الصمت يُضعف مكانة الولايات المتحدة

يتفق الخبراء والمحللون على ان مصير بشار الاسد قد حُسم، فهو لن يبقى في منصبه. وقد يبلغ حكمه نهايته دفعة واحدة برصاصة من بندقية حارسه أو بندقية قناص، وربما بدفن شحنة ناسفة قربه، وربما تُقسم بلده لحسن حظه وينشئ دولة علوية في منطقة الشمال ويرأسها.
وفي اثناء ذلك يجري القتال بكامل قوته وكلما اقترب من هضبة الجولان أصابت رصاصات طائشة أو شظايا قذائف مواقع اسرائيلية. وليس الحديث الى الآن عن اطلاق نار متعمد، وليس واضحا دائما هل يطلقه الجيش السوري أم المتمردون. وترد حكومتا بنيامين نتنياهو في تقدير واعتدال نسبيين. قبل بضعة ايام أُطلق صاروخ تموز الذي يشهد مقدار دقته العالية على مبلغ كون اسرائيل غير معنية بتوسيع الجبهة.
يجب ان يكون ضبط النفس هو الخط المركزي الذي يوجه الجيش الاسرائيلي. فايران معنية بأن ترى تورط اسرائيل في سوريا ولا يجوز العمل من اجل مصلحتها. فالمشكلة هي ان اوضاعا كهذه قد تنشأ من تلقاء نفسها تقريبا. فقد يوجد اطلاق نار غير دقيق واصابة جماعية غير متعمدة وقد تدهور سلسلة الرد والرد على الرد اسرائيل الى ميدان قتال ليس لها. وفي الوضع الحالي واصابة اسرائيل عارضة بخلاف اطلاق النار المتعمد من غزة فان مصطلح ضبط النفس ليس كلمة نابية.
أعلنت اسرائيل طوال الحرب الأهلية ما هو خطها الاحمر الذي هو نقل سلاح خطير بصورة مميزة من سوريا الى حزب الله في لبنان. وحينما تمت محاولة كهذه، بحسب أنباء اجنبية نشرت، أحبطتها من غير ان تترك أثرا وهذا ما ينبغي ان يكون.
في مقابل ذلك حدد الامريكيون خطهم الاحمر بلغة اخرى، فقد حددوه بشأن السلاح الكيميائي الموجود بكميات كبيرة في سوريا باعلانهم أن استعماله هو بمنزلة تجاوز لهذا الخط. وفي أول مرة ظهرت فيها آثار كيميائية تجاهلوا ذلك وكان التجاهل سهلا لأن المعلومات جاءت متأخرة شيئا ما، وكان الخوف من ان يكون قد استُعمل بقنابل يدوية، وقد يكون المتمردون خاصة من جهة نظرية هم الذين استعملوه وإن كان احتمال ذلك يؤول الى الصفر.
وفي المرة التالية تم استعمال السلاح الكيميائي من الطائرات وأصبح من هنا فصاعدا يُنسب الى الاسد لا الى أعدائه. فهذا الامر من جهة يشهد على مبلغ يأس وضعه إن كان قد اضطر الى استعمال السلاح الكيميائي كي يهاجم حلب، لكن الصمت الامريكي من جهة اخرى الذي يختبيء وراء ذريعة ان امريكا تفحص عن هوية مطلقي السلاح وكأن الامر غير واضح يُضعف مكانة الولايات المتحدة في المنطقة.
إن الاستنتاج الذي قد تستنتجه جهات محلية في سوريا وفي دول اخرى في الشرق الاوسط بشأن التزامات امريكية اخرى قد يكون كارثة.
ستُحسن واشنطن الصنع اذا فحصت كيف حدث أن جهات ضعيفة نسبيا كالأعداء في الحرب الأهلية السورية، تسمح لنفسها ان تتجاهلها بل ان تستخف بها.

السابق
الازمة السورية: اعطوا تركيا تفويضا
التالي
حكومة حماس تستنكر اعتراض قافلة تضامنية مع غزة