بروكسل لم تفاجئ حزب الله

حتى ساعات المساء الاولى استمر اجتماع قيادي رفيع لـ"حزب الله" والذي تلا تسريب خبر الموافقة الاوروبية على القرار في اولى ساعات الظهيرة. لم يرشح الكثير عن المجتمعين فرفض الاتهام بشدة في بيان كان يجب ان يصدر بعد انتهاء الاجتماع يوصل الى النتيجة نفسها بعد انتظار رؤية نص القرار الاوروبي وبنودها ودراستها وتحليلها قانونياً وسياسياً. حزب الله يدرك حتى ما قبل اعلانه الانخراط في القتال السوري انه مستهدف ولكن استهدافه هذه المرة مرفق بحصار سياسي واعلامي لعزله وخنقه، فلم تكن الحملات العنيفة الاسرائيلية والاميركية التي شنت عليه بعد الاعلان عن تفجير حافلة بورغاس وصولاً الى تألّب نتيجة التحقيقات بين تورط عناصر منه او عدمه سوى مقدمات لتحقيق الرغبة الاسرائيلية بوضعه على لائحة المنظمات الارهابية وملاحقته اينما وجد على الكرة الارضية كما انها ليست وليدة الاعوام الثلاثة الماضية بل تعود الى ما قبل الـ2000 ومن عدوان نيسان في العام 1996 بعدما اجبر العدو على القبول بتفاهم نيسان الذي كرس امن الجنوبيين بمعادلة رد العدوان بالصواريخ والذي كان انتصاراً مدوياً للرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي عرف كيف ينتزع هذا التفاهم. الحصار الاميركي والاسرائيلي والاوروبي تكثف على "حزب الله" بعد الانسحاب الاسرائيلي من لبنان في العام 2000 حيث فشل الاسرائيليون مرة ثانية في ترتيب مرحلة ما بعد الانسحاب كما يشتهون بل رفضت المقاومة عروضاً كثيرة لترك السلاح او وقف العمليات ضد اسرائيل الى ان جاء عدوان تموز في العام 2006 الذي دمر لبنان بحجره وأتى على البنى التحتية والمساكن واوقع مئات الشهداء وآلاف الجرحى الا ان المقاومة وشعبها لم ينكسرا وبقيا صامدين.
ما المح اليه الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله في اطلالته بذكرى المقاومة والتحرير في 25 ايار الماضي وتنبيهه الاتحاد الاوروبي من مغبة الانصياع لهذا التوق الاسرائيلي لوضع الحزب بأجنحته كافة على لائحة الحظر الدولية بعد حظر اميركي سياسي واعلامي واقتصادي ومالي في اميركا وافريقيا وما لهذا الانصياع من محاذير ومنها تضرر مصالح اوروبا السياسية والاقتصادية في المنطقة وافساد علاقتها بالشعوب وطبعاً من دون المس بقوات اليونيفيل حيث حرص حزب الله طيلة الاعوام السبعة الماضية على تجنب الاصطدام معها رغم انحياز جزء من تشكيلاتها في اكثر من مناسبة لمصلحة الاسرائيليين كما لا ينسى الجنوبيون الدور الانساني والاجتماعي والرعائي والتعليمي والاكاديمي والخدماتي لليونيفيل الايطالية والفرنسية والاسبانية لقراهم واطفالهم ومدارسهم.
لم تنطلق تصريحات السيد نصرالله ونوابه وكوادره في الاشهر الثلاثة الماضية حول عزله وحصاره من فراغ او عدم بل من معطيات توفرت لقيادة الحزب من اكثر من مصدر وعلمت بالحراك الاوروبي والفرنسي والبريطاني تحديداً قبل 4 او 5 اشهر فتركزت محاولات الضغط على السلطات البلغارية للخروج باتهام واضح للجناح العسكري لحزب الله في تفجير حافلة بورغاس الا ان البلغاريين لم ينجحوا في الاتفاق على صيغة واضحة لهذا الاتهام، لكن المساعي تواصلت لاصدار القرار الذي خرج به اجتماع الاتحاد الاوروبي امس. انتظار صدور القرار كاملاً وبنوده وآلياته التنفيذية وتحديد الجهات السياسية داخل الحزب او اسماء بعينها وما سيشمل من منع سفر وتجميد اصول وملاحقة عبر الانتربول وما الى ذلك من الاجراءات كلها ستدرسها قيادة الحزب بتأن مع تأكيدها ان الحزب كتلة واحدة لا تتجزأ فلا فصل بين عسكري وسياسي.
الربط بين دعوة نصرالله الى الحوار في اطلالته الجمعة الماضية وما سبقها من مبادرة للرئيس بري الى التخلي عن الثلث الضامن وحصر التفاوض مع الرئيس المكلف بالوزراء الشيعة الخمسة اعتبر كأنه امتصاص داخلي لمفاعيل القرار الاوروبي الذي ستكشف طريقة تطبيقه والحدود التي سيعمل عليها وانعكاساته على الاستحقاق الحكومي ومشاركة حزب الله والشراكة مع اوروبا وغيرها من القضايا المشتركة. وواقعي القول ان حزب الله يشعر انه امام جولة صراع سياسي جديدة ليست الاولى ولن تكون الاخيرة وهو ككل مرة الضربة التي لا تقتله تقويه والايام المقبلة كفيلة باعلامنا عن كيفية سير الامور.

السابق
نقولا: قرارالاتحاد الاوروبي لن يؤثر على التحالف بين التيار الوطني الحر وحزب الله
التالي
مسؤول كنسي