المستقبل: مئات ملايين الدولارات صرفها وزير الاتصالات من دون حسيب

بدأت تداعيات الاتهام البلغاري لـ "حزب الله" بالتورط في تفجير الباص السياحي في مدينة بورغاس تتوضّح شيئاًَ فشيئاً محلياً وإقليمياً ودولياً، فيما بقي الوضع الميداني في عرسال موضع متابعة على أكثر من مستوى في ضوء السجال الذي نشب نتيجة التضارب في المعلومات حول حقيقة ما حصل في البلدة البقاعية.
لكن في موازاة كل ذلك، تابع عضو كتلة "المستقبل" النائب غازي يوسف تقديم الأدلة والوقائع حول تورّط وزير الاتصالات نقولا صحناوي في صفقات مشبوهة، وتجاهله الأعراف والقوانين المعمول بها، وآخر مآثره تجاهله طلبات هيئة التفتيش المركزي. وفي هذا السياق كتب الزميل باسم سعد إن استخفاف وزير الاتصالات صحناوي بما يطلبه منه التفتيش المركزي أثار استغراب مصادر مطلعة في هيئة التفتيش التي قالت انها لم تشهد منذ تاريخ تأسيسها حتى اليوم ممارسة في عدم التعاون والاجابة عن اسئلة موجهة الى وزير في حكومة لبنانية، كالذي يحصل مع صحناوي. فهذا الاخير، وفق المصادر اياها، يرفض التعاطي كليا مع مندوبي التفتيش الذين قرروا التحقيق في الشكاوى المقدمة من النائب غازي يوسف في ما يتعلق بعقد شركة "تاتش" الخلوية مع شركة "هواوي" "اللبنانية وليس الصينية" كما قال، وامور ادارية مخالفة اخرى .
وفي هذا الاطار، كشف يوسف لـ"المستقبل" ان ديوان المحاسبة حرّر محضراً للتأكّد والتحقّق من الكميات والاسعار الإفرادية، التي سلّمها مع العقود الى الديوان، وأكّد استغراب قاض في احد الاجهزة رفض الكشف عن اسمه، من أن يكون العقد الموقع بين "تاتش" و"هواوي" جاء باسم الدولة اللبنانية، فيما ان شركة "تاتش" هي شركة ادارة وشركة محدودة المسؤولية (ش م ل) ولا يحق لها التوقيع عن الدولة اللبنانية.
وفي المعلومات، ان المفتشين الماليين ربيع شرف الدين وانطوان نوهرا، كانا تقدّما من مكتب صحناوي بطلب معلومات تتعلق بالشركتين المشغّلتين لقطاع الخلوي، مع ضرورة الإجابة على أسئلة عدة وجهت اليه، لكنه رفض الأجابة عن كل الاسئلة المتعلقة بهذا الخصوص.
وقرّرت هيئة التفتيش المركزي، بناءً على تقرير من التفتيش المالي بشخص المفتشين المذكورين، رفع تقرير الاثنين المقبل الى الهيئة العليا للتفتيش تبلغها فيه عدم امتثال صحناوي لهيئة التفتيش، واجراء المقتضى بذلك.
واشار مصدر حكومي بارز الى "ان ما يحصل خطر جدا، حيث ان وزيرا ممثلا في أعلى سلطة تنفيذية في البلد لا يمتثل ولا يتجاوب مع التفيتش المالي او الاداري، ما يعد ضرباً بعرض الحائط لأعمال وهيبة الاجهزة الرقابية التي تعد من الركائز الاساسية لضبط الصفقات المالية والعمل الاداري في الادارات والمؤسسات العامة والبلديات".
واشار المصدر الى ان التفتيش المركزي تحرك بعدما رفع النائب يوسف رسالة مفصلة الى رئيسي الجمهورية والحكومة فنّد فيها مخالفات صحناوي "الذي يسعى الى تأميم قطاع الاتصالات منصبا نفسه خلال العام الفائت من دون ايّ رقابة المدير الأوحد والفعلي لشركتي الاتصالات".
وتناول يوسف في كتابه الى الرئيسين "عدم امتثال صحناوي لقرار مجلس الوزراء الرقم 1 تاريخ 31/1/2012 القاضي بتحضير دفتر شروط لإطلاق مناقصة دولية لتشغيل الشبكتين، وبالتالي قبل التمديد لهما دون ان يُعلم صحناوي المجلس بنواياه تجاه التمديد، تجديد، أو إلغاء العقدين".
وقال يوسف "لقد عمد صحناوي الى إلغاء عقود الصيانة والتوصيلات والتشغيل وإصدار الفواتير حسب الاتفاق الموقّع مع هيئة أوجيرو، المملوكة بكاملها من الدولة اللبنانية والتي بدأ العمل بها بموجب مراسيم صادرة عن مجلس الوزراء منذ العام 1995، ممّا انتج حالا من التأخّر في تنفيذ التوصيلات والصيانة من خلال الوزارة، ممّا أدّى الى تأخّر يزيد عن 6 أشهر لتركيب ايّ خط ارضي جديد، او تركيب ايّ علبة وأيضا بتكاليف عالية جدّا".
ورفض صحناوي طيلة العامين 2011 و2012 تحويل الاموال اللازمة لهيئة اوجيرو لطباعة بطاقات "كلام" و"تلكارت"، ممّا أضاع على الخزينة ارباحاً تقدّر بنحو 250 مليون دولار اميركي، الى ان اضطرّ الوزير أخيراً إلى القبول بها، فضلا عن انه اجرى تعيينات إدارية على خلفيات سياسية وكيدية مخالفة للمراسيم والآليات الادارية والقانونية المعمول بها، وقرّر عدم الامتثال لرأي الجهات الرقابية والادارية المختصّة من ديوان المحاسبة الى التشريع والاستشارات ومجلس الخدمة المدنية.
وكشف يوسف "ان صحناوي دفع مئات آلاف الدولارات على كلفة إرسال وفود لحضور مؤتمرات ومعارض خارج الاراضي اللبنانية، علماً أنّ هذه الوفود مؤلّفة من خارج الملاك الاداري لوزارة الاتصالات. بالاضافة الى انه انفق ما يزيد عن مليوني دولار اميركي من المال العام على هيئة المالكين المعينة من قبل الوزير وقوامها مستشاروه، للقيام نظريّا بدور الرقابة على أعمال شركتي الخلوي، أي أنّه يراقب نفسه بنفسه بمليوني دولار من دون أيّ رقابة فعلية".
ولفت يوسف الى "التعاقد مع موردين وبالتراضي (ومبالغ تفوق 300 مليون دولار اميركي) خلافاً لقانون المحاسبة العمومية وخلافاً لقرار مجلس الوزراء الذي طالب الوزير عندما مدّد للشركتين قبل عام رفع تقرير كلّ ثلاثة اشهر عن مسار عقدي شركتي الخلوي والاستراتيجية المقترحة لتطوير الشبكتين، أي بمعنى آخر تبرير الإنفاق الاستثماري قبل ان يصار الى إنفاقه من المال العام، كاشفا عن إقتطاع ما يفوق 600 مليون دولار اميركي كإنفاق تشغيلي (275) واستثماري (335) من إيرادات قطاع الخلوي (المال العام) وإنفاقه من دون حسيب او رقيب وخلافاً لقواعد الانفاق المنصوص عنها في قانون المحاسبة العمومية".

بلغاريا

وفي ضوء الاتهام البلغاري لـ "حزب الله" قالت مصادر مطلعة لـ "المستقبل" إن هذه المسألة أثارت مجدداً ضرورة "النظر في التغيير الحكومي" خصوصاً أن مصادر مطلعة في الإتحاد الأوروبي قد لمحت الى أن "التكتل الموحد لن يستبعد أي إجراءات سياسية أو دبلوماسية بحق "حزب الله" في حال أثبتت التحقيقات تورطه الفعلي في الحادث، موضحة أن اسم "حزب الله" اللبناني غير مدرج حاليا على قائمة المنظمات الإرهابية بالنسبة لأوروبا.

عرسال

ميدانياً، واصل الفوج المجوقل في الجيش اللبناني لليوم الرابع على التوالي إنتشاره وتدابيره العسكرية والامنية في كل مداخل بلدة عرسال ومحيطها وجرودها بحثاً عن المطلوبين في جريمة الاعتداء على الجيش.
وفي التحركات التضامنية، نظمت مدارس عرسال مسيرة رمزية تضامنية مع الجيش تخللها رفع للعلم اللبناني على طول نحو 316 متراً جسد نسبياً مساحة عرسال البالغة 316 كيلومتراً مربعاً.
وقام منظمو المسيرة بتسليم علم لبناني وقعه العشرات من المواطنين والفاعليات والمخاتير والمشايخ حمل في طياته رسالة جاء فيها: "جيشنا الغالي قيادة وقادة وافرادا. نعزي انفسنا معكم فنحن جزء منكم وخسارتكم خسارة للوطن كله، ولأبنائه جميعا. فقد تذوقنا من مرّ الكأس هذه لأعوام وأعوام. من هنا ندرك عمق جراحكم، ونطلب العدل والانصاف بتحقيق كامل عادل وشفاف لمعرفة ملابسات ما جرى حتى ينال كل مذنب ومخطئ ومجرم العقاب الذي يستحق. ومن هنا وبإسم اهالي عرسال جميعاً نتخذ صفة الادعاء الشخصي على كل من تثبت ادانته بالتحريض والقدح والذم بأهالي عرسال، متمنين على القضاء المختص احقاق الحق. وكلنا تحت سقف العلم اللبناني". وتم تسليم العلم الى الضابط المسؤول عن الحاجز.

أحمد الحريري

على صعيد آخر، اعلن الامين العام لـ"تيار المستقبل" احمد الحريري ان "ذكرى 14 شباط هذا العام ستكون مناسبة لاستذكار الرئيس الشهيد رفيق الحريري وسائر شهداء قوى 14 آذار، ولتأكيد ثوابت 14 آذار التي اكدها الرئيس سعد الحريري في إطلالته الاعلامية الأخيرة، انطلاقاً من ثابتة ان ما يجمع قوى 14 آذار اكبر بكثير مما يفرقها". ان واكد ان "هناك خشية على الانتخابات ممن يخاف نتائجها، ويقول بمعادلة إما إنتخابات على قياسي، او لا انتخابات". واكد ان "ما حصل في عرسال حادث مؤسف ومؤلم"، رافضاً "أي تشابه بين عرسال اليوم، وما جرى في مخيم نهر البارد".
وقال في حديث حديث الى وكالة "الأنباء المركزية" أمس: "قررت قوى 14 آذار ان تحيي الذكرى الثامنة لاغتيال الرئيس الشهيد في مجمع "البيال"، الخامسة والنصف عصر الخميس 14 الجاري، في مشهدية سياسية، بمشاركة نواب وقيادات وكوادر قوى "14 آذار" و"تيار المستقبل".
واكد ان "الرئيس سعد الحريري حاضر دائماً، ويتابع ادق التفاصيل، وجمهور "تيار المستقبل" و"14 آذار" يدرك جيداً ظروفه، ولا يلومه، وقد استمع إليه في مقابلته الأخيرة حين عبّر عن اشتياقه لبيروت ولكل لبنان، وعن رغبته في وضع وردتين، واحدة على ضريح الرئيس الشهيد ورفاقه الشهداء، واخرى على ضريح اللواء الشهيد وسام الحسن، اما بالنسبة لعودته، فهذا امر يتحدد وفقاً للمعطيات، وقرار العودة عند الرئيس الحريري وحده".
  

السابق
السفير: بلغاريا تسلم تحقيقاتها إلى دول الاتحاد والانقسام الأوروبي مستمر
التالي
الديار: سليمان مستعد للاستقالة وسيرسلها الى مجلس النواب متحديا” اخصامه