاطات فنية وثقافية، وإنشاء ثلاثة ملاعب خاصة بالأطفال، وتعبيد طريق محاذٍ للسور لممارسة رياضة المشي، وطريق خاص بالدراجات الهوائية.
وأوضح مدير «أزاديا» في بيروت مروان مكرزل خصص للصحافيين والإعلاميين أن هذا المكان سوف يكون لجميع الناس، مجاناً، ومن دون أي رسم دخول، مثل جميع الحدائق في دول العالم. لكن سوف يمنع فيها تدخين النراجيل، والشواء. وإنما يمكن تناول السندويشات. ولم تعجب مسألة المجانية عدداً من الحضور، فطلبوا رسما للدخول، من أجل التخفيف من عدد الرواد، لكن مكرزل أصر على الدخول المجاني لأن الحديقة من حق الجميع. وأُثيرت مسألة تولي مؤسسة خاصة رعاية مرفق عام بدل بلدية بيروت، فقال مكرزل إن المشروع تم بالتعاون مع البلدية، في نوع من الشراكة بين القطاعين العام والخاص، لافتاً إلى أنه بداية مشاريع بيئية سوف تقوم بها «آزاديا» في مناطق أخرى، وقد اختارت البيئة لأن المساحات الخضراء تتآكل في لبنان، مثلما تختار جهات أخرى القيام بمشاريع تعليم طلاب جامعات، ومشاريع مساعدات صحية… وغيرها.
الأمن

بعد التأهيل يأتي دور الصيانة، وبموجب العقد مع بلدية بيروت، سوف تتولى «آزاديا» عملية الصيانة مدة عشر سنوات، وتشمل كل ما هو في الحديقة من أشجار وزهور، وحمامات وملاعب، وطبعاً بركة المياه. هنا، أكد مكرزل أنه تم توظيف طاقم من أربعة أشخاص مع مهندس زراعي مسؤول لمتابعة رعاية الأشجار والزهور، وطاقم خاص بالتنظيف. وجرى التعاقد مع شركة أمنية لتوظيف أربعة حراس مهمتهم المــــراقبة من دون تفتيش أي من الزوار، وفي حال حصول إشكال أمني، يتم حله بالتعاون مــــع وزارة الداخلية الموجودة عند الجـانب المقابل.
وسوف تفتتح الحديقة من الصباح حتى المساء، وتقفـــل ليلاً تجنباً لحصول أي من الممارسات غير المرغوب فيها. ويرى مكرزل أن تأهيل الحديقة وفتحها أمام الجميع، سوف يشكل فرصة لخلق مساحة عامة عصرية يعتاد الناس على الاختلاط فيها بطريقة حضارية.
لكن الحكم في النهاية للتجربة، كونها الحديقة شبه الوحيدة في قلب العاصمة، وسوف يقصدها الناس، وتســتدعي التفكير مرة جديدة بضرورة تأمين مساحات للنزهة المفقودة.

السابق
هل يؤدّي’فايسبوك’ دوراً سلبياً؟
التالي
هل اعتذر السقا من السيسي؟