’النهار’: آخر الحوار رفضٌ للمسّ بالطائف والمناصفة

طاولة الحوار من دون متحاورين

كادت الكارثة البيئية التي ضربت منطقة وادي شحرور – بطشيه – بعبدا بفعل حريق هائل التهم مساحات شاسعة من احراجها وهدد منازل المواطنين تطغى على كل التطورات والاولويات وضمنها ما انتهت اليه آخر جلسات الحوار الوطني في عهد الرئيس ميشال سليمان وسط ارتفاع منسوب المخاوف من الفراغ الرئاسي وكذلك تصاعد الحملة على الزيارة المقررة للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي للاراضي المقدسة في فلسطين المحتلة. وفتحت الكارثة البيئية ملف التقصير في تمويل صيانة طائرات مكافحة الحرائق من نوع “سيكورسكي” التي قدمت للدولة قبل خمس سنوات ووضعت في عهدة الجيش خصوصا ان الحريق الكبير الذي امكن احتواؤه بعد ساعات مضنية من الجهود بدا نذيرا بسلسلة كوارث محتملة مع الشح الذي اصاب لبنان الامر الذي يتوقع ان يشغل جانبا من الاهتمامات الحكومية الطارئة في المرحلة المقبلة.

غير ان جلسة الحوار الاخيرة قبل نهاية ولاية الرئيس سليمان تميزت بمواقف بارزة لرئيس الجمهورية ولعدد من الاقطاب المشاركين فيها وإن يكن عقد المشاركين فيها شهد تناقصا اضافيا مع تغيب العماد ميشال عون عنها لاسباب وصفت بانها شخصية. واذ شكل البيان الختامي للجلسة جردة باهم ما اسفرت عنه كل جولات الحوار في عهد الرئيس سليمان ولا سيما منها “اعلان بعبدا” ومباشرة البحث في الاستراتيجية الدفاعية، برز تشديده على “تأكيد اهمية تطبيق اتفاق الطائف والحرص على المناصفة والعيش المشترك”، بما بدا رداً على ما اثير اخيرا من اتجاهات الى عقد مؤتمر تأسيسي جديد في ظل الفراغ المحتمل في رئاسة الجمهورية بعد 25 ايار الجاري. وقد اتخذ عدد من المشاركين في الجلسة مواقف حازمة من هذا الموضوع الذي وصفه الرئيس فؤاد السنيورة بانه “كلام تهويلي”، مشددا على “ان المسلمين لن يقبلوا اطلاقا بالخروج عن مبدأ المناصفة”، كما اكد الرئيس نجيب ميقاتي ان “الكلام عن مؤتمر تأسيسي مرفوض”.
وعلمت “النهار” ان مداخلة رئيس مجلس النواب نبيه بري في الاجتماع كانت لافتة وتوقف عندها المشاركون وخصوصا عندما قال انه يتكلم بأسم المسلمين شيعة وسنّة ودروزاً “ولو تعديّا” على من يمثلهم في الهيئة وأكد ان “لا رجعة عن مبدأ المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في كل الظروف”، وذلك في رد على تحذير الرئيس سليمان من مؤتمر تأسيسي يطيح هذه المناصفة. وقال بري مخاطبا سليمان: “لقد سمعت كلامك بالامس وانا اؤكد لك اننا لن نقبل الا بالمناصفة بين المسلمين والمسيحيين”. وأضاف ان “لا صحة لما يقوله البعض من انه لا يمكن قيام مجلس شيوخ قبل قيام مجلس وطني منتخب على اساس لاطائفي. على العكس هناك امكان لقيام مثل هذا المجلس على اساس اقتراح القانون الارثوذكسي في موازاة مجلس نواب وفق اعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة مع النسبية. وفي المجلسين سيكون هناك التزام للمناصفة”.
وسجل ايضا حرص رئيس “جبهة النضال الوطني” النائب وليد جنبلاط على الاشادة بالرئيس سليمان “الذي نجح في ان يبقى رئيسا لجميع اللبنانيين دون انحياز”. وقال: “سينصف التاريخ هذا الرجل لانجازاته ولرفضه اي مشروع تمديد وهذا يلتقي مع رئيس كبير هو الرئيس الراحل فؤاد شهاب”.

الراعي
على صعيد آخر، علمت “النهار” ان موضوع زيارة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي للاراضي المقدسة قد أثير على هامش مناقشات هيئة الحوار. وفي هذا السياق جدد البطريرك الراعي امس موقفه من هذه الزيارة وصرح لـ”النهار”: “انا ذاهب الى الاراضي المقدسة ليس لتكريس الاحتلال انما لاقول هذه ارضنا. انا ذاهب الى اورشليم القدس التي هي مدينة لنا والتي تقولون انكم تريدونها. انا ذاهب اليها لئلا تتكرس لليهود. انتم تريدون القضية الفلسطينية فانا ذاهب اليهم لاقول لهم نحن معكم والى جانبكم. اما ابناء كنيستنا فنحن ادرى بقضيتهم. الا تريدون الحفاظ على ارضنا المقدسة وعدم تهويدها؟ الا تريدون دعم القضية الفلسطينية؟ نحن سنذهب لنقول هذه ارضنا والقدس مدينتنا. فكفى مزايدات. هذا عيب”.

سفراء

على صعيد الاستحقاق الرئاسي، علمت “النهار” ان حركة السفراء العرب والاجانب المتعلقة بالاستحقاق نشطت امس. ففيما عاد السفير الاميركي ديفيد هيل من السعودية الى بيروت وسط كتمان، حرص السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري على أن يوضح في اوساطه انه لم يعد الى بيروت في مهمة او وساطة تتعلق بالانتخابات الرئاسية بل للتأكيد ان المملكة ليست غائبة عن التطورات اللبنانية. في الوقت نفسه كان لافتا امس ما أدلى به السفير الروسي الكسندر زاسبكين بعد زيارته وزير العمل سجعان قزي من ان المطلوب “التشاور وربما لن ينتهي هذا التشاور قبل هذا الموعد” في اشارة الى 25 أيار الجاري.

الجميل وحرب
وعلمت “النهار” ان رئيس حزب الكتائب الرئيس امين الجميل، وفي اطار المبادرة السياسية التي اعلن عنها امس لانقاذ الاستحقاق الرئاسي سيقوم خلال 48 ساعة بجولة على رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع ورئيس “تكتل التغيير والاصلاح” النائب ميشال عون ورئيس “تيار المردة” النائب سليمان فرنجية انطلاقا من ان هناك وثيقة تجمع الاقطاب الموارنة الاربعة انبثقت من لقاءات بكركي. وفي هذا السياق شدد الرئيس الجميل امام هيئة الحوار في قصر بعبدا امس على “ضرورة احترام المهل الدستورية”. من جهة اخرى تفيد معطيات ان الجلسة الانتخابية الثالثة غدا لن تكون مختلفة عن الجلستين اللتين سبقتاها وستمضي الامور على هذا النحو حتى نهاية المهلة الدستورية في 25 من الجاري ما لم تحدث مفاجأة.
وفي هذا السياق حذر الوزير بطرس حرب عقب لقائه امس رئيس حزب “القوات اللبنانية” من انه في حال خلو موقع الرئاسة “لن نقبل ان تنام الحكومة على حال الفراغ لممارسة صلاحيات الرئيس وتاليا ستكون ممارسة صلاحيات الرئيس في اضيق معانيها”. واذ اكد التنسيق والتشاور بين قوى 14 آذار في موضوع الترشح للرئاسة، قال: “لا يحق لاحد الترشح بمعزل عن الجو العام لقوى 14 آذار والا سنكون محكومين بخسارة المعركة”.

السابق
6 أيار عيد شهداء الصحافة
التالي
’السفير’: مؤشرات رئاسية سلبية