محمد شطح: لا يمكن هزيمة العقل.. إلا بعبوة

محمد شطح
هو أحد عقول 14 آذار. واحد من محرّكات النقد اليومي. واحد من العقول في أيّام المجون السياسي. من ضغط على زناد قتله لا يريد ترك مكانٍ للعقل. وثمّة من يصرّ على استجلاب المنطق الداعشي. ثمة من أفرحته صورة الشيخ أحمد الأسير: هناك... في عبرا... من السهل اجتثاث الآخر بالحرب. أمّا العقل فلا يمكن هزيمته في الشارع.. إلا بعبوة: إلااا بعبوة.

القاتل أذكى من الحقد. في سلسلة الاغتيالات التي بدأت في العام 2004 بالوزير مروان حمادة، لم يكن القاتل حاقدا. كان دقيقا في اختياراته.

دائما كان يصيب دورا وليس شخصا. من رفيق الحريري الأخطبوط العربي والعملاق الدولي، إلى سمير قصير العقل المدبّر لانتفاضة الاستقلال، والحلم اليساري العربي، إلى وليد عيدو المحكمة الدولية، وبيار الجميّل النهضة الكتائبية، وجورج حاوي القيمة المقاوِمة في ثورة الأرز، إلى غيرهم الكثيرين، وسام الحسن العقل الأمني المتوازن، ضدّ إسرائيل والإرهاب، وصولا إلى محمد شطح.

القاتل يختار بعناية، يقتل الدور، ويغتال الفكرة.

يُجمِع الذين عرفوا شطح على أنّه دمث الأخلاق إلى درجة التواضع. لطيف إلى حدّ الحبّ بلا سبب. وهادىء في زمن مجنون. رجل يفتّش عن القواسم المشتركة باستمرار. رجل حواريّ. لم نسمع منه يوما شتيمة في تلفزيون أو نبرة جافّة في مقابلة. صوته رقيق. صوته لا يعلو. أفكاره تعلو فقط.

هو أحد عقول 14 آذار. واحد من محرّكات النقد اليومي. واحد من العقول في أيّام المجون السياسي. من ضغط على زناد قتله لا يريد ترك مكانٍ للعقل. وثمّة من يصرّ على استجلاب المنطق الداعشي. ثمة من أفرحته صورة الشيخ أحمد الأسير: هناك… في عبرا… من السهل اجتثاث الآخر.

الذي قتل الشهيد رفيق الحريري، وقتل وليد عيدو، وقتل وسام الحسن، يريد توضيح أنّ القاتل لا تخيفه صورة التطرّف بدل الاعتدال. بل إنّ القاتل، واعيا وقاصدا، يحبّ صورة الجولاني بدل الثورة السورية، ويفضّل الأحزمة الناسفة على رجال الحوار.

لأنّه مع التطرّف الناتج عن الغضب والإحباط، يمكن للقاتل أن يفوز في الفنّ الوحيد الذي يتقنه: فنّ الحرب. أمّا العقل فلا يمكن هزيمته في الشارع.. إلا بعبوة.

إلا بعبوة.

السابق
يوم تفجير عادي.. نحن أحياء لكن لسنا بخير
التالي
لحظة وقوع الانفجار مباشرة على الهواء