باسيل وآلين لحّود أقوى من جنيف ولاهاي وداعش

جبران باسيل وآلان لحود
خطف جبران باسيل وآلين لحّود الأضواء من غيرهم. ربما لأنّ الفكرة المسيحية لازالت "أقوى" في أسطورتنا المؤسّسة عن البلد الذي نعيش فيه، من انعدام الخيال بين داعش وجنيف مثلا والصراع السنّي – الشيعي. أو ربما العكس تماما، بمعنى أنّ المسيحيين "ارتقوا" من الواقع إلى شخصيات خيالية على هامش المشهد، تتراوح بين الغناء في فرنسا، والصراخ السوريالي للمطالبة بوزارة في بيروت، في حين أنّ خريطة المنطقة تتغيّر بشكل يومي ودراماتيكي وتاريخي.

يميل اللبنانيون، بالفطرة، إلى حنين مرضيّ نحو “لبنان المسيحي”. إن في السياسة، أو في “الصورة” التي نحبّ أن نحملها عن بلدنا. وفي الساعات الأخيرة كان اللبنانيون أكثر ميلا إلى صورة آلين لحّود في برنامجthe voice، وإلى كلام جبران باسيل عن أنّ “وزارة الطاقة ضمانة المسيحيين”، من ميلهم إلى متابعة أخبار “داعش في طرابلس” أو مؤتمر جنيف 2 أو المحكمة الدولية في لاهاي.

فقد تصدّر المشهد في لبنان خلال الساعات اﻷخيرة صورتان متكاملتان من جبران باسيل في بيروت إلى آلين لحود في فرنسا.

صوت لحّود، ابنة الفنانة الراحلة سلوى القطريب، أدهش لجنة تحكيم the voice، بنسخته الفرنسية. واشتعل لبنان، على الفايسبوك والتويتر وفي الإعلام التقليدي. كما لو أنّ لبنان فاز في كأس العالم لكرة القدم.

فرحة اللبنانيين بـ”إنجاز” لحّود تثير الشفقة. كلّ ما فعلته أنّ صوتها أعجب الحكّام الأربعة، وهذه ليست سابقة بل تتكرّر كثيرا في كلّ حلقة من حلقات هذا البرنامج، بنسخه المتعدّدة حول العالم.

الشفقة لأنّ اللبنانيين مفلسون من الإنجازات إلى هذه الدرجة الرثّة. وهذا لا ينتقص من روعة صوت آلين وجمال أدائها.

أما جبران باسيل فقد أعاد التقاط “شتائم” اللبنانيين بعدما أحيا، في لحظة غريبة، لغة مذهبية سخيفة لطالما ادّعى تياره العوني أنّه براء منها. فقد ربط “ضمانة المسيحيين في الشرق” بحصوله على وزارة الطاقة في الحكومة العتيدة.

كانت التعليقات حول آلين تتمحور حول أنّها تعبّر عن “لبنان الحقيقي”. وهذا ليس صحيحا. بل هي تعبّر عن لبنان الكذبة الذي نحب أن نصدقّ أنّه موجود. لبنان العظيم الذي يبهر الأجانب والغرباء ويثير تنافسهم لقبول رضاه، كما فعل الحكّام الأربعة إذ حاولوا استمالة آلين، كلّ على أمل أن تكون في فريقه. وبالطبع كان دافعها في الإشتراك بمسابقة فرنسية ليس وطنيا بل شخصيا. الهدف هو الشهرة والعالمية وليس في أيّ حال من الأحوال “رفع اسم لبنان عاليا” وسواها من جمل الإنشاء الرثّ.

وجبران باسيل هو الذي يمثل لبنان فعلا. شاب قوّته تكمن في زواجه من ابنة الزعيم ميشال عون. وهذا ما قدّمه على رفاقه والأكبر منه سنّا ونضالا في التيار العوني. وباسيل هو، لا آلين لحّود، من يمثل النظام السياسي المذهبي في لبنان.
الطريف أنهما، كمسيحيَّين، ألهما كثيرين لربطهما بلبنان. الأرجح على اعتبار لبنان  فكرة مسيحية أولا، مرتبطة بفرنسا والغرب. واللفت أنّ الضجة التي حصلا عليها تفوق بأضعاف ضجيج اختراع داعش في مدينة طرابلس، وبأضعاف الحديث عن مؤتمر جنيف 2 أو متابعة أخبار المحكمة الخاصّة بلبنان في لاهاي، بعد أكثر من أسبوع على بدء مرافعاتها.

ذلك يقول لنا إنّ المسيحيين، أو الفكرة المسيحية، لازالت “أقوى”، في الخيال التأسيسي للبنان، وفي أسطورتنا المؤسّسة عن البلد الذي نعيش فيه، من انعدام الخيال بين داعش وجنيف مثلا، أو من الصراع السنّي – الشيعي بين ستاركو وحارة حريك ولاهاي وعرسال والهرمل.

أو ربما العكس تماما، بمعنى أنّ المسيحيين “ارتقوا” من الواقع إلى شخصيات خيالية على هامش المشهد، تتراوح بين الغناء في فرنسا، والصراخ السوريالي للمطالبة بوزارة في بيروت، في حين أنّ خريطة المنطقة تتغيّر بشكل يومي ودراماتيكي وتاريخي.

السابق
المحكمة الخاصة بلبنان استأنفت جلسات الشهود
التالي
مؤتمرٌ سرّي لـ«فيلق القدس» جمع سليماني ونصرالله وبدر الدين