الفراغ يتفاقم ويترك البلد للصراع السعودي الايراني المستعر

أرخى انفجار بئر العبد بثقله على الوضع السياسي. وأنصرفت مختلف القوى الى قراءة الحدث وتداعياته أمنيا وسياسيا. فجدد رئيس الجمهورية موقفه الداعي حزب الله، من دون أن يسميه، الى وقف تورطه في الحرب السورية. وانصرفت اوساط أخرى الى تفاؤل غير مبرر بامكان انجاز تشكيل الحكومة قبل نهاية الاسبوع، تحت وطأة المخاوف الامنية .

واستند المتفائلون الى اعلان الرئيس نبيه بري انفصاله وحزب الله رسميا عن العماد ميشال عون، أقله في الشأن الحكومي، مشيرا الى ان الثنائية الشيعية قدمت مرشحيها للتوزير في خطوة وصفت بالايجابية والتي قد تخرق جدار التصلب المستمر. واعتبر حسنو النوايا ان خلف هذا الموقف تبدلا ما في موقف حزب الله الذي سيسعى بعد حادثة الضاحية الى تحصين وضعه السياسي مجددا من خلال المشاركة في حكومة سيكون له ولحلفائه الحصة الوازنة فيها .

الا ان رد تيار المستقبل جاء سريعا ، لا بل أنه سبق كلام بري . اذ كشف النائب احمد فتفت ان الرئيس فؤاد السنيورة الذي زار الرئيس المكلف تمام سلام يوم انفجاء بئر العبد جدد موقف تياره الرافض لمشاركة حزب الله في الحكومة . عدا عن اعتبار تفكك قوى 8 أذارؤ ، مجرد مناورة وتوزيع ادوار .

اذا كان ثمة رابط بين التشكيل واعتداء الضاحية فهو سلبي بالتأكيد . فحزب الله الصامت رسميا حتى الآن حول موضوع الانفجار منشغل حاليا ، وفقا لمصادر مطلعة، بالعمل الامني البحت. فمن جهة يجري التحقيق لمعرفة منفذي الاعتداء، ومن جهة ثانية يسعى الى استخلاص العبر العملانية من الانفجار، وتاليا اتخاذ ما يلزم من اجراءات وقائية تمنع تكراره .

ومن يعرف طريقة تفكير الحزب لن يتفاجأ من هذا السلوك، لان الهاجس الامني غلب ويغلب على سلوكه السياسي، ولن يزيده الانفجار ومسبباته، وخصوصا التورط المتمادي في الحرب السورية الا اصرارا على انتهاج هذا الطريق. لذا تبدو التكهنات بتغيير موقف الحزب من عملية تأليف الحكومة، او التجاوب مع دعوة سليمان، مجرد اوهام لا تصرف في سوق التداول السياسي .

ما يصرف فعليا، وما يعول عليه في قراءة المشهد السياسي المقبل على لبنان، هو التلاقي اللافت بين قراءة الاوساط الاعلامية المقربة من حزب الله، و"معلومات"المصادر الصحافية المقربة من الموساد الاسرائيلي ، على اتهام رئيس الاستخباراتالسعودية الامير بندر من سلطان بالوقوف خلف تفجير الضاحية ، عبر احدى الجماعات المتطرفة. وهذا ان عبر عن شيء، سواء صدق الاتهام ام لا، فانه بالتأكيد ليس ايجابيا. وهو ينذر بتصاعد المواجهة السعودية الايرانية على ارض لبنان. الامر سيترجم دفنا نهائيا لحلم تشكيل حكومة جديدة وامعانا في تفريغ المؤسسات الدستورية والمواقع العليا، أمنية وغير أمنية. وبالتالي غياب الدولة نهائيا عن المشهد، وتركه مع الناس، فريسة لصراع اقليمي سيستعر .
 

السابق
اصدار 8 مذكرات توقيف غيابية بأحداث عبرا بينهم احمد الاسير وفضل شاكر
التالي
الحركة: اخشى دورة عنف جديدة