ابعد السياسة عن خط أنابيب النفط

اقترح اتحادنا، الاتحاد العالمي لعمال شمال أميركا بسبب التأخير المغيظ في مشروع خط أنابيب شركة كي ستون إكس إل، أن تتعلم إدارة أوباما دروساً من البحار بوبي في أفلام الكرتون، وتأكل بعض السبانخ. في النهاية تشير الحقائق إلى الموافقة الفيدرالية على خط الأنابيب. فبعد حوالي ست سنوات من التأخير وآلاف الصفحات من الأبحاث وخمسة بيانات عن الأثر البيئي التي تؤكد الحقائق وملايين التعليقات العامة، لا يزال خط الأنابيب الذي من شأنه توفير فرص العمل لآلاف الأميركان والمساعدة على ضمان المحافظة على طاقة الأمة، متوقفاً.
والحقيقة واضحة: إن التعقيد في السياسة، وهنا تأتي الشجاعة. لا يعتقد احد حقاً أن اعلان الإدارة في ذلك الليل من الأسبوع الماضي في يوم الجمعة العظيمة بأن خط الأنابيب سيؤجل من جديد، يمكن أن تكون له دوافع غير الدوافع السياسية.
وكان اتحادنا من ضمن الاتحادات التي دعمت حملة أوباما – بايدن مرتين، وواصلنا دعم الكثير من مبادرات الرئيس. ولكن ذلك لا ينفي حقنا والتزامنا بالتعبير عندما تفشل الإدارة بسبب السياسة في الوقوف من أجل فئات الشعب العامل والرجال والنساء الذين نمثلهم.
إنها ليست سياسة الشخص الواحد والصوت الواحد التي تميز تصرفات إدارة شركة كي ستون. وأثبتت استطلاعات الرأي العام بصورة منسجمة أن غالبية كبيرة تدعم المشروع، بينما لم يظهر استطلاع واحد أغلبية معارضة. وبدلاً عن ذلك فإن نوع السياسة الذي تدعي الإدارة أنه يترفع عن ذلك سيطر في نهاية الأمر.
بعد أن حقق توم ستاير رجل المليار دولار أرباحاً طائلة من خطوط النفط والفحم، خلال فترة طويلة، بدأ يحاول انقاذ كوكب الأرض عام 2012. ويبدو أن مدير شركات الاستثمار ومليونير وول ستريت كسب آذان مسؤولي البيت الأبيض والعديد من الديمقراطيين في مختلف انحاء الولايات المتحدة. وتعهد بانفاق 100 مليون دولار على انتخابات هذا العام في معارضة لنظام لكي ستون.
وضخم ستاير من خطاب البيئة الرامي إلى الحط من قيمة الأميركان الذين يبنون الأشياء بأيديهم. وتسلل الخطاب إلى أدبيات البيت الأبيض وبلغ الأمر حد تهكم الرئيس نفسه بالوظائف «المؤقتة» التي سيوفرها بناء خط الأنابيب.
وليس من المدهش تماماً أن يفشل ستاير في فهم اقتصاديات طاولة المطبخ الخاصة بخط الأنابيب أو قيمته بالنسبة لفئات الشعب العاملة. كما لا يفشل في فهم أن العمل في بناء الخط بطبيعته مؤقت، وأن الملايين من عمال البناء يعيشون حياة الطبقة المتوسطة، يمتلكون بيوتهم ويدخلون أولادهم إلى المدارس بالانتقال من وظيفة في مشروع بناء للاتحاد إلى وظيفة أخرى.
للأسف، التأخيرات التي لا داعي لها من الإدارة ونفوذ أمثال ستاير لا تقتل الوظائف فحسب: بل تقوض كذلك الحركة البيئية. ولا يعتقد أحد أن وقف كي ستون سيحل مشلكة تغير المناخ. ويتفق علماء البيئة المتبصرون أن الحل الحقيقي الوحيد هو التشريع الشامل لتغير المناخ في الولايات المتحدة والعالم أجمع. هذا هو فشل نشطاء البيئة – لقد استسلموا وتركوا النضال من أجل الحلول الحقيقية (والاتحاد العالمي لعمال شمال أميركا من أقوى داعمي ذلك) ولجأوا بدلاً عن ذلك إلى تبني هجمات مشروع بمشروع، وليس ضد كي ستون وحده، بل الغاز الطبيعي ايضاً وحتى ضد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في الكثير من الأحوال. وبفضل حث ستاير يبدو أن البيت الأبيض أصبح يتحرك بقوة خلف حملته اليائسة.
وعلى الرغم من أن القرارات السياسية قد لا تكون سهلة، فإننا نعتقد أنه لا يزال بإمكان الولايات المتحدة القيام بأعمال عظيمة، بما في ذلك إنشاء مشاريع عظيمة ترفع من مكانة بلدنا في العالم. ونعتقد أننا نستطيع القيام بذلك بطريقة ذكية وآمنة وعادلة للعمال والمجتمعات المحلية. ولكن من أجل القيام بذلك فعلى بلدنا في النهاية وضع تخطيط سليم قبل السياسة. وعلى الرغم من الجهود الرامية إلى اختطاف عباءة التقدمية أو محاولات أقصى اليمين جعل مسألة كي ستون كعائق، فإن تطور الطاقة ليس قضية اليمينيين أو اليساريين فقط. فتلك قضية مهمة لبلدنا ولنا جميعاً.
قبل عدة عقود نجح الأميركان في أقل من ربع الفترة التي أخرت خلالها إدارة أوباما نظام كي ستون، في بناء مبنى إمباير ستيت. ولن نتوقف خلال الفترة التي يجري فيها إنشاء نظام كي ستون، سننفق حوالي ذات الوقت في دراسته، كما استغرق إنشاء الخط الحديدي العابر للقارة (ترانسكونتننتال) قبل 150 عاماً.
إن كان من شأن ذلك التكهن بمستقبل أمن الطاقة للولايات المتحدة، فإننا في مشكلة أكبر مما ينذر به فشل نظام كي ستون. وسيحقق القليل من الشجاعة من الإدارة الأميركية الكثير من التقدم.

السابق
نظام الأسد واصل بصفة منهجية استخدام الأسلحة الكيميائية
التالي
مهددات الخليج: العطش وإيران والليبرالية…