مبادرة الحريري والتحريك الفعلي للإنتخابات

الجلبة والصخب في بيروت، والطبخة في باريس.
في الوقت المناسب جاء الترياق من فرنسا. فبينما السِجال يتصاعد في ساحة النجمة، كانت باريس التي يلفها الصقيع وتلفحها الثلوج، تستعير شيئاً من الدفء اللبناني بعدما انتقلت حرارة المناقشات إليها. فرنسا الإشتراكية إستقبلت الزعيم الإشتراكي النائب وليد جنبلاط، وفرنسا الأم الحنون إستقبلت الرئيس السابق أمين الجميِّل، والإثنان إلتقيا الرئيس سعد الحريري عشية إطلاقه مبادرته الإنتخابية لإنتخابات حزيران المقبل.

ماذا تعني كل هذه الحركة؟
ما كان يُقال في بيروت تلميحاً، قيل في باريس تصريحاً، فالنائب وليد جنبلاط، وبعد لقائه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، عقد إجتماع مصارحة ومصالحة مع الرئيس سعد الحريري، وأهمية هذا اللقاء أنه جرى فيه ما يُشبه دفن مشروع قانون اللقاء الأرثوذكسي وقد عبَّر جنبلاط عن ذلك بصراحة حين قال:
لقد توصلنا بشكل خاص إلى موقف موحد من القانون الأرثوذكسي، ورأينا أنه يطعن في الميثاق الوطني. لم يكتفِ جنبلاط بهذا التوصيف البالغ الأهمية، بل قلَّل من أهمية الإنتخابات قياساً بالعلاقات الداخلية بين الأطراف فقال:
الهمّ الأساسي اليوم هو الحوار الداخلي والإنتخابات ليست سوى مرحلة عابرة.

غالباً ما يلتقط زعيم المختارة إتجاه الرياح الدولية والإقليمية فيوفِّقها مع الوضع الداخلي، فهو قبل زيارته باريس قام بزيارة لموسكو التي تبدو أنها المعنية الأولى بما يجري في سوريا، ثمّ عاد والتقى الرئيس الفرنسي القريب من الطرح الأميركي في ما يخصّ الأزمة السورية، وعليه فإنه حين يلتقي في منتصف الطريق مع الرئيس سعد الحريري فهذا يعني أن الحجر الأول في التحالف قد وُضِع في إنتظار نضوج القانون.

لكن السؤال الذي يطرحه الجميع:
ماذا سيطرح الرئيس سعد الحريري اليوم؟
وما هي حظوظ ما سيطرحه في النجاح؟
المشروع الذي سيتم تقديمه هو قانون إنتخاب على قاعدة الأكثرية وليس النسبية وسيتضمن تعديلات في الدوائر الإنتخابية الحالية.
ولن يقتصر المشروع على قانون للإنتخابات بل أيضاً مشروع قانون لمجلس الشيوخ مؤلَّف من 99 عضواً وكذلك مشروع اللامركزية الإدارية الموسّعة بحسب ما ورد في إتفاق الطائف.

ما سيطرحه الرئيس سعد الحريري ليس مجرد مشروع بل مبادرة متكاملة، وهي ستُشكِّل الحافز الأقوى لفتح حوار جدّي بعيداً عن مرحلة تقطيع الوقت في اللجنة النيابية الفرعية أو حتى في اللجان النيابية المشتركة.

ما هي حظوظ المبادرة في النجاح؟
لن يكتفي الرئيس الحريري بطرحها على قاعدة أشهد أني بلَّغت بل ستكون نقطة حوار أساسية، أما إذا رفضها الطرف الآخر فعلى عاتقه تقع مسؤولية رفع منسوب تأجيل الإنتخابات حتى ولو أوحى أنه يعمل لها.

السابق
مولد كهربائي من «الماليزية» لمدرسة الحميري
التالي
خطف شاب لبناني من بلدة القرعون في فنزويلا