النهار: الاغتيال يعرّض طرابلس وخطّتها الأمنية للسقوط

كتبت “النهار ” تقول: العنف في طرابلس اتخذ شكلا جديدا امس، وفتح الباب على اسقاط الخطة الامنية، واقفلت المدينة أبوابها في وجه من لا يوافقها في السياسة، فاغتيال عضو “جبهة العمل الاسلامي” الشيخ سعد الدين غية القريب من “حزب الله” برصاصتين قرب منطقة البحصة، أُهمل في بيان كتلة “المستقبل” النيابية، فيما نعاه الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله ووصفه بـ “المجاهد المقاوم”. وانتقد “المستقبل” من غير ان يسميه “فهذه الحادثة مدانة بشدة، لكن أياً تكن تعابير الإدانة والاستهجان والاستنكار، ماذا يمكن أن تقدم أو تؤخر، اذ هناك قوى سياسية تدّعي الحرص على الأمن والسلامة وأمن اللبنانيين وسلامة اللبنانيين وكتل نيابية أساسية، حتى هذه اللحظة تجاهلت هذا الاغتيال الصباحي وكأنه ليس موجوداً على الإطلاق”.
وهذا التباعد انعكس ايضا على زيارة الرئيس ميشال سليمان للسعودية، ففيما افادت مصادر قصر بعبدا ان الرئيس لمس من المسؤولين السعوديين استعدادا للوقوف الى جانب لبنان، وللمساعدة في ملف اللاجئين السوريين، من دون البحث في استحقاقي رئاسة الجمهورية وتأليف الحكومة، وأملت كتلة “المستقبل” ان تكون الزيارة بوقائعها ونتائجها ودلالاتها، محطة اساسية على طريق تعزيز بناء الدولة وتطبيق القانون ودعم المؤسسات الرسمية الامنية والسياسية، ركز إعلام قوى 8 آذار على ما اعتبره “الجانب السلبي” من الزيارة. ورأت مرجعيات ان حضور الرئيس سعد الحريري اللقاء مع العاهل السعودي انتقاص من الرئيس سليمان.
وبثت قناة “المنار” التابعة للحزب ان “الحفاوة السعودية في الاستقبال لم تخل من الرسائل السياسية. وفي التفاصيل مفاجأة ملكية طالعت سليمان لدى دخوله القاعة حيث الملك عبد الله في انتظاره، كان رئيس الحكومة السابق النائب سعد الحريري دون تنسيق مسبق، بل ان طريقة جلوس الاخير كانت مدروسة من خارج اي بروتوكول”. وأضافت ان ما سمته الرسالة السعودية مضمونها هذا الرجل هو من نعترف به حكومياً.
ولم تعترض مصادر في 14 آذار على هذه القراءة بل قالت ان الرئيس الحريري استعاد المبادرة من خلال الدعم السعودي الواضح للخط السياسي السيادي الذي يعتمده فريق كبير من اللبنانيين.
وفي أجواء التشدد التي لا توحي بأمل في تأليف مقبل للحكومة المرتقبة، سرت شائعات في بيروت عن ان الزيارة للسعودية ربما دعمت خيار الرئيس سليمان مع الرئيس المكلف تمام سلام عدم الانتظار الى ما لا نهاية والاقدام على تأليف حكومة أمر واقع، مما استدعى ردا عاجلا من رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد جاء فيه “ان الحكومة لن تؤلف من دون المقاومة، واذا تشكلت فسيبقى البلد معطلا ولن تستطيع ان تحكم”.

الزيارة الرئاسية
وحصلت النهار” على معطيات ووقائع من الزيارة الرئاسية وما سجّل فيها من مواقف وما انتهت اليه من نتائج على النحو الآتي:
– في ما يتعلق بملف اللاجئين السوريين الذين يزداد عددهم باستمرار، طرح الرئيس سليمان خلال لقائه العاهل السعودي ما جرى في نيويورك من تحرك دولي لمؤازرة لبنان في تحمل أعباء ملف اللجوء فكان جواب الملك عبد الله ان لبنان ليس في حاجة الى الحصول على دعم المملكة بطريقة غير مباشرة لانها مستعدة لتلبية طلباته مباشرة، وهي قررت وباشرت دعم النازحين السوريين وستستمر في تقديم المساعدات. ووجه الملك سؤالا الى وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل عن تفاصيل ملف السوريين في لبنان فأدلى الاخير بما لديه من معطيات.
– في ما يتعلق بالازمة السورية، كانت مداخلة طويلة للملك سأل فيها عن تورط “حزب الله” في الصراع وتساءل كيف يسمح للحزب بالذهاب الى سوريا، داعيا الى ارجاعه الى لبنان لأن هذا التورط يضّر بلبنان ومشددا على وجوب اتباع سياسة النأي بالنفس. وهنا رد الرئيس سليمان مبرزا أهمية اعلان بعبدا الذي اعتمده لبنان بالاجماع الى طاولة الحوار. وأبدى الملك اهتماما بموضوع الحوارعلى اساس اعلان بعبدا، فما كان من الرئيس سليمان الا ان أكد سعيه الدؤوب من اجل معاودة الحوار.
كما كان توضيح من رئيس الجمهورية في شأن منع “حزب الله” من التدخل عسكريا في سوريا، مشيرا الى تداعياتها اذا دخل الجيش اللبناني في مواجهة على هذا الصعيد. وقد ساند الرئيس الحريري الرئيس سليمان في طرحه. وهنا أعرب الملك عبد الله عن تألمه لمشاهد الاطفال الذين قتلوا في قصف تعرضت له مدرسة مسيحية في دمشق. وتساءل: “ما ذنب هؤلاء الاطفال لكي يقتلوا؟ ولا يفيد هنا الكلام عن قاصف ومقصوف”. وأكد الملك ان لا حل في سوريا اذا لم تتوقف آلة القتل. بينما شدد الرئيس سليمان على الاعتدال الاسلامي – المسيحي، قائلا إن الحلول يصنعها المعتدلون.
– عن مشاركة الرئيس الحريري في لقاء رئيس الجمهورية والملك عبدالله، دخل الرئيس سليمان مكان اللقاء وكان الرئيس الحريري في القاعة، فتصافح الجميع ولما انتهت المصافحة طلب الملك من الجميع الجلوس بمن فيهم الحريري الذي شارك في اللقاء.
– في ما يتعلق بلقاء الرئيس سليمان والرئيس الحريري، فقد تخلله عرض من رئيس الجمهورية شدد خلاله على أهمية قيام حكومة جامعة خصوصا انها ستكون المؤهلة لملء الفراغ إن وصل لبنان الى الاستحقاق الرئاسي ولم يتمكن من انجازه. وقال الرئيس سليمان في هذا الصدد: “ان حكومة تصريف الاعمال أمضت اكثر من سنتين في السلطة ولم تفعل شيئا. وتاليا فان الحكومة الجديدة التي لن تبصر النور قبل نهاية كانون الثاني او الأول من شباط المقبل لن يبقى امامها سوى القليل من الوقت قبل الانتخابات الرئاسية”. وخاطب الحريري قائلا: “سواء تشكّلت الحكومة وفق صيغة 9-9-6 او وفق أي صيغة اخرى من المهم ان تكونوا جزءا منها”. فكان جواب الحريري ان لا مشاركة في الحكومة قبل انسحاب “حزب الله” من سوريا.
وقال مواكبون لزيارة الرئيس سليمان للسعودية إن أهمية هذه الزيارة انها فتحت أبواب المساعدات من المملكة للبنان لتحمل أعباء اللاجئين السوريين. أما في ما يتعلق بتشكيل الحكومة، فبدت الابواب موصدة على خلفية الحوار بين سليمان والحريري. وفي الوقت نفسه سيجري تحريك ملف الحوار بعد عيد الاستقلال في 22 تشرين الثاني الجاري.
ورأى هؤلاء ان الضجة التي أثيرت حول مشاركة الحريري في المحادثات مع العاهل السعودي لا تعني رئيس الجمهورية بشيء ذلك ان وجود الحريري وهو نائب ورئيس أكبر كتلة في مجلس النواب ورئيس حكومة سابق، أمر له أهميته بمعزل عن الهدف السعودي من دعوته الى مكان اللقاء قبل وصول الرئيس سليمان.

السابق
أم المعارك في جنيف
التالي
السفير: السعودية على تشدّدها لا حكومة