الأسد لا يسقط اليوم ولا يبقى غداً!

ما معنى الحديث عن تقديم الاخضر الابرهيمي تقريراً جديداً الى مجلس الامن عن "جهوده" التي سبق ان انتهت الى الفشل بعدما أنهى بشار الاسد المقابلة الثالثة معه بطريقة مهينة، اذا لم تكن طبخة البحص الاميركية – الروسية قد بدأت تنضج اخيراً على ما يبدو الآن؟
أصلاً كان من المثير استمرار الابرهيمي في مهمته "المستحيلة" كما وصفها منذ اليوم الاول، ما لم يكن قد طلب منه او أوحي له ان من الممكن في وقت من الاوقات تحقيق اتفاق الحد الادنى بين اميركا وروسيا من خلال تفاهم على ايجاد ترجمة مشتركة لتنفيذ "اتفاق جنيف". ومن الواضح الآن ان مواقف البلدين الاخيرة توحي في خلفياتها ان مساحة الخلاف بينهما ربما تكون الى انحسار، وهو ما اكده امس الاعلان المفاجئ عن ان معاذ الخطيب قدم باسم ائتلاف المعارضة موافقة مشروطة على الانخراط في مفاوضات مع النظام على اساس اتفاق جنيف!
في هذا السياق من الضروري التوقف ملياً امام التصريحات الروسية الاخيرة التي يمكن من خلالها تلمس نوع من خلق مناخ جديد يمهد تدريجاً لحدوث تحول روسي لجهة الاستعداد لقبول فكرة سقوط النظام وانتهاء "حكم العائلة الذي استمر 40 عاماً وهذا اكثر مما يجب" [كما يقول الابرهيمي]، في مقابل تفاهم ضمني مع اميركا لم تظهر معالمه بعد!
فلقد كان مثيراً للانتباه ان يصل التحول بالرفيق سيرغي لافروف الى القول اول من امس "ان موسكو لم تكن معجبة يوماً بالنظام السوري وانها لم تسانده ابداً" هكذا بالحرف، رغم انها استعملت "الفيتو" ثلاث مرات لتعطل مجلس الامن حماية للاسد ونظامه بعدما دمرت "المبادرة العربية" ودفعت كوفي انان الى الافلاس عندما رفضت كل مساعيه لترتيب عملية "انتقال سياسي"، يفاجئنا لافروف الآن بتفهمها وقبولها، بعدما كان ديميتري ميدفيديف قد فاجأنا بدوره قبل ايام بالقول ان الاسد يتراجع على الارض وانه لم يستمع الى نصائح موسكو باجراء الاصلاحات وانه اخطأ كثيراً!
واذا صح ان هذا الكلام المفاجئ الذي يمثل بداية تغيير في الموقف الروسي من الازمة السورية، فان المفاجئ ايضاً هو ارتفاع حدة الضغوط التي تمارسها اميركا من وراء الكواليس، على الدول التي تساند المعارضة السورية وذلك سعياً لتجفيف مصادرها من الاسلحة والاموال، بهدف دفعها في النهاية الى القبول بالتفاوض على حل وسط يقوم على معادلة "الاسد لا يسقط اليوم ولا يبقى غداً". وهذا قد يعني ان المفاوضات السرية بين موسكو وواشنطن، التي حالت دون استقالة الابرهيمي، تتركز على رسم خريطة اخراجه من سوريا وفق روزنامة لا تسقط الدولة ولا ترسخ الفوضى المخيفة!

السابق
التدخل العسكري في مالي ليس كافيا
التالي
ملثّمو بلاك بلوك يقرعون طبول الحرب!