اللواء: لبنان في مرمى الشائعات الأمنية .. وطرابلس على فوهة بركان

كتبت “اللواء ” تقول: عاش لبنان امس يوماً ثقيلاً من الشائعات الامنية، من الجنوب الى البقاع، مروراً ببيروت، وصولاً الى طرابلس، التي بدت كأنها على “فوهة بركان” بعد تكرار حوادث اطلاق النار على مواطنين من جبل محسن، عمالاً او موظفين او تجاراً من المنطقة.
وفيما اكد وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الاعمال العميد مروان شربل لـ”اللواء” ان الحادث بحث في اجتماع في المديرية العامة لقوى الامن الداخلي، ومن كل جوانبه وملابساته، واتخذت الاجراءات اللازمة لتوقيف المتهمين به، والذين هم معروفون من قبل الاجهزة الامنية، كشف ان الوضع دقيق وصعب، ودعي مجلس الامن المركزي للاجتماع في الاسبوع المقبل لتقييم الخطة الامنية، وتحديد نقاط الضعف والقوة، واعادة النظر بالاجراءات المتخذة، بما يضمن تنفيذ الخطة الامنية على الوجه الاكمل.
وأدت الاشاعات الامنية الى ارباكات داخلية، بعد ان بثت وسائل الاعلام “ما وصفته بمعلومات” عن سيارات مفخخة في النبطية والهرمل.
ونفت قوى الامن الداخلي ان تكون سحبت عناصرها من الشوارع في النبطية، وان حزب الله استعاد تلك الحواجز.
وفي الهرمل، اعيد العمل بالحواجز المكثفة، وذكر ان وحدات من الجيش اللبناني اقفل الطرقات المؤدية من والى الهرمل، بعد رواج “شائعة” عن توجه ثلاث سيارات لتفجيرها في المدينة.
ونسب موقع “لبنان 24” الالكتروني الى شهود عيان ان عناصر من “سرايا المقاومة” جرى استقدامها الى جبل محسن، حيث انتشروا عند خطوط التماس مع باب التبانة، من ناحية مشروع الحريري – ساحة الاميركان، والحارة الجديدة – شارع سوريا.
وادرجت مصادر مطلعة “يوم الشائعات” بأنه يخفي اما تغطية على تفجيرات حصلت في الاسبوعين الماضيين واما تحضيراً لتفجيرات جديدة، وبالتالي التشويش على اية محاولة لاعادة احياء البحث بالملفات السياسية.
وتخوفت المصادر من ان يربط وضع لبنان الامني بالوضع في سوريا، في الفترة التي تفصل عن موعد جنيف -2 في ك 2 المقبل.
وعليه كان من المنطقي مع غياب الحراك السياسي نتيجة الظروف الاقليمية والدولية، ان ينشد الاهتمام نحو الاوضاع الامنية، لا سيما وان “البيئة” باتت حاضنة لمختلف الميول والاهواء والتيارات والاتجاهات، التي اخذت “تعصف” بالبلد وتعرضه لأخطار شتى.
ولعل ما حصل امس، في محيط السفارة السعودية في قريطم يعطي مؤشراً لمثل هذا النوع من الهلع والرعب الذي ساد نفوس اهالي طلاب مدرسة “الكوليج بروتستانت” القريبة من مقر السفارة، نتيجة “البلاغ الكاذب” من وجود عبوة ناسفة في احد المباني المحيطة بالسفارة، من دون ان يحدد “الاتصال المجهول” هذا المبنى، وكأنه كان يريد تعميم الهلع في المكان كله، وليس فقط استهداف السفارة، لا سيما وان المتصل طلب اخلاء المباني المحيطة بالسفارة، الى جانب عبارة “وعليكم الانتباه على الاولاد”.
ونتيجة لهذا الاتصال الذي ورد الى ادارة المدرسة، وسرّب الى الاعلام، سارع اهالي الطلاب الى الحضور فوراً الى المدرسة، محاولين ارجاع اولادهم الى المنازل، فيما عمدت ادارة المدرسة الى وضع الطلاب في مكان خاص آمن، الى حين حضور القوى الامنية مع خبراء متفجرات وكلاب بوليسية، وجرى تفتيش دقيق للمكان، من دون ان يعثر على شيء، ولاحقاً ارسلت ادارة المدرسة رسائل نصية على هواتف الاهالي لابلاغهم بان الوضع طبيعي وما من شيء يستدعي القلق، وان الدراسة ستستأنف.
لكن ما حدث كان كافياً لاحداث حالة بلبلة وتوتر، تشير المعلومات الى انها كانت مقصودة، لابقاء القلق سائداً منطقة قريطم، التي كانت قد اتخذت في محيط السفارة السعودية اجراءات امنية مشددة للغاية لحمايتها من استهداف ارتفعت أسهمه مؤخراً بعد التفجير الانتحاري المزدوج في محيط السفارة الإيرانية.
ولاحقاً سرت شائعات عن وجود سيارات مفخخة انطلقت من مجدل عنجر باتجاه البقاع الشمالي، الأمر الذي دفع عناصر الجيش والقوى الأمنية إلى تكثيف حواجزها ونقاط المراقبة تحسباً لأي طارئ ، فيما تحدثت المعلومات عن أجواء من الحذر تسود منطقة الهرمل.
وتزامنت هذه الشائعات مع معلومات ترددت بأن “حزب الله” طلب من القوى الأمنية استعادة الحواجز التي كان سلمها إليها في النبطية، خوفاً من دخول سيارات مفخخة إليها، ولكن المديرية العامة لقوى الأمن سارعت إلى اصدار بيان نفى هذه الرواية، مؤكداً بأن العناصر الأمنية تقوم بواجبها كاملاً في منطقة النبطية، وفي كامل المناطق اللبنانية الأخرى.

طرابلس: فوهة بركان
في هذا الوقت، كان الوضع في طرابلس يستعيد أجواء شبيهة إلى حد بعيد، بالتحضيرات التي كانت تجري قبيل انفجار أي جولة عنف جديدة، من الجولات الـ17 على محور جبل محسن – التبانة، لكن اللافت والخطير، ان هذه الإرهاصات باتت تستهدف ابناء الطائفة العلوية، خارج جبهات القتال، إذ سجل أمس اطلاق نار على أرجل أربعة أشخاص في منطقة الزاهرية، نقل أحدهم بحالة الخطر إلى المستشفى، بعد أقل من 24 ساعة على استهدف 3 أشخاص آخرين في مناطق متفرقة من المدينة، أعلنت “اللجنة العسكرية لأولياء الدم في تفجيرات مساجد طرابلس، مسؤوليتها عن اطلاق النار على هؤلاء، من جبل حسن، مؤكدة مضيها في الاقتصاص حتى محاكمة علي ورفعت عيد” بحسب ما جاء في البيان الذي تناقلته بعض المواقع الالكترونية.
ونتيجة لهذه الحوادث المرفوضة من عقلاء المدينة، توتر الوضع في التبانة وفي بعل الدراويش، حيث سمعت رشقات نارية، وتبين ان الاشكال بدأ مع رفع مناصري الحزب العربي الديمقراطي علم النظام السوري في جبل محسن، فرد شبان من التبانة برفع علم الثورة السورية، وحصل تبادل محدود لاطلاق النار، وحضرت عناصر من الجيش لتعزيز مواقعها في شارع سوريا، وسقط جريح للجيش خلال فض الاشكال بين المنطقتين وازالة الاعلام وأصيب بشظايا قنبلة.

لقاء سليمان – ميقاتي
أما في السياسة، فلم يسجل أي حراك لافت، باستثناء زيارة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي للرئيس ميشال سليمان في بعبدا، لإطلاعه على نتائج جولته التي شملت كلاً من أنقرة وباريس والدوحة، فيما استعاض الرئيس نبيه بري زيارته التي كانت مرتقبة لبعبدا باتصال هاتفي تم خلاله تقييم نتائج زيارته إلى طهران، في حين سجل أيضاً زيارتين للسفير الأميركي ديفيد هيل لكل من الرئيس ميقاتي ورئيس الحكومة المكلف تمام سلام، بقصد شرح السياسة الأميركية في هذه المرحلة، بالنسبة لمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل في المنطقة، سواء على صعيد السلاح الكيميائي أو الملف النووي الايراني، ناقلاً تطمينات بأن التوصل الى حل ناجح لهذه المسألة يمكن أن يكون له فوائد إيجابية لشعوب المنطقة والعالم، إلا أنه شدد على أن الولايات المتحدة لن تتجاهل أنشطة إيران لزعزعة الاستقرار في المنطقة، وسوف تستمر في مواجهة أنشطتها الارهابية وأنشطة وكلائها بما في ذلك “حزب الله” على حد تعبير السفير هيل بعد لقاء الرئيس ميقاتي.
إلى ذلك أدرجت مصادر سياسية مطلعة لقاء سليمان وميقاتي، في إطار التشاور بينهما، وأن رئيس الحكومة المستقيلة أطلع رئيس الجمهورية على أجواء محادثاته في كل من أنقرة وباريس والدوحة، ورغبته في زيارة عدد من دول الخليج. ونقل عن المسؤولين الذين التقاهم الحرص على دعم لبنان في كل المجالات، ولتقديم المساعدة في ملف النازحين السوريين بهدف تقاسم الأعباء معه.
وفيما لم يخرج عن اللقاء أي قرار يتعلق بإقامة مراكز مؤقتة لإيواء النازحين السوريين داخل الأراضي اللبنانية كبديل عن اعتراض السلطات السورية عن إقامة مخيمات داخل أراضيها، فهم من المصادر نفسها أن رئيس الجمهورية لا يمانع السير في هذا الطرح بعد دراسة كل النواحي المتعلقة به، وإمكانات نجاحه، مع التأكيد على عدم تعريض المواطنين السوريين لأي مخاطر، جراء الحرب الدائرة في سوريا.
وذكرت المصادر أن الفكرة لا تزال قيد الدرس، وأنه من غير المستبعد مناقشته في الاجتماع الدوري الذي يرأسه الرئيس سليمان ويخصص للبحث في ملف النازحين.

الحمدالله
وأعلن ميقاتي في مؤتمر صحافي عقده مع نظيره الفلسطيني رامي الحمدالله، الذي بدأ زيارة للبنان للاحتفال اليوم الجمعة بيوم التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني في بيت الأمم المتحدة أن لبنان بدأ يتلقى الهبات للصندوق الائتماني الذي اقترحه البنك الدولي لدعم لبنان، مشيراً الى أن هذا الصندوق لا يتعلق بالنازحين السوريين فقط، بل يتعلق بلبنان والبنى التحتية والاقتصاد اللبناني للتعويض عما أصابه جراء النزوح السوري، والآثار السلبية لانعكاس الأزمة السورية على الاقتصاد اللبناني.
أما الحمدالله فأكد بدوره أن المخيّمات الفلسطينية تخضع للسيادة اللبنانية، وأن الرئيس الفلسطيني محمود عباس يؤكد على هذا الموضوع باستمرار، وإذا حصلت بعض التجاوزات، فبالتأكيد هي تجاوزات فردية ولا تمثل المجموع الفلسطيني.

التجسس الاسرائيلي
وعلى صعيد آخر، جاءت الجلسة المشتركة للجنتي الإعلام والخارجية بناء على طلب من رئيس المجلس النيابي تحت عنوان إطلاع المجتمع الدولي على التجسس والتنصت الإسرائيلي المستمر على لبنان على الحدود وفي الداخل.
ورأت المصادر المشاركة أن مجرد وجود ممثلي هذا المجتمع تحت قبة البرلمان، هو تثبيت للعدوان على أن تبدأ لاحقاً خطوات التصدي ، بتقديم اللجنة الفنية المكلفة من الحكومة توصياتها الفنية حول حجم التنصت وتوزيعه بعد ان تبين لها شمولية الإعتداء ليطال السياسيين والديبلوماسين وقوات اليونيفيل والمواطنين على حدٍ سواء، أما سياسياً، ستتقدم وزارة الخارجية بشكوى إلى مجلس الامن، بالإضافة إلى مذكرة للامين العام للامم المتحدة، وعلى جبهة الاتحاد الدولي للاتصالات ستكمل الجهة المعنية في وزارة الاتصالات عبر ممثلها وضع الإتحاد في المعطيات المتوفرة”.
وأكدت المصادر النيابية، ان هذا الإعتداء هو بمثابة خرق صارخ للمواثيق والأعراف والقرارات الدولية وإعتداء على السيادة اللبنانية. يذكر أن الجلسة عقدت في القاعة العامة لمجلس النواب في حضور 27 سفيرا وممثلا للبعثات الديبلوماسية المدعوة الى الجلسة وفي غياب السفير الأميركي، وإقتصر فيها النقاش على عرض تقدمت به اللجنة الفنية المكلفة حكومياً مكتوب ومرئي لحيثيات واقعة التنصت والتجسس.

تعمير عين الحلوة
وفي تطور أمني لافت، حصل اشتباك ليلاً في محلة تعمير عين الحلوة بين عناصر من “فتح” وأخرى من “جند الشام”.
وذكرت مصادر فلسطينية لـ “اللواء” أن الخسائر اقتصرت على تضرر عدد من السيارات والمحال التجارية.
وعلم أن إطلاق النار جرى بين عناصر من “فتح” بقيادة العميد “العرموشي”، وأخرى من “جند الشام” وعلى رأسها هيثم الشعبي، أثناء محاولة دخولهم مخيم عين الحلوة.
وعملت القوى الفلسطينية على معالجة ذيول الحادث لمنع تفاقم الأوضاع.

السابق
المستقبل: ارتفاع التوتر في طرابلس جمهورية الخوف
التالي
الشرق: لبنان بانتظار التسوية الكبرى لرسم معالم الشرق الأوسط الجديد