ماذا تُعدّ الولايات المتحدة و"إسرائيل" لسورية ولبنان والمنطقة، خصوصاً في ضوء ما أصيبت به المعارضة السورية المسلّحة من ضربات قوية وسقوط الرهانات عليها، وبالتالي فشل المخطط الذي رُسم منذ أكثر من سنتين وحتى الآن للنيل من سورية ونظامها؟
أما لماذا السؤال اليوم، فهو بسبب الحملة الإعلامية المشبوهة التي باشرت بها واشنطن و"إسرائيل" باتجاه سورية وحزب الله؟
ويندرج في هذا الإطار، ما صدر من تصريحات للمسؤولين الأميركيين أمس، واتهامهم سورية باستخدام السلاح الكيماوي ضد المعارضين، وما تلاه من خبر عن إسقاط العدو "الإسرائيلي" لطائرة تجسّس في سماء حيفا فوق البحر، واتهامه حزب الله بأنه وراء ذلك حيث ما لبث أن نفى الحزب مساء أن يكون قد أطلق الطائرة.
هل من سيناريو مرتقب؟
هل تُعد الولايات المتحدة بالتعاون مع "إسرائيل" لسيناريو معيّن من أجل إعادة خلط الأوراق لمؤازرة المعارضة المسلحة في سورية وتوجيه ضربة لحزب الله.
هذا مع العلم أن هذا السيناريو لا ينفصل أيضاً عن تفجير الوضع في العراق، واللعب على الفتنة الطائفية، ما يكشف أن الإدارة الأميركية لا تزال تسعى وتعمل لإغراق المنطقة بالدم وبفوضى الفتنة المذهبية من ضمن المخطط المرسوم تحت عنوان "الفوضى الخلاقة".
وفي كل حال، فإن السؤال يمتد أيضاً إلى ماهيّة كلام وزير خارجية أميركا جون كيري في بروكسل عن السلام والحل السلمي في سورية. فهل تبخّر هذا الكلام بعد يومين ليحل محله التهديد والوعيد بحجة السلاح الكيماوي؟
المقبل من الأيام والأسابيع سيجيب على هذه التساؤلات، مع العلم أن قادة العدو الصهيوني سارعوا أمس إلى مواقف وتحركات تؤشر إلى التحضير لعمل عسكري ما، أو لخلق أجواء حربية بقصد الضغط والتهويل على المقاومة في لبنان وعلى النظام السوري.
روايات العدو
وكانت سلطات العدو "الإسرائيلي" أعلنت بعد ظهر أمس عن إسقاط طائرة من دون طيار يُرجح أن تكون طائرة استطلاع ـ قبالة سواحل حيفا، فيما أعلنت "القناة الثانية" في تلفزيون العدو إسقاط طائرة من دون طيار تابعة لحزب الله مقابل سواحل حيفا".
ونفى حزب الله في بيان أصدره مساء أمس أن يكون قد أرسل طائرة من دون طيار إلى "إسرائيل".
وقد بدا القلق والإرباك بين قادة العدو نتيجة هذا الخرق "الإسرائيلي" لمنظومة السلاح في الكيان الصهيوني، وخاصة خرق أنظمة الرادار الفائقة الدقة لدى هذا الكيان، بحيث تحدث قادة العدو ووسائل الإعلام لديه عن أكثر من احتمال حول الطائرة والهدف من وراء هذا الخرق، فأعلنت سلطات الاحتلال في وقت لاحق أمس أن الطائرة كانت تتجسس على آبار الغاز في حقل تامار، كما أن جيش العدو لم يتمكن حتى ليل أمس من معرفة ما إذا كانت الطائرة غير مسلحة أو تحمل متفجرات أو الهدف النهائي من وراء ذلك.
إرباك وقلق لدى العدو
وكان جيش العدو أعلن بعد ظهر أمس أن مقاتلات "إسرائيلية" من طراز "F16" اعترضت طائرة من دون طيار يُعتقد أنها تابعة لحزب الله كانت تحاول اختراق الأجواء "الإسرائيلية" قبالة سواحل حيفا، وأشار بيان جيش الاحتلال إلى "أن الطائرة التي تم إسقاطها كانت تحلق من الشمال باتجاه الجنوب وأن الأمر يتعلق بمحاولة لاختراق الأجواء رُصدت قرابة الواحدة ظهراً حين انطلقت من السواحل اللبنانية حسب زعمه وأخذت بالتحليق باتجاه الأجواء "الإسرائيلية" جنوباً.
وادعى "أن الدفاعات الجوية رصدت الطائرة أثناء تحليقها لفترة ليست بالقصيرة داخل الأجواء اللبنانية، وتابعتها حتى لحظة إسقاطها".
ووصف جيش الاحتلال الطائرة بالصغيرة نسبياً، لكن نوعها وطرازها لم يُحددا حتى الآن.
في المقابل أشارت الإذاعة "الإسرائيلية" ـ القناة الثانية أن الطائرة أصابها صاروخ على بُعد 8 كلم غرب ميناء حيفا، وبدورها ذكرت "القناة السابعة" أن سلاح الجو في كيان العدو يحقق في نوعية الطائرة.
وقد علق رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو على إسقاط الطائرة، فرأى أنه ينظر ببالغ الخطورة لمحاولة اختراق ما وصفه حدودنا. وقال إن كيانه سيعمل "ما بوسعه لحماية مواطنيه".
وذكرت معلومات صحافية أن نتنياهو كان على متن مروحية متجهة إلى شمال فلسطين المحتلة اضطرت إلى الهبوط ريثما جرى إسقاط طائرة الاستطلاع.
وفد أميركي يجول على الخط الأزرق!
في موازاة ذلك، قام وفد دبلوماسي أميركي رفيع المستوى بجولة أمس على الحدود بين لبنان وكيان العدو، برفقة ضباط من الجيش اللبناني. وقال موقع "النشرة الإلكتروني" إن الوفد شوهد برفقة ضباط الجيش يعاينون المستعمرات الصهيونية من منطقتي العديسة وبوابة فاطمة.
تشكيل الحكومة
وقانون الانتخابات
في هذا الوقت بقيت الساحة المحلية معلّقة على "حزورة" قانون الانتخابات و"أحجية" تشكيل الحكومة، فلا القانون يبدو في طريق الحسم، ولا التفاؤل بشأن الحكومة سيؤدّي إلى ولادتها غداً.
ومن الواضح أن الأمرين مترابطان، وأن الحلول لم تنضج بعد، ليس بسبب الخلافات الداخلية فحسب، بل بسبب ضغط الأحداث الإقليمية التي تلعب الدور الأساسي في المسارات اللبنانية.
استمرار الاتصالات حول التأليف
لحلحلة عُقد الحصص والحقائب
أما على مستوى التشكيلة الحكومية، فإن الاتصالات والمشاورات التي يقوم بها الرئيس المكلف لحلحلة ما تبقّى من عُقد تحُول دون إنضاج "طبخة" التأليف، لم تؤد إلى حلحلة هذه العُقد سواء ما يتعلق بالحصص أو توزيع الحقائب.
ووفق مصادر سياسية متابعة، فإن العُقدة الأكبر تتمثل في إصرار الرئيس المكلف على عدم اعتماد الحصص على أساس العددية في الكتل النيابية، وأيضاً إصراره على حصول تبديل الحقائب في مقابل إصرار العماد ميشال عون بأن تكون نِسب التمثيل متوازنة مع عدد نواب كل كتلة، وكذلك رفضه إجراء تبديل في الحقائب أو ما يسمى مداورة.
وقالت المصادر، إن نصائح البعض للرئيس المكلّف باعتماد المثالثة في توزيع الحقائب بين فريقي 14 و8 آذار وكل من الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية والنائب وليد جنبلاط غير عادلة وغير منصفة، في وقت لاحظت المصادر أن سلام سيُضطر لاحقاً للأخذ بالحكومة الثلاثينية حتى يتمكن من مراعاة تمثيل الجميع في الحصص والأحجام.
ومما يذكر، أن سلام استقبل مساء أمس الوزير السابق يوسف سعاده موفداً من رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، وبحث معه في موضوع تشكيل الحكومة، على أن يستقبل اليوم موفداً لحزب الطاشناق، وكان استقبل أول من أمس الوزير جبران باسيل موفداً من العماد عون.
و"14 آذار" تمارس ضغوطاً على سلام
في الإطار نفسه، أكدت المصادر أن فريق "14 آذار" يمارس ضغوطاً على الرئيس المكلّف لعدم الأخذ بمطالب فريق 8 آذار، وقالت إن هذه الضغوط تُمارَس تحديداً من قِبل سمير جعجع وفؤاد السنيورة ومروان حماده لدفع سلام إلى تشكيل حكومة أمر واقع.
بري يبدأ جولة مشاورات
حول قانون الانتخابات
أما في شأن قانون الانتخابات، فقد بدأ الرئيس نبيه بري جولة جديدة من المشاورات سعياً إلى قانون انتخاب وفاقي، والتقى أمس النواب روبير غانم وجورج عدوان وأكرم شهيّب ومن المقرر أن يواصل هذه المشاورات في غضون الأيام القليلة المقبلة، مع العلم أنه كان استقبل موفداً من بكركي أول من أمس لهذه الغاية.
وقالت مصادر إن رئيس المجلس لن يقف مكتوف الأيدي، وسيبذل جهده من الآن حتى منتصف أيار المقبل، سعياً إلى التوافق المنشود. وهو يعمل على عدد من الأفكار في هذا المجال.
جنبلاط يطعن؟
وفي هذا الإطار أيضاً، يشار إلى أن كتلة النائب وليد جنبلاط ستُقدم اليوم طعناً بالقانون الأخير الذي صدر حول تمديد المهل، رغم تأكيد جنبلاط الانفتاح على القانون المختلط.
بوغدانوف بدأ لقاءاته في بيروت
إلى ذلك، بدأ نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف لقاءاته مع المسؤولين والقيادات اللبنانية أمس بعد وصوله إلى بيروت ظهراً قادماً من أنقرة، والتقى عدداً من القيادات السياسية والروحية على أن يستكمل اليوم وغداً لقاءاته.
ولاحظ بوغدانوف في تصريحات له "أن الوضع في المنطقة لا يزال معقّداً، ودعا القيادات اللبنانية للبحث عن الحلول المشتركة والاتفاق في ما بينهم"، مجدداً وقوف روسيا إلى جانب وحدة لبنان واستقلاله.
ودان بوغدانوف خطف المطرانين بولس اليازجي ويوحنا ابراهيم من قِبل المسلحين في شمال سورية.
مصير يازجي وابراهيم ما زال مجهولاً
إلى ذلك، بقي مصير المطرانين يازجي وابراهيم مجهولاً بعد ثلاثة أيام على اختطافهما من العصابات المسلحة في شمال مدينة حلب. على الرغم من الاتصالات المكثفة التي حصلت مع ما يسمى "المعارضة السورية"، وأمس أبلغ الرئيس التركي عبدالله غول بطريرك أنطاكية للسريان الأرثوذكس مار أغناطيوس زكا الأول أنه تحدث شخصياً مع المطران ابراهيم.
ضباط أتراك يقاتلون مع المسلحين!
أما في الشأن السوري، كشفت صحيفة "الوطن" السورية أن "ضباطاً عسكريين وطيارين أتراكاً يشاركون في معركة مطار منغ في حلب، وبدعم استخباراتي عربي وأجنبي يُقدّم عبر غرف عمليات على الحدود التركية، والمطلوب السيطرة على المطار مهما كلف الثمن خلال هذه الفترة، التي مُني بها المسلحون بانتكاسات وخسائر في مواقع استراتيجية، مع أن المطار لا يشكل قيمة عسكرية مهمّة لأنه لم يعد يُستخدم للأغراض القتالية منذ فترة طويلة، لكنه يُعتبر شوكة في حلقهم في قلب المنطقة التي يسيطرون عليها في الريف الشمالي".
وقالت إن "عناصر حماية مطار منغ العسكري (20 كيلو متراً شمال حلب) تصدّوا بمؤازرة سلاحي الجو والمدفعية خلال الأيام الثلاثة الماضية لأشد الهجمات شراسة، نفذتها كتائب وألوية مسلحة تحاصر المطار المروحي الذي يضم حوامات من طراز قديم منذ أشهر في محاولة لاقتحامه".
إعادة السيطرة على مناطق جديدة
في الشأن الأمني أيضاً، ذكرت صحيفة الوطن السورية أنه "في إطار إحكام طوقه على الغوطة الشرقية، من خلال السيطرة على المنطقة الواصلة بين مطاري دمشق الدولي ومطار الضمير العسكري، فرض الجيش السوري سيطرته الكاملة على بلدة العتيبة في غوطة دمشق الشرقية". كما أوقع عدداً كبيراً من المسلحين في ريف دمشق.
وفي حمص، تمكن من تطهير بلدة سمام في ريف القصير، ودمّر تجمّعات للمسلحين في بعض أحياء حمص وريفها.
في هذه الأثناء، قال مصدر مسؤول في حمص إن الجهات المختصة عثرت على مقبرة جماعية بين قرية البرهانية وعين التنور في ريف القصير في حمص تحوي عدداً من جثث الشهداء الذين قضوا على أيدي المجموعات الإرهابية المسلحة.
كذلك دمرت وحدات الجيش السوري مخابئ ومستودعات أسلحة للعصابات المسلحة في ريف ادلب ودير الزور والحسكة ودرعا، ما أدى إلى مقتل عدد كبير من المسلحين.
ألمانيا: متطرّفون ألمان
يقاتلون في سورية
إلى ذلك، كشف وزير الداخلية الألماني هانز بيتر فريدريش عن أن "متطرفين إسلاميين" من ألمانيا يشاركون في القتال إلى جانب المجموعات الإرهابية المسلحة في سورية .
وفي مقابلة مع مجلة "درشبيغل" الألمانية رأى فريدريش أن الاستخبارات الألمانية تخشى من أن يشكل هؤلاء المتطرفون تهديدا لأمن البلاد بعد عودتهم من سورية.
وكان جيل دي كيرشوف منسق شؤون مكافحة الإرهاب في الاتحاد الأوروبي كشف أن أكثر من خمسمئة أوروبي انضموا إلى صفوف الإرهابيين في سورية.
واشنطن تعود لنغمة "الكيماوي"
في سياق متصل، حاولت واشنطن مجدداً اللجوء إلى إثارة المزاعم حول السلاح الكيماوي في سورية، فقال ناطق باسم البيت الأبيض "إن معلومات الاستخبارات الأميركية غير كافية بشأن الاسلحة الكيماوية في سورية، مشيراً إلى الاستعداد لكل الطوارئ في حال تأكد ذلك".
كذلك زعم وزير الخارجية الأميركي جون كيري أن الجيش السوري استخدم هذا السلاح مرتين ضد المعارضة".
… وقادة العدو يحرّضون ضد سورية
وفي السياق ذاته، دعا رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق، ورئيس معهد الأمن القومي الجنرال عاموس يدلين إلى "اتخاذ خطوات تضمن تفكيك محور الشر، إيران و"حزب الله" وسورية، كما وصفها، من خلال إضعاف الرئيس السوري بشار الأسد، والعمل على إنهاء ولايته في أقرب وقت".
الخلافات داخل "ائتلاف الدوحة"
في هذا الوقت، تصاعدت الخلافات والانقسامات داخل ما يسمى "ائتلاف المعارضة في سورية" فبعد استقالة رئيس الائتلاف المذكور أحمد معاذ الخطيب، وما كان سبق ذلك من استقالات من هذا الائتلاف قال ما يسمى رئيس "اللجنة القانونية" في "الائتلاف" هيثم المالح، إن تكليف جورج صبرا بمهام رئيس "الائتلاف" خلفاً للخطيب هو قرار باطل من الناحية القانونية ويمثل انقلاباً على الشرعية".
