ساعة الصفر لمعركة أبواب الجحيم

لا شيء عادياً يستدعي المخاطرة بأمن الأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله الذي، ولا شك، تُحاول أجهزة مخابرات دولية وإقليمية في مقدّمها إسرائيل رصد أقل حركة له بهدف النيل منه جسدياً، فكيف إذا استقلّ طائرة وسافر إلى طهران وعاد منها، فلا بد أن يكون الأمر على أعلى مستوى من الأهمية ليستحق هذه المجازفة وهذا التحدي الكبير، ولا بدّ أن تنتج الزيارة تطوّراً غير عادي في القريب العاجل.

ويربط محلّلون استراتيجيون بين اجتماع السيد نصرالله مع المرشد الأعلى للثورة الإسلامية السيد علي خامنئي وبين قمة الثماني الكبار المرتقبة في إيرلندا الشمالية يومي 17 و18حزيران المقبل، التي ستجمع الرئيس الأميركي باراك أوباما والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والتي على جدول أعمالها مواجهة تهديدات الصواريخ الإيرانية والكورية الشمالية والأزمة السورية، إضافة إلى مكافحة الإرهاب والعلاقات الإستراتيجية بين البلدين.

تُدرك طهران أن الحرب الدائرة في سوريا تستهدفها في شكل غير مباشر، من خلال محاولات ضرب مشروعها وتقليص نفوذها في المنطقة، وهي ترى أن النظام السوري المحاصر خارجياً وداخلياً يتلقّى الضربات ويُستنزف، ويتهاوى يوماً بعد يوم.

وبما أن طهران لم تفقد الأمل بعد في إعادة إنعاش النظام السوري، قرّرت الدفع بما تملك من قدرات عسكرية وبشرية وتقنية حديثة في المعركة لمؤازرة حليفها مهما كلّف الأمر، وحدّدت الخامس عشر من حزيران المقبل، أي عشية القمة الأميركية – الروسية، موعداً لحسم المعركة عسكرياً لكي تُسقط الورقة السورية من يَدَي أوباما، فلا يبقى أمامه على الطاولة ما قد يفاوض عليه من موقع قوة، ولا ما قد يطالب به من ثمن في عملية تسوية مرتقبة مع بوتين.

ويربط خبراء بين تزامن عودة السيد نصراالله من طهران، وبين انطلاق عمليات عسكرية نوعية، وواسعة، وضارية، ضد مسلّحي المعارضة السورية، بما يُشبه وصول كلمة السر وتحديد ساعة الصفر لفتح أبواب الجحيم على المقاتلين المناهضين للرئيس بشار الأسد.

وبالفعل، فقد استعادت القوات النظامية السورية مُعظم درعا، وتقدّمت نحو حرستا في ضواحي دمشق. وتمكّنت، للمرة الأولى منذ أشهر، وبعد معارك عنيفة في منطقة حوض العاصي وحتى القصير، من إعادة فتح الطريق الرئيسية التي يبلغ طولها نحو 160 كيلومتراً وتربط بين العاصمة ومدينة طرطوس الساحلية شمالاً، بعدما كانت قوات المعارضة تتغلغل في مناطق معيّنة منها وتقطعها.

وتقضي الخطة العسكرية للنظام، بمواصلة الهجمات الضارية لإعادة السيطرة على منطقة القصير سريعاً، والإنطلاق منها إلى حمص في مرحلة أولى، ثم إلى حلب. وقد شكّل الدخول الإيراني المتجدِّد وحلفاؤه بقوة على خط المعركة، إخلالاً في موازين القوى العسكرية على الأرض، لكن التجارب السابقة أظهرت أن السيطرة على بابا عمرو لم تحسم النزاع، وأن الطرف الثاني أيضاً لديه من يقف خلفه ويمدّه بجرعات مقاومة.

في النتيجة، لا أحد يملك ضمانة بألاّ يعود مسلحو المعارضة إلى المواقع التي خسروها أو أخلوها، وألاّ تُقطع طريق دمشق – اللاذقية مجدداً، ولا أحد يستطيع الجزم بأن الحرب في سوريا ستنتهي قبل سنتين أو ثلاث سنوات أو أكثر.

وحدها دماء الشعب السوري لن تكون على طاولة المفاوضات.

السابق
لماذا لا نرى أننا منهارون؟
التالي
هيغ: بدأنا بتزويد المعارضة السورية بآليات مدرعة