رسالة ردع لسوريا وإيران

يمكن اعتبار التهديدات الاخيرة التي وجهها بنيامين نتنياهو إلى سوريا و"حزب الله" بأن بلاده لن تتردد في ضرب أي شحنات جديدة للسلاح تتوجه من سوريا إلى الحزب، بأنها رسالة ردع اراد نتنياهو توجيهها ليس الى سوريا و"حزب الله" بل الى إيران ايضاً.

يبدو واضحاً اليوم أن هامش الحرية الذي حظيت به إسرائيل في السنوات الأخيرة وسمح لها بمهاجمة أهداف داخل الاراضي السورية اكثر من مرة من دون التعرض لردة فعل سورية، لم يعد قائماً اليوم. ولا يعود ذلك الى تهديدات الرئيس السوري بالرد، بل الى الموقف الصارم الذي وقفته روسيا بعد الغارتين الإسرائيليتين الاخيرتين والذي أثار ازمة تسبب بها الروس عندما اعلنوا انهم يعتزمون تزويد سوريا صواريخ متطورة. فمنذ ذلك الوقت تحولت صفقة الصواريخ ورقة مقايضة لردع إسرائيل عن أي عمل عسكري ضد سوريا. لذا يمكن القول إن نتنياهو اراد من خلال التهديدات الاخيرة استرجاع قوة الردع الإسرائيلية التي تضررت في الآونة الاخيرة، وذلك بالتشديد على عدم تهاون إسرائيل في أي تجاوز للخطوط الحمر التي وضعتها ضد انتقال السلاح الى "حزب الله".

من جهة اخرى، تعتبر تهديدات نتنياهو بالاستعداد لكل السيناريوات رسالة مبطنة موجهة ايضاً الى إيران، مفادها ان إسرائيل لن تتنازل عن سعيها الى وقف البرنامج النووي الإيراني بشتى الوسائل حتى العسكرية منها، وذلك على رغم الاجواء الايجابية التي خلفها فوز المرشح الاصلاحي حسن روحاني بمنصب الرئاسة، واعلانه استعداده للعودة الى طاولة المفاوضات الدولية في شأن المشروع النووي الإيراني، وبداية بروز شبه اقتناع دولي بجدية نيات الرئيس الإيراني الجديد للتوصل الى حل ديبلوماسي، مع الشعور بضرورة اعطائه فرصة لتحقيق ذلك، والتفكير في هذه الاثناء في الاستجابة للطلب الإيراني تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران.

وكل ذلك يجعل ابشع كوابيس نتنياهو تتحقق، ذلك أنه في وقت قريب ستجد إسرائيل نفسها وحيدة في مواجهة المشروع النووي الإيراني، وخصوصاً اذا تخلى الأميركيون نهائياً عن الخيار العسكري وانتهجوا سياسة "احتواء" إيران النووية، في مقابل تنازلات سياسية إيرانية قد لا تعود بالربح المباشر على إسرائيل. من هنا مسارعة نتنياهو الى لغة التهديدات والاستعداد للحرب.

في هذه الأجواء المليئة بالشكوك والمخاوف، يصل وزير الخارجية جون كيري للبحث مع نتنياهو في سبل تحريك عجلة المفاوضات السياسية. وتبدو حظوظ نجاح كيري في مهمته ضعيفة للغاية في ظل اجواء عدم الثقة الحالية، وبسبب الهجمة الشرسة لليمين الإسرائيلي ضد الانسحاب من الضفة الغربية، واعلانه موت حل الدولتين لشعبين.

السابق
تأهب لمظاهرات تأييد لمرسي.. وحملة “تمرد” تحصد 15 مليون توقيع
التالي
مصدر للحياة: الرئاسة المصرية ستشكل خلال أيام لجنة تعديل الدستور