عن هذا الكابوس!

لست ادري اذا كان عارفو الدكتور محمد شطح او بعضهم يدركون انه وضع منذ مدة دراسة متخصصة مستقاة من علمه الواسع وخبرته المتعمقة في البنك الدولي حول الثروة النفطية الموعودة في لبنان واجترح عبرها آليات ومقترحات لافادة مجموع الشعب اللبناني بعدالة شاملة بخيراتها بما يحقق للبنانيين رفع مستواهم الاجتماعي اسوة بالفوائد المرتجاة لمالية الدولة.

كانت هذه احدى حيثيات شخصية جمعت الى المراس الاقتصادي الحنكة الديبلوماسية وسعة الاطلاع والاستشراف السياسيين فغدا بحق احد قلة من راسمي الاستراتيجيات وقارئيها. لم يكن ادل على لمعيته في هذا الميدان سوى الحداد الحقيقي الصادق الذي غمر الصحافة اللبنانية برمتها وبكل اتجاهاتها غداة اغتياله حتى انه صار هو الآخر الزميل الشهيد لجميعنا في كل صحيفة لبنانية.
الدكتور محمد شطح لو قيّض له ان يسعفنا من فوق، حيث انتقل في صبيحة الجمعة الاسود الفائت، لخلته يقول كلاما غير كل ما قيل عنه وفيه وحتى عن مقتلته السوداء التي طبعت لبنان بأقصى ما يمكن ان يوصم به، عار قتل النخب. هو عار وطني ولم يكن محمد شطح اول النخبويين الشهداء وقد لا يكون آخرهم. لكنه درج على تناول الاحداث الضخمة والطارئة على غير ما نفعل جميعا هنا وهناك. ما كان يهتز لانفعال مهما كبر حجم الحدث بل يذهب الى “خياطته” وتفصيله برؤية اوسع من اللحظة المتوهّجة الملتهبة في ساعتها. لذا كان ثمة كثير من السوء ولو العفوي المتأتي من وجع الصدمة باغتياله، ان “يشكك” البعض في انه كان الهدف السهل فقط .
هذا الشهيد المنضم حديثا الى قافلة الشرف اغتيل لانه كان ما كان عليه لا زيادة ولا نقصان. وما كان عليه محمد شطح اودى به في بلد بات يدفن نخبه كما لو انها الضريبة الجهنمية لقصور النخب عن تولي قيادة المجتمع والدولة. اغتيل لانه محمد شطح وكفى، بما يعني ان قتلته كانوا اكثر المدركين والعارفين لما هو عليه والا لما شكّل طريدتهم .
يصادف ان يغتال مع محمد شطح شاب في غرة العمر هو الشهيد محمد الشعار. يصادف ان يغتال مع الشهداء الثمانية ايضا قلب بيروت الحديثة الناهضة. فهل كان اغتيال محمد شطح غير هذه الدعوة المقرونة بحكم الاعدام الاستباقي على كل من يخط مسارا مشابها لمساره؟ وبصرف النظر عن الظروف والوقائع السياسية المخيفة التي احاطت اغتياله، أفلم يغد محمد شطح الشهيد عنوان عار وطني اضافي في بلد يصدّر اولاده الى الخارج ويهرب من قصوره عن توفير الامن كما المستقبل؟ من تراه قادرا بعد على اقناع اللبنانيين بازاحة هذا الكابوس؟

السابق
سرقة جهاز الكمبيوتر الذي يحوي وثائق مهمة من سيارة الناطق بإسم اليونيفيل
التالي
حتى لا تحترق المكرمة بنيران الفتنة ..