قرار هو العلقم.. لنوقف قتلنا اليومي بالضاحية

ضاحية
نكون في هدأة من العيش البطيء فنسمع صوتا اقرب ما يكون لقصف اسرائيلي ايام الاحتلال الصهيوني للجنوب. نهرع الى الشبابيك والنوافذ ونفتح التلفزيونات، ونشّغل الفايسبوك والواتس آب والتويتر علنّا نعرف أين مقتلنا الجديد. ما هو الحل؟ غير امتلاك قرار جرئ وقوي من صاحب موقف جريء وقوي. وان نتجرع العلقم كما تجرعه من قبل قياديين لهم قدرة على اقناع الناس بقرارهم؟ كيف؟

صارت حياتنا في ضاحية بيروت الجنوبية ورقة يانصيب. نخرج صباحا ولا ندري أنعود ليلا أم نلتقي وأحبتنا على المقابر أو في المستشفيات. أيام عصيبة تمرّ علينا، تأكل من اعصابنا، وتحرقها، وتوترنا، وتهلكنا، وتُميت الحياة فينا.

نكون في هدأة من العيش البطيء فنسمع صوتا اقرب ما يكون لقصف اسرائيلي ايام الاحتلال الصهيوني للجنوب. نهرع الى الشبابيك والنوافذ ونفتح التلفزيونات، ونشّغل الفايسبوك والواتس آب والتويتر علنّا نعرف أين مقتلنا الجديد.
نعرف كالبرق نتناول الهواتف، ونبدأ بالاتصالات والمساجات… من هاتف الى هاتف، من الخط العادي الى الخليوي.. من الواتس آب الى الفايسبوك… ننتعل أحذيتنا المنزلية، ونهرول نحو السيارات الى موقع الانفجار لنطمئن على أحبتنا… نشد على أعصابنا.. نقوى ونقوى ونقوى الى ان نعلم الخبر اليقين.
ننهار ارضا.. الحمدلله الجميع بخير. نجلس على الطريق عند أقرب رصيف… نبكي من فرحنا.. نبكي على حالنا… نبكي على أيامنا.. على اهلنا. صرنا آلات تحمل آلات وتسيّرها آلات.
توصيني أمي كل صباح عند خروجي من المنزل ان اتصليّ. لا تتركيني دون اتصال. لا تحمليني همكم. همنا؟ انا واحدة فقط. همنا يعني انه عليّ عندما يقع اي انفجار ان اتصل بالجميع، وان أهاتف الجميع، واعاود الاتصال بها بعد كل اتصال لأطمئنها. صرت (سنتراليست) العائلة. بت ضرورة لهم ويعود ذلك الى مركزيتي النابعة من عواطفي واهتمامي.
لا تساعدني هذه العواطف ابدا، بل تنهار بسرعة، وانا اتلقف ذلك بهدوء الى ان اطمئّن على الجميع فأشعر بتلف هائل للاعصاب.
انها دورة كاملة نعيشها منذ حرب تموز 2006.. منذ ان وصل الخليوي الينا. منذ ان اندلعت الحرب في عز التقانة.
ويكمل انهياري العصبي مع تصريحات السياسيين من على مسرح الجريمة، ومن على شاشات التلفزة، ومن على المنابر. لذا اقول لهم: ارجوكم بيعونا صمتكم.
من طوّر الاتصالات كان عليه ان ينسى تطوير الاسلحة. في حرب تموز اختبأنا في ملجأ البناء الذي نقطنه ليومين. لم نكن نعلم ان اسرائيل صارت قادرة على (هرّ) المبنى على رؤوسنا دفعة واحدة. واليوم يضربنا الارهاب في اماكن تحركنا. كما كانت اسرائيل تفعل. انهما لا يميزان بين الناس والمسلحين.. لا يميزان بين الاطفال والمقاتلين.
هل سيكون أحد أحبتي الضحية التالية؟ وكيف يمكن ان أجنبه السيارات؟ وما هو الحل بعد عدد من التفجيرات في الضاحية، والبقاع والشمال، وبيروت؟
ما هو الحل؟ غير امتلاك قرار جرئ وقوي من صاحب موقف جريء وقوي. وان نتجرع العلقم كما تجرعه من قبل قياديين لهم قدرة على اقناع الناس بقرارهم؟ كيف؟

السابق
نعم.. إيران تخلت عن برنامج نووي عسكري
التالي
المفاوضات حول فلسطين والفلسطيني غائب