8 آذار: نهاية حلف شجاع

اذا كان العماد ميشال عون يريد ان يحافظ على حيز خاص في كتلة 8 آذار الاقليمية المحلية، فذلك لانه يريد ان يقف على مسافة من تدخل حزب الله في سورية وانخراطه في حرب لا يرى العماد عون صالحا له او للبنان فيها. هو تململ عوني لن يصل بطبيعة الحال الى مرحلة الانفكاك عن 8 آذار التي تشكلت بقرار اقليمي ولن تتفكك الا بتطور اقليمي كبير يتجاوزها. التحولات من هذا النوع تحتاج الى وقت، هذا ما يدركه الجنرال، فالصورة لم تزل ضبابية من الناحية الاقليمية، واي خروج عن التحالفات الاستراتيجية في مثل هذه اللحظات المصيرية هو خروج غير محمود، لا بل خطير على صاحبه، امنيا في اقل الحدود. فضلا عن ان المشهد السياسي لم يتضح بعد. ففي لحظة الاوراق المخلوطة، من الغباء الانتقال من ضفة الى اخرى.

لكن اقدام حزب الله على التدخل في سورية من دون استشارة حلفائه، وخوضه معركة القصير، والمباشرة بمعركة حمص مجددا، اتاحت لهؤلاء الحلفاء هامشا في التحرك الداخلي. لكن هو بالتأكيد دون الانقلاب على صيغة الثلث المعطل في الحكومة، ولا الخروج على ثوابت 8 آذار. فلا حكومة من دون ثلث معطل، هذا قرار ايراني-سوري لايستطيع اي من اركان 8 آذار التلاعب به. لا الرئيس بري ولا العماد عون. لأنه موضوع يتصل بقرار لبنان الرسمي الذي يجب الا

ينتقل الى اي صيغة حكومية ليست لحزب الله او حلفائه القدرة السياسية والقانونية على اسقاطها اذا ارادوا ذلك.

الثلث المعطل اكثر الحاحا، خصوصا ان حزب الله يستشعر ان قراره، او الذي الزمته ايران بتنفيذه، قد صدم حلفاءه. وبالتالي وجوده القتالي في سورية مكشوف لبنانيا، لا يحظى بغطاء مسيحي، بل بتململ متنام، وحتى حليفه الرئيس بري يتعامل بفتور مع قتاله في سورية، رغم التأكيدات التي تقدمها قيادة حزب الله على وجود مؤامرة اسرائيلية تريد طعن المقاومة في ظهرها. بكل الاحوال فإن الرئيس بري الذي اثبت اخلاصه ووفاءه لقيادة الولي الفقيه في معركته الاقليمية واللبنانية، صار هذه الايام، مع انهماك حزب الله في خوض "كربلائه السورية"، يريد ان يفعّل حيزه الخاص، حيزا يفترض الدخول في لعبة التفاصيل والتكتيك الذي يمهد او يستعد لاستقبال مشهد سياسي جديد.

العماد عون لم يخرج عن ثوابت 8 آذار، لكن تململه يؤكد استعداده لاستقبال مرحلة جديدة. فهو يوسع من هامش حركته. والكباش الاقليمي على اشده: الرياض انتزعت زمام المبادرة من قطر في سورية ومصر. في لبنان الصراع السعودي – الايراني صار على المكشوف، صراع هذه المرة تتداخل فيه الساحات. سورية ولبنان ساحة واحدة هذه اﻷيام. وبري وعون يعبران كل على طريقته ان حلف 8 آذار قد انتهى الى غير رجعة.
 

السابق
عون: لن نشارك بحكومة دون حزب الله والتفاهم الاستراتيجي مع المقاومة ثابت
التالي
موقع إسرائيلي: مخاوف من ردّت الفعل السورية بعد التسريبات عن قصف اللاذقية