فلسطين وسوريا وأوباما: ماذا عن التسوية والحرب؟

يصعب التصور أن الرئيس الأميركي باراك أوباما جاء الى المنطقة بنية السياحة والمجاملة. ثمة أمور تشغل الادارة الأميركية ورئيسها أكثر من السياحة والمجاملة والواجبات، بل ثمة أماكن أكثر رفاهية وترفيها غير تل أبيب ورام الله وعمان والشرق الأوسط برمته.
الاعتقاد السائد ان أوباما جاء الى المنطقة للاستماع وسبر أغوار الفلسطينيين والإسرائيليين حول التسوية السلمية، اما العرب الآخرون فلا لزوم لسبر اغوارهم، فهم اما في خدمة الادارة الأميركية ومشاريعها، او أنهم منشغلون بالأزمة السورية وسبل إسقاط النظام، او تعطل دورهم بفعل هذه الأزمة.
من الأساس كانت فلسطين في صلب البرنامج الانتخابي لأوباما وفي جدول اهتماماته خلال الدورة الأولى من ولايته، وهو حرّك مبعوثه الى المنطقة طوال سنتين من دون جدوى، لكنه جمّد نشاطه على هذا الصعيد بعدما لمس ان ظروف التسوية لم تنضج بعد. لكن «الربيع العربي» اليوم يشجع الادارة الأميركية على إعادة تحريك العملية السلمية ،حيث ترى الظروف مؤاتية لذلك وأن ثمة فرصة ثمينة لا يجب ان تضيع لعلها تستطيع تهريب الحل الفلسطيني، ولو على نهر الدماء الذي يسيل في سوريا. فالمعطيات المستجدة وافرة ومتوفرة ويمكن تلخيصها على النحو الآتي:
1 – تراهن الادارة الأميركية على الدور السوري المعطل والمنشغل بالحرب الدائرة في سوريا. لم يعد في مقدور النظام السوري التأثير الفاعل في الساحة الفلسطينية بعد خروج «حماس» من دمشق.
2 – تعتقد ان ايران و«حزب الله» منشغلان بدورهما في الأزمة السورية، وليس باستطاعتهما «التخريب» على هذه التسوية، ولا إدارة حرب في المنطقة في ظل هذه الأزمة.
3 – ترى ان الروس يمكن التفاهم معهم على الحل الفلسطيني في مقابل تسوية مرضية لهم في سوريا تحفظ مصالحهم الإستراتيجية.
4 – تراهن على دور مصري ـ قطري ضاغط على حركة «حماس» للقبول بالتسوية.
5 ـ تراهن على دور سعودي ـ تركي لدفع السلطة الفلسطينية الى مزيد من التنازلات في مجال التسوية، على الأقل معاودة التفاوض في هذه المرحلة من دون شروط مسبقة كوقف الاستيطان.
6 – الرهان على ضعف الحكومة الإسرائيلية الجديدة التي حظيت بثقة مهزوزة في الكنيست. يكفي ان تستميل الادارة الأميركية احد الحزبين الجديدين في هذه الحكومة، للضغط على نتنياهو الذي يفتقر في حكومته هذه المرة الى الأحزاب الدينية المتطرفة.
أمام هذه المعطيات وفي ظل هذه الرهانات سوف تحاول إدارة أوباما تهريب الحل الفلسطيني، وأول الغيث تحريك مبعوث جديد الى الشرق الوسط لتهيئة الأجواء لمعاودة المفاوضات. لكن هذا التوجه يفترض ان يتنقل على صفيح ساخن تشكل سوريا ساحته الرئيسية. وعليه ينتظر ان تشهد الأزمة السورية مزيدا من التصعيد في المرحلة المقبلة، هدفه الرئيسي إبقاء الدور السوري معطلا وإشغال حلفاء النظام عن الموضوع الفلسطيني.
ومن الطبيعي في هذه الحالة ان يشهد الحديث عن التسوية السورية حالة من الجمود، يعوض عنها التصعيد العسكري، في انتظار تبلور التسوية الفلسطينية، سلبا او إيجابا، وعندها يمكن التفرغ للموضوع السوري.
الا ان كل هذا السيناريو يتوقف مصيره على عاملين رئيسيين:
الأول، حدود التنازلات التي يمكن ان يقدمها الإسرائيليون، وكذلك حدود التنازلات التي يستطيع الفلسطينيون الاقدام عليها بعد ان ضاقت خياراتهم الى ابعد الحدود وذلك من اجل إنجاح التسوية.
الثاني، خطة المواجهة التي يمكن ان يعتمدها محور الممانعة، من طهران الى دمشق ولبنان بما في ذلك ما تبقى من فصائل فلسطينية مقاومة.
في كل الأحول وفي ظل هذه الأجواء والمعطيات تبدو الأشهر الثلاثة المقبلة مفصلية على مستوى الأزمة الشرق أوسطية ومحورها الأساس فلسطين، وعلى صعيد الأزمة السورية التي يفترض ان تستهلك المزيد من الدماء والخراب. والمغزى الواضح ان لا سبيل الى فك الترابط بين سوريا وفلسطين لا في السلم ولا في الحرب.  

السابق
استقالة ميقاتي تحرر الكل طمعا بالتسويات
التالي
فلسطينيو سوريا منسيون.. أمام «الأونروا»