العرقوب 1: منطقة محرومة.. تحتضن لاجئين سوريين

التهجير في شبعا
في هذا الملف عن قرى العرقوب، نحاول أن نفتح جرح القرى المنسية كما لو عقابا مزدوجا. تلك القرى التي كانت "فتح لند" واحتضنت ثوار فلسطين، جاء التحرير في العام 2000 وأهملها لأنّ معظم أهلها مختلفين سياسيا. والآن تحتضن ثوّار سوريا وتدفع الثمن. هنا حلقة أولى تعريفية.

حين تسمع بمنطقة العرقوب، يتبادر الى ذهنك تلقائيا الشموخ والصمود. فهي المنطقة الجنوبية التي يبسط راحته عليها جبل الشيخ، على مثلث استراتيجي بين حدود لبنان وسوريا وفلسطين.

منطقة منسية على الصعد كافة. منها انطلق العمل الفدائي الفلسطيني. وهي التي دفعت دوما ضريبة عروبتها ووطنيتها والتزامها القضية الفلسطينية دما ولحما حيا.

في تجوال في قرى العرقوب تخال نفسك تعانق السماء. تقف في أعالي جبل الشيخ حيث ترسم شبعا وأخواتها كفرشوبا والهبارية وكفر حمام لوحة طبيعية خطها التاريخ ورصعها الله بأجمل موقع.

في كفر حمام الهدوء ملجأ لمن أراد الاستجمام والراحة النفسية. نسيم عليل يداعب عرائش عنب عصر خمرا يهدئ ضجيج الروح. وحين تمر في كفرشوبا، رغم طرقها الضيقة، كأزقة للتنقل على البغال، بفعل غياب الإنماء واهتمام الدولة، إلا أنك تلاحظ طيبة أهلها و صدورهم الواسعة ترحب بالزائرين وتستقبلهم بكرم. فلا تمر بجانب رجل أو امرأة إلا وتكون كلمة “تفضلوا” هي فاتحة الكلام.

أيضا هي منطقة سياحية بامتياز لكن السياحة ومشاريعها غائبة عنها تماما.

أما شبعا، تلك القلعة القابعة في أعالي العرقوب، في طريقك إليها تظن إنك تتسلق الفضاء: حصن عال لا يراه إلا داخله حيث الجبال والهضاب تلتف حولها لتحميها. في شبعا طريق واحدة تكاد لا تتسع لسيارة. هناك تجوب بسيارتك والمنازل المبنية على جانبي الطريق تبدو كأقواس نصر ترحب بالزائرين. أما مزارع شبعا فلا تحتاج لمن يتحدث عنها. إنها أسطورة هذا القرن وهي التي اغتصبت من عدو تلقن في العرقوب دروسا لن ينساها.

كلما حادثت عرقوبيا يبدأ الكلام بشكواه من عدم اكتراث الدولة ومؤسساتها بتلك المنطقة. لسان حال الأهل يقول: لماذا هذا الإجحاف بحقنا: البنى التحتية غير مؤهلة، الطرقات ضيقة جدا، المياه نكاد لا نراها إلا في الشتاء أما الكهرباء فكأنها من الغرائب.

رغم ظلم الدولة وإهمالها، يجهد أبناء العرقوب وفاعلياتها، وبالتحديد رؤساء البلدياتـ في تفعيل المشاريع الإنمائية والسياحية قدر المستطاع. لجذب الأنظار الى منطقة نسيتها الدولة. فمنذ قيام كيان العدو الصهيوني في فلسطين، ما زالت المنطقة تدفع ثمن شهامتها. كأنه لا يكفيها ما دفعته في مواجهة العدو الإسرائيلي. وها هي اليوم تبادر من تلقاء ذاتها فتتقاسم خيراتها بين أبنائها واللاجئين السوريين الذين لجأوا إليها هربا من قتل النظام السوري. فاحتضنت شبعا أكثر من ٥٠٠ عائلة سورية لجأت من بيت جن في ريف دمشق عبر معابر جبلية وعرة. وكفرشوبا تحتضن أكثر من ١٠٠ عائلة لاجئة.

في الجزء الثاني غدا: غدا حوار مع رئيس إتحاد بلديات العرقوب الحاج محمد صعب

السابق
فرنسا تعلن مقتل اثنين من رعاياها في الهجوم على مركز التسوق في نيروبي
التالي
الكيماوي… والتخلّي عن السلاح الاستراتيجي