مافيا عقارات في شقرا والجنوب: الفاسد يسرق المقاوم

شقرا
ثقافة الاستقواء بالانتساب الى حزب الله، على اعتباره حزب المقاومة، هي السائدة اليوم في مجتمعنا الجنوبي اللبناني. شقراء اليوم أنموذجا يمثلها "مافيا عقارات" جشعة، لا تجد من يقف في وجهها ويردّها لأنها مستقوية بقداسة المقاومة وتعدّ نفسها فوق القانون والمحاسبة. فتسرق الأراض العامّة والخاصّة، وتعتدي على الآمنين، وإن كانوا من "بيئة حزب الله"، بلا حسيب أو رقيب.

قبل أسبوع قام شخصان ممن يعرفون بتكوينهم “المافيا العقارية” في بلدة شقراء قضاء بنت جبيل، بضرب الدكتور الأستاذ الجامعي م.أ.، على خلفية دعوى قدّمها المعتدى عليه لتحصيل حقّه من هؤلاء المعتدين الذين استغلوا انتمائهم إلى حزب الله وبدأوا بشفط أراضي مشاع البلدة ومسحها وتسجيلها بأسمائهم بمعاونة مختاريهم الذين زكوهم ففازوا في الانتخابات البلديّة الأخيرة قبل خمس سنوات.

أما رئيس البلدة “المقاوم” والمحترم في عيون أبناء بلدته حتى أمدٍ قريب فأصبح أعجز من أن يقف في وجه هؤلاء وزبانيتهم. وهو بات في عيون أهل بلدته متواطئاً معهم رغم براءته من تحصيل “المال الحرام” و”الأرض الحرام”. ولم يشفع له انتماؤه لحزب الله وانخراطه في المقاومة منذ الاحتلال الاسرائيلي للجنوب… فلما حاول أمس إزالة مخالفة بسيطة لأحدهم في أحد شوارع “شقراء”، انفجر بركان الغضب الذي اعتمر في صدور الأهالي منذ مدّة، وتكاثر عليه أربعة أو خمسة شبان، أوسعوه ضرباً ولطما، ما اضطرّ أحدهم إلى إطلاق النار في الهواء كي يكفوا عنه ويتفرقوا.

وإذا أضفنا ما حدث قبل أيام من غزوة لمنزل رئيس تحرير موقع “جنوبية” الصحافي علي الأمين، والعمد إلى العبث بمنزله بوقاحة وبعثرة محتوياته، نستنتج أن بلدة شقراء الجنوبية التي كانت بحق تعتبر “منارة جبل عامل” كما أسماها المرحوم العلاّمة السيد عبد الله الأمين في كتابه، هذه البلدة فقدت أمنها، بعد أن فقدت الأمان الاجتماعي فيها، وفقدت القيم النبيلة التي طالما عُرفت بها والتي تأبى أن يتعرّض كرام البلدة وشرفاؤها لاعتداءات سافرة كما حدث ويحدث هذه الأيام.

إنه الفساد المالي الذي غزا عقول وجيوب مدّعي المقاومة والملتصقين زوراً بها بفعل انتمائهم إلى حزب الله. والذين يحاسبون الناس بحسب قربهم أو بعدهم من الخطاب السياسي للحزب وقائده، لا بحسب رجاحة عقلهم وشعورهم الإنساني، وأخلاقهم الحميدة. تلك المعايير سقطت، وأسقطها اليوم من يعتبرون أنفسهم قيّمون على الناس والعباد، ممن وكّلوا أنفسهم حقّ إعطاء التوجّهات السياسية والدينية لهم إلى أبد الآبدين.

شقراء اليوم حزينة، مكلومة، تأبى أن توصم بالفساد والجهل والتعصّب، تأبى أن تترك تاريخها وإرثها الديني والثقافي الذي طبعه مراجع وعلماء دين أجلاء مجدّدون خرجوا من رحمها طيلة قرون مضت. تأبى أن يطغى عليها اليوم ويمثلها “مافيا عقارات” جشعة. فتحكم بتأديب أصحاب الحقوق، وتصادر أملاكهم وتهددهم، والمؤسف ألا تجد هذه المافيا من يقف في وجهها ويردّها لأنها مستقوية بقداسة المقاومة وتعد نفسها فوق القانون والمحاسبة.

السابق
الحياة: عون يوحي بارتياح حيال الفوز بالرئاسة
التالي
الوطن السورية: توقعات للدعوة لانتخابات رئاسة الجمهورية الأسبوع المقبل