حوارٌ عاجلٌ من أجل طرابلس

أيّاً تكن التطوُّرات داخل سوريا وعلى طريق جنيف – 2، أو على الأوتوستراد الجديد بين واشنطن وطهران، أو بين سيناء ومصر الجديدة، تبقى طرابلس الفيحاء هي القنبلة الموقوتة القابلة للانفجار لدى أوّل دعسة ناقصة.

ويبقى نزفها الدائم منذ أشهر بلا انقطاع قابلاً للتحوّل نهراً من الدماء والدموع ينافس في طوَفانه نهر أبي علي.

كثيرة هي التحاليل الخنفشاريَّة، والتصريحات التي لا تختلف عن عَلك الصوف، وكُثُر هم الذين يسعون للعَوم فوق رُكام عاصمة الشمال وعلى حساب أوجاعها وجروحها، إلا أنها تكاد تكون وحيدة بكل معنى الوحدة في هذه المحنة القاسية التي تعيشها… والتي تكاثر المتاجرون بآلامها ومآسيها.

وحيدةٌ، هي وشعب مسالم عريق في لبنانيّته ووحدويّته، وعروبته، ووفائه للقضايا العربيَّة الكبرى، وفي مقدّمها فلسطين التي تعرفت إلى أوَّل وجه قائد لبناني شهَر سيفه دفاعاً عنها، فكان فوزي القاوقجي.

بيروت هادئة الآن، وماشي الحال. ضاحية “حزب الله” لا تزال محافِظة على دويلتها ونفوذها، وجهوزيّتها.

المداخل البريّة والجبليَّة من شرقية وشمالية، لا تزال تحافظ على الحدّ الأدنى من الهدوء النسبي… في انتظار جلاء الغبار الكثير المحيط بالوضع السوري، و”النتيجة” المنتظرة لطلب المصاهرة والقرابة الموضوع قيد البحث والتدقيق بين ملالي طهران، وأساطين واشنطن.

وإذا كانت الأَفعال بالنيّات، كما تقول الأمثال العربيَّة، فإن أموراً كثيرة ستكون قيد التغيير والتبديل على صعيد العلاقات بين واشنطن أو “شيطان” الأمس وإيران من جهة، وبين البيت الأبيض و”بيت النفط والغاز والمال” في المملكة العربيَّة السعودية ودول الاتحاد الخليجي بصورة عامة…

الحروب اللبنانيّة تبدأ عادة، ومنذ 1860، بحادث أقل من عادي كخلاف بين أولاد حول لعبة أو “طابة”، أو أكثر من استثنائي كحادث بوسطة عين الرمانة، أو ما أصبح من عاديَّات طرابلس ويوميَّاتها كتبادل التقاصف بين بعل محسن وباب التبّانة. وأحياناً من باب التسلية، أو لمجرد التعكير.

مع إضافة جديدة تحتوي عنصراً تفجيريّاً جاهزاً، كإصدار مذكّرة توقيف في حقّ هذا المتّهم “العصيّ” على القانون وعلى الدولة و”سلطاتها”، أو توقيف متّهم بتفجيرين هزّا طرابلس.

من هنا يبدي عُقلاء الفيحاء وجوارها ومحبُّوها قلقهم الشديد، وخصوصاً في هذه المرحلة شبه الانتقاليّة، أو الانقلابيَّة، والتي ليس في الإمكان تقدير حجمها ونتائجها وذيولها سلفاً.

وتلافياً للمحظور والمحاذير معاً، يلتقي الجميع على دعوة الرئيس ميشال سليمان لاتخاذ خطوة عاجلة في اتجاه عاصمة الشمال، وجمع شمل أركانها وقياداتها حول طاولة حوار مفتوحة وصريحة في القصر الجمهوري. وعاجلاً لا آجلاً.

السابق
كيف تورط وزير الخارجية الإيراني؟
التالي
مَن يُنفِّذ مذكّرة توقيف علي عيد؟