الجمهورية: سلام ينطلق مجدداً في مساعي التأليف الثلثاء على وقع التشنج

خطفت الولايات المتّحدة الأضواء السياسيّة بقرارها تسليح المعارضة السوريّة، هذا التسليح الذي ذهبت التقديرات حوله بين حدّين: تزويد المعارضة بالسلاح الذي يمكّنها من حسم المعركة لمصلحتها، أو تمكينها من إعادة تصحيح الخلل في الميزان العسكري الذي ظهر مع معركة القصير. وفي حين كلّ المؤشّرات ترجّح الاحتمال الثاني، مع ما يعني ذلك بأنّ الأزمة السورية طويلة ومفتوحة على جولات من العنف، قال مصدر عسكري أميركي إنّ "واشنطن بدأت تزويد المعارضة السورية المسلّحة بأسلحة ثقيلة وصواريخ مضادّة للطائرات". فيما كُلّ الأنظار تتّجه إلى قمّة "مجموعة الثماني" في إيرلندا الشماليَّة، وتحديداً إلى لقاء الرئيسَين الأميركي باراك أوباما والروسي فلاديمير بوتين، في ضوء القرار الأميركي بتسليح المُعارضة. وتزامنا أكدت سفيرة الولايات المتحدة الاميركية إلى الامم المتحدة سوزان رايس استعمال الرئيس السوري بشار الأسد للأسلحة الكيميائية التي بحوزته وذلك بناء لتقارير استخبارية دقيقة، وأبدت قلق بلادها من تدخل حزب الله المتنامي في القتال داخل سوريا الذي فاقم من الآثار الناتجة عن الصراع ويؤثر على باقي شعوب المنطقة وعلى رأسهم اللبنانيين، وكشفت أن واشنطن ستسعى إلى تلبية حاجات المعارضة لجهة نوع الأسلحة المزمع إرسالها ولم تستبعد امكانية إقامة منطقة حظر جوي. وفي تطور متصل قطع العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز زيارته للمغرب ويعود إلى بلاده نظرا "لتداعيات الأحداث في سوريا.

عاد الوضع السوري إلى تصدّر العناوين المحلية بعد وضوح الصورة الانتخابية وغياب التطوّرات الحكومية، وفي هذا السياق تحديداً أتت إطلالة أمين عام "حزب الله" السيّد حسن نصرالله وردّ رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، الأمر الذي يعكس حدّة التشنّج السياسي الذي يسود الحياة الوطنية، والذي يترافق مع أحداث أمنية مقلقة على الحدود وفراغ دستوري في الداخل يؤكّد استحالة الوصول إلى حكومة مشتركة ما لم تحصل تطوّرات أو وساطات تعيد ترميم الصورة بالسعي إلى تحييد لبنان عن تداعيات الأزمة السورية.

نصرالله

وأكّد السيّد نصر الله أنّ الحزب سيواصل القتال في سوريا"، واعتبر أنّ "الكلام عن بدء تسليح المعارضة كذب، لأنّ التسليح يسير منذ زمن"، وقال إنّ الحزب "آخر المتدخّلين في سوريا، وسبقَنا إلى هناك تيار "المستقبل" وتيارات كثيرة لا نريد ان نسمّيها الآن"، وشدّد على أنّ "ما بعد القصير كما ما قبل القصير، و"حيث يجب ان نكون سنكون، وما بدأنا بتحمّل مسؤوليّاته سنواصل تحمّل مسؤولياته"، ونفى وجود أيّ منتسبين لـ"حزب الله" في دول الخليج. وردّ نصر الله على رئيس تيار "المستقبل" سعد الحريري من دون ان يسمّيه فتحدّث عن "سهولة السفر لدى البعض عند أيّ حادثة، في حين أنّنا لسنا من هؤلاء، ونحن لا نحمل جنسيتين، بل فقط لبنانيّين، ونحن لسنا لبنانيّين من أكثر من عشر سنوات، بل من مئات وآلاف السنين، وليس لدينا أيّ بيوت وأيّ مشاريع وأيّ أموال خارج لبنان، فنحن ولدنا هنا وكبرنا هنا وعشنا هنا وسندفن هنا ولن يقتلعنا أحد من هنا".

الحريري

وقال الرئيس سعد الحريري تعقيباً على ما ورد في خطاب السيّد نصرالله إنّ الأخير "لم يكن موفّقاً ولم تحالفه البلاغة في إسقاط الجرائم التي يشارك حزبه في ارتكابها في سوريا، على تيار المستقبل وادّعائه أنّ التيار يرسل المقاتلين ويدفن القتلى في الاراضي السورية. إنّ أقلّ ما يمكن ان يقال في هذا الكلام إنّه كلام من إنتاج مخيلة السيّد نصرالله، ولا مكان له على الاطلاق في مراتب الصدق والحقيقة. وإذا كان السيّد حسن يريد ان يرمي التهم جزافاً بداعي البحث عن شركاء له في الجرائم التي تستهدف الشعب السوري، فإننا نقول له أن يفتش عن اهداف اخرى غير تيار المستقبل. لقد أعلنّا منذ اللحظة الاولى لاندلاع الثورة السورية تضامننا الكامل مع حقوق هذا الشعب وتضحياته، ولم نخفِ في يوم من الايّام موقفنا السياسي الذي نتمسّك به حتى هذه اللحظة، أمّا أن نكون قد نظّمنا أو أرسلنا فرداً واحداً للقتال داخل سوريا، فهو ادّعاء يرقى الى حدود التلفيق والتضليل". وأضاف الحريري: "السؤال البديهي الذي يُطرح: من هي الجهة التي كلّفت السيّد حسن بالمتابعة والمواكبة، وهل طلب اجتماعاً لمجلس الوزراء لسؤاله عن حاجة لبنان لخوض معركة الدفاع عن النفس فوق الاراضي السورية، وهل بادر إلى سؤال رئيس الجمهورية عن رأيه بإمكانية مشاركة الجيش اللبناني في معركة الدفاع عن لبنان؟ كعادته في كلّ المراحل، أراد السيّد نصرالله ان يختزل الدولة اللبنانية بمجلس شورى حزب الله وأن يقدّم دليلاً جديداً على انّ الدولة ومؤسّساتها ورئاساتها وقواها المسلحة غير موجودة في قاموسه".

ميقاتي

وفي هذا الوقت، دعا رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الى "وقف حملات الشحن والتحريض والتوتير السياسي والمذهبي، لأنّ الخطر كبير جدّاً، ولكي لا نندم بعد ذلك لأننا وفّرنا البيئة الحاضنة للمخاطر، فلا يعود الندم ينفع حينها".

قهوجي

وفي غمرة الانقسام السياسي الحاد، والسجال المذهبي المتبادل، والتشنّج الأمني الحاصل في البلاد، أطلق قائد الجيش العماد جان قهوجي دعوة الى مواكبة المرحلة الدقيقة بأقصى درجات اليقظة والجهوزية، ومضاعفة الجهود والتضحيات لقطع دابر الفتنة، مشدّداً خلال اجتماع مع أركان القيادة وقادة الأجهزة والوحدات الكبرى، على أنّ "تماسك الجيش وصموده أمام التحدّيات والأخطار، هو الضمانة الأكيدة لعدم عودة عقارب الساعة إلى الوراء، وإدخال لبنان مجدّداً في أتون الصراعات الدولية والإقليمية".

مسار التأليف

وفي الشأن الحكومي، علمت الـ"الجمهورية" أنّ الرئيس المكلّف تمّام سلام سيبدأ تحرّكه ابتداءً من الثلثاء المقبل، بعدما تمّ تحضير عناصر هذا التحرّك خلال لقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وسلام في بعبدا مطلع الأسبوع، ولقاء سلام والنائب وليد جنبلاط منذ أيام، إضافة الى مشاورات يجريها رئيس مجلس النواب نبيه برّي وقادة آخرون. وقد أسفرت هذه الاتصالات حتى الآن عن المقترحات التالية:

أوّلاً: استبعاد حكومة حيادية وتركيز على حكومة سياسية.

ثانياً: تأليف حكومة من مختلف الأطراف على أساس 8ـ 8 ـ8 أو 10ـ 10 ـ 10 أو 9ـ 9ـ 6.

وإذ أوضحت مصادر مُطّلعة أنّ الصيغ المتداولة ليست إلّا مجرّد نماذج، أكّدت انّ العقدة العالقة تتمثّل بتمسك قوى 8 آذار بالثلث المعطل بشكل نهائي، ورفض رئيس الجمهورية صيغة الثلث المعطّل والوزير الملك.

وتشير المعلومات الى أنّ هذا ما يتمّ العمل عليه حاليّاً بعدما حاول الرئيس المكلّف خلال الاسبوع الحالي تسويق حكومة من 14 وزيراً خارج إطار الإصطفاف القائم، بشكل تكون حصّة سليمان 7 وزراء وحصّة سلام 7، لكنّ هذا الطرح لم يُكتب له النجاح بعدما رفضه سليمان.

مخرج لإنقاذ الدستوري

وفي انتظار جلسة المجلس الدستوري الثلثاء المقبل للنظر في الطعن بالتمديد، بعدما تمّ تطيير نصاب الجلستين السابقتين، علمت "الجمهورية" أنّ اتصالات تجري بصمت وعلى أعلى المستويات لإيجاد مخرج ليس لإنقاذ طلب الطعن، بل لإنقاذ المجلس الدستوري.

ويتمثّل المخرج بأن يعقد المجلس الدستوري جلسة بحضور جميع الأعضاء من غير أن يُصار الى الطعن، ما دام فقدان النصاب لأيّ جلسة أمراً حتميّاً، ومصير الشكوى بالطعن هو السقوط، وبالتالي التمديد حتمي.

وبذلك يكون قد تمّ إنقاذ المجلس الدستوري، في حين أنّه لو عقدت الجلسة وطار النصاب وطار معه طلب الطعن وبقي التمديد يصبح المجلس الدستوري في مهبّ الريح.

إلّا أنّ المعلومات التي رشحت أخيراً تفيد أنّ أعضاءً في المجلس الدستوري يرفضون هذه التسوية ويعتبرون أنّ حضور الجلسة ضروريّ خارج أيّ مساومات.

موقف أميركي

وكرّرت الولايات المتحدة الأميركية موقفها من مقاطعة عمل المجلس الدستوري، فأكّدت بلسان سفيرتها مورا كونيللي أنّه "يجب ترك المجلس الدستوري وحده يبتّ في المسائل المعروضة عليه، ولكن ما هو أهمّ أن يجتمع المجلس كما مطلوب منه بموجب القانون وأن ينظر في المسائل المعروضة عليه دون تدخّل سياسي"، معتبرةً أنّ "عدم القدرة على القيام بذلك يقوّض الثقة الدولية في لبنان، وسيكون له تداعيات أبعد من الساحة السياسية".

"حزب الله"

في هذا الوقت، أعلن "حزب الله" أنّه اتّفق مع تيار "المستقبل" على التمديد للمجلس النيابي، وقال رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد تعليقاً على ما يمارس في المجلس الدستوري بأنّه "ممارسة ديموقراطية من الطراز الرفيع"، وأنّه من حقّ أعضاء في المجلس الدستوري أن يعطّلوا النصاب إذا لم يجدوا "أذناً صاغية" تسمع رأيهم داخل المجلس الدستوري.

بعلبك وطريق الجديدة

وأفيد ليلاً عن سقوط خمسة صواريخ على مدينة بعلبك في منطقة الكيال من الجانب السوري. وفي وقت لاحق سقطت أربعة صواريخ أخرى، وأصيب شخصان. وتساقطت الصواريخ على منطقة الكيال، مفرق عدوس.

وتحدثت معلومات أمنية ليلا عن إطلاق نار في الطريق الجديدة – ساحة أبو شاكر وظهور مسلح على خلفية إشكال حصل منذ يومين، وقد أعقبه انتشار كثيف للجيش.
  

السابق
الأخبار: سليمان يهدد بحكومة أمر واقع
التالي
دمشق وموسكو تردان بعنف على إعلان واشنطن تسليح المعارضة