محاكمة صحافيين بـ’تحقير’ محاكم دولية ليست الأولى

المحكمة الدولية

مثُل الصحافيان اللبنانيان اللذان اتّهمتهما المحكمة الخاصة بلبنان بتحقيرها للمرة الأولى أمام المحكمة أمس الثلاثاء. وفي جلسة الاستماع الأولى، نفى تلفزيون “الجديد” ممثّلاً بمديره ديمتري خضر، والصحافية كرمى خيّاط، التّهمة الموجهة إليهما.

ويرافع عن تلفزيون الجديد، والخيّاط، المحامي البريطاني كريم خان، وهو محامٍ دولي يتمتع بخبرة واسعة، سبق أن عمل مستشاراً لدى المحاكم الدولية الخاصة بيوغوسلافيا سابقاً، ورواندا، وتيمور الشرقية، وسيراليون.

وأعلن خان أنّ مرافعته هي ضد امتداد صلاحيات المحكمة الخاصة بلبنان لتطال قضايا التحقير. وهذا يعني أنّ الدفاع يعتبر أنّ دور المحكمة الخاصة بلبنان يقتصر حصراً على محاكمة المسؤولين عن اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري وعن قضايا الإرهاب المتعلقة به بين عامي 2004 و2005. ويشمل نطاق عمل المحكمة كذلك أي جريمة على صلة باغتيال الحريري ارتُكبت بعد عام 2005. ولكن لكي تقوم المحكمة الخاصة بلبنان بمحاكمة هذه الجرائم فعلياً، على الحكومة اللبنانية أن تطلب ذلك من مجلس الأمن بشكل رسمي.

ويصر الدفاع على ذريعة أنّ المحكمة الخاصة بلبنان لا تتمتّع بالسلطة لمحاكمة الصحافيين، وأن الدولة اللبنانية، لم ترسل على أثرها، أي طلب لمجلس الأمن لمحاكمة الصحافيين لنشرها قائمة الشهود المزعومين في كانون الثاني 2013، بل إنّ وحدة مشاركة الضحايا ومحامي الضحايا هما الجهتان اللتان لفتتا انتباه المحكمة الخاصة بلبنان الى قضية التحقير هذه.

إلاّ أنّه ووفقاً لقواعد الإجراءات والأدلة، يمكن للمحكمة الخاصة بلبنان أن تتهّم بتحقيرها من يتدخلون عن قصد ودراية بإدارتها للعدالة، كما تقتضي صلاحيات المحكمة وفقاً لنظامها الأساسي. ويشمل ذلك، بالإضافة الى أمور أخرى، قدرتها على اتهام أي شخص يفشي معلومات متعلقة بالمحاكمات السرية بانتهاك أمر أحد القضاة أو غرفة المحاكمة. فأسماء الشهود في قضية الحريري كانت بالتأكيد سريّة والصحافيون الذين نشروها يعلمون علم اليقين أنهم كانوا يجب أن لا يطلعوا الجمهور عليها.

في العادة، يُعتبر الطعن في نطاق صلاحية المحكمة قضية رابحة بالنسبة للدفاع. ففي حال قدّم الدفاع القضية بشكل ماهر، من المستحيل تقريباً ألا يفوز بها. ولكن في ما خصّ المحكمة الخاصة بلبنان، لم يحظَ بعد بأي ذريعة مناسبة لتحدي صلاحياتها. فقد سبق أن قام محامي الدفاع بالتعرّض لنطاق صلاحياتها عام 2012، في قضية عيّاش وآخرين، زاعماً أنّ المحكمة تأسّست بشكل غير قانوني، وانتهكت السيادة اللبنانية، ومارست صلاحياتها بشكل انتقائي، ولم تضمن حصول المتهمين على الحق بمحاكمة عادلة. حيث ردّت غرفة المحاكمة هذه الدعوى.

خبرٌ آخر لن يُفرح الصحافيين اللبنانيين، ومفاده أنّ مراسلين آخرين قبلهما غُرّموا بآلاف الدولارات لإفشائهم معلومات تُعتبر أقل سريّة بكثير وإطلاع الجمهور عليها. فمثلاً، اتهّمت المحكمة الخاصة بيوغوسلافيا سابقاً، الصحافي فلورنس هارتمان بتحقيرها وأصدرت به حكماً يقضي بدفع غرامة مالية تساوي 7000 يورو لنشره وثائق سرية متعلقة بمحاكمة الرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوسفيتش. وآخرون حوكموا بالسجن لترهيبهم الشهود أو محاولة رشوتهم.

أما المدّعى عليه الآخر، رئيس تحرير صحيفة الأخبار ابراهيم الأمين، فقد رفض المثول أمام المحكمة. وفي قضية الأمين، لم تستغرق جلسة الاستماع أكثر من نصف ساعة. حيث قال رئيس مكتب الدفاع فرنسوا رو إنّه يستطيع، لو طُلب منه، أن يُعين محامياً للأمين، ولكنّه غير مجبر على القيام بذلك. أما رئيس تحرير الأخبار فقد طلب في رسالة بعث بها الى المحكمة تأجيل جلسة الاستماع اليه لأنه لم يجد محامي دفاع يمكنه الوثوق به. وبالإضافة الى ذلك، اتهّم مكتب الدفاع بإهمال مساعدته على إيجاد محامٍ عنه. وقرّر القاضي تأجيل المحاكمة الى 29 أيار، بما أنّ رئيس مكتب الدفاع قال إنّ لا طائل من “تضييع المزيد من الوقت” على هذه المسألة.

                                      

 

السابق
بويز: وأنا أيضاً مرشح النفط
التالي
الشقيق السعودي؟