سلاح القلق الدولي

الثابت في أي تقرير يقدمه الأمين العام للأمم المتحدة الى مجلس الأمن هو التعبير عن القلق. فمن مهام الرجل، بطبيعة الوظيفة مهما يكن الطبع الشخصي، ان يستخدم سلاح القلق في مواجهة أي خطر على السلم والأمن الدوليين. ولا فرق، سواء كان مصدر التهديد ما يحدث داخل البلدان أو عابراً للحدود، وسواء جاء الخطر من وضع سياسي مأزوم أو من حال أمنية وعسكرية متفجّرة.
وكما في التقارير السابقة كذلك في التقرير الحادي والعشرين عن حال القرار ١٧٠١ الصادر في العام ٢٠٠٦ لوقف حرب تموز وترتيب الأوضاع بعدها: بان كي – مون قلق، واللبنانيون قلقون، لكن الذين يمسكون بالعوامل المقلقة مطمئنون الى بقاء كل شيء على حاله. فلا العدو الاسرائيلي يوقف الخروق الجوية والبرية والبحرية لسيادة لبنان وشروط القرار الدولي. ولا لبنان يتمكّن من بسط السيادة على كل الأرض بمساعدة قوات اليونيفيل. ولا التقرير يغفل مسؤولية الطرفين عن تعثّر الانتقال من مرحلة وقف الأعمال العدائية الى مرحلة الوقف الثابت للنار.
ذلك أن الأمين العام يكرّر قرع أجراس الخطر، وهو يعرف اننا نسمع الصوت ونسكت أو نرفض وان الآذان صمّاء في مجلس الأمن. وهو يعيد تذكيرنا بما نريد ان نفعله كواجب وطني ودستوري ونتعثر في تحقيقه، وبما لا نستطيع فعله وان كان ضرورياً.
النوع الأول يتعلق بالسياسة ومعها الأمن. من الدعوة الى العمل على إجراء الانتخابات على أساس توافقي ضمن المهل القانونية والدستورية الى ضرورة الحوار الوطني المطلوب استئنافه. ومن التزام اعلان بعبدا حول الحياد عن المحاور بما يوقف مشاركة فئات لبنانية في حرب سوريا ويحول دون أن تمتد الينا الحرب ومخاطرها. الى إنهاء الأسباب التي تجعل الزعماء السياسيين خائفين على حياتهم.
والنوع الثاني يدور على السلاح: السلاح في منطقة العمليات الدولية، السلاح الفلسطيني، السلاح المنتشر في مناطق عدّة من لبنان. فالتقرير يكرّر ما كان محل تحذير في السابق، وهو ان سلاح حزب الله وجماعات أخرى خارج سيطرة الدولة لا يزال يشكّل تهديداً لسيادة لبنان واستقراره ويتعارض مع التزامات البلد بموجب القرارين ١٥٥٩ و١٧٠١. كما يكرر الدعوة الى حلّ سياسي للسلاح، وهو ما تعثّر في الحوار حول الاستراتيجية الدفاعية.

لكن، المشكلة ان الخلاف اللبناني ليس فقط على التشخيص الدولي للوضع بل أيضا على العلاج واستعماله. فالوضع في لبنان أخطر بكثير مما جاء في التقرير. ومجلس الأمن العاجز أو الممتنع عن وقف حرب سوريا وتسوية الصراع العربي – الاسرائيلي، يكتفي في حال لبنان بتكرار التذكير والتحذير.

السابق
السعودية: وخدعتكم القاعدة مرة أخرى!
التالي
الشرع يرفض فكرتي الاغتصاب والتحرش