قوانين الانتخابات النيابية تنوع الآراء بتنوع المشاريع

تختلف وجهات نظر المواطنين تجاه مشاريع قوانين الانتخابات باختلاف الانتماء، الموقع والارتباط السياسي، ورؤية كل مواطن لما يؤمنه له القانون من منافع وفوائد في حياته اليومية.
وعلى الرغم من الوصف الذي يطلق على مشروع القانون الذي اقترحه اللقاء الارثوذكسي بأنه طائفي بامتياز، يقول شربل الخواجة (الصالحية): "من البديهي أن أدعم وأؤيد مشروع اللقاء الارثوذكسي، كل شيء في البلد طائفي وكل شيء يسير حسب المحاصصات الطائفية، وعندما يحين وقت الانتخاب نتنطح للمطالبة بإصلاح قانون الانتخابات وجعله غير طائفي".
ويضيف الخواجة :"منذ اتفاق الطائف ينتخب المسلمون نوابهم، في حين لا ينتخب المسيحيون نوابهم بشكل عادل وعام، ففي دوائر كثيرة يتحكم الناخب المسلم بنتائج الانتخابات ويصير النائب المسيحي أسير الوضع الانتخابي. وبما أن المجتمع طائفي بامتياز وكل شيء يتحدد حسب انتمائه الطائفي، لندع كل طائفة تنتخب نوابها، وعلى الأقل يكون هناك عدل بتمثيل رعايا الطوائف، لأني لا أجد مواطنين في هذا البلد. وإذا كان المشروع لا يبني وطناً، فإنه لا يزيد من حدة الانقسام الطائفي لأن الوضع منقسم وبشكل حاد أصلاً".

لا بديل عن الستين
ولا ترى سيلفانا الأسمر (جزين) في الأفق سوى قانون الستين، "لقد تقدمت كل قوة سياسية بمشروع قانون، رفضته القوى الأخرى. ولما كان الزمن يمر بسرعة ويظهر أن لا اتفاقاً يلوح بالأفق، فإن معظم القوى سيعود للاتفاق على قانون الستين التي جرت انتخابات 2009 على أساسه".
مواطنة لبنانية أخرى، تقول أن الموضوع لا يهمها أصلاً، ولدى الاصرار للحصول على جواب، ترى أن "كل المشاريع المطروحة لا تمثل المواطنين وأن كل مشروع قانون يولّد مشكلة أخرى في المجتمع، والمشكلة غياب أي بديل عن المشاريع المطروحة حتى الآن. وهو يجب أن يكون مدروساً ومقنعاً للمواطنين".
وعن مواصفات البديل تشير :"يجب أن يؤمن تمثيلاً صحيحاً وعادلاً. واذا أردنا أن نعيش في بلد حضاري فنحن بحاجة إلى قانون انتخابي مدني لا طائفي وعلماني. لأننا من الموقع الطائفي لا نستطيع أن نبني وطناً لكل أبنائه، ويكونوا متساويين في الحقوق والواجبات".

"الارثوذكسي" يصف المجتمع ولا يتهمه
ويدافع المهندس وليد عسيران عن مشروع القانون الذي طرحه اللقاء الارثوذكسي، قائلاً :"يتبادر للمواطن اللبناني أن تنسيب مشروع قانون انتخابي إلى طائفة معينة، يعني أنه مشروع قانون متخلف ويعمق الانقسام اللبناني الداخلي، لا سيما أن في ذاكرتنا من مسببات الحرب الأهلية استخدام كلمة طائفية بغيضة. وأن كل ما يأتي ويحمل صفة احدى الطوائف هو بغيض، فكيف إذا كان القانون على اسمها؟"
ويتساءل عسيران :"ماذا نريد من الانتخابات؟ هناك نظرتان : الأولى، أن تتطرق الطبقة السياسية، التي ستنتجها الانتخابات النيابية، إلى مسألة الكيان والخيارات المتصلة به، والتحالفات التي ستنشأ عن نزاع المنطقة. أي علاقة لبنان بمحيطه. وفي كلام آخر، أن تأخذ هذه الطبقة عبر التصويت، غيرها من مكونات البلد إلى حيث لا ترغب، وفي هذه الحالة تبدو العملية الديمقراطية تلعب دوراً منفراً بدلاً من أن تكون متنفساً لحل المشكلات والنظرة. الثانية: أن تذهب الطبقة السياسية الجديدة إلى ادارة يومية للبلد وتزيد عملية التواصل مع جميع الأطراف، لمعرفتها أنها غير وازنة في الصراع الاقليمي".
بعد هذا المدخل، يعود عسيران لشرح تأييده لمشروع اللقاء الارثوذكسي :"إنه نسبي داخل الطوائف، الجميع سيتمثل من خلاله، وسيعترف الجميع أن مكونات المجتمع طائفية، وأن من يريد اظهار نفسه خارج الطوائف ما هو إلا فولكلور ملحق بالواقع اللبناني. يبدو أن مشكلة القانون باسمه، لكنه أكثر قانون له صفة واقعية، لأنه يصف المجتمع كما هو، ولا يتهمه، إذ أن المجتمع والنظام السياسي الناتج عنه يتمثلان بالمؤسسات الطائفية والعائلات".
ويحاول عسيران أن يظهر صورة تشكل السلطة، إذا أقر القانون ونفذت الانتخابات عبره :"إن أكثرية الفائزين عن كل طائفة لا تستطيع تشكيل سلطة بمفردها، عليها التعاون مع الأكثريات الأخرى، ولأن التعاون مفروض، بالتالي سيجري تغليب الرأي الوسطي، إذا صح التعبير عن ذلك. وإن من يتهرب من هذا القانون عليه أن يعترف أنه سوف يتعامل مع أكثرية من غير طائفته وأقلية داخل طائفته".
ويختم عسيران :"ربما إنه قانون محرج لأطراف سياسية، لكنه من أصدق القونين، يجعل المجتمع يواجه ذاته، وآمل أن يُعتمد، لنستمع إلى الصوت السياسي الانتخابي. لكني لست متفائلاً لعلمي أن النظام السياسي اللبناني يتفلت منه، لينقذ ذاته".

قانون يعتمد النسبية
وينظر المحامي وسيم الناشف إلى قانون الانتخاب بصفته أساساً من أساسيات بناء الدولة، "إنه يطور ويصلح من هيكلية الدولة، فإذا أردنا أن نسير بطريقة صحيحة للدخول إلى عالم المواطنة والحداثة فيجب إلغاء القيد الطائفي وإقرار قانون انتخابي على أساس النسبية واعتبار لبنان دائرة انتخابية واحدة".
وحول صعوبة ما يراه الناشف في الوضع الراهن يوضح :"أنا مع أي قانون يستخدم النسبية لأنه في مطلق الأحوال أفضل من أي قانون أكثري، لأن هذا الأخير يلغي الآخر أي أنه يلغي التمثيل الفعلي لنحو نصف الشعب اللبناني".

النظام الطائفي علة العلل
ويعتقد المحامي رائد عطايا أن علة العلل هي النظام الطائفي المعتمد "الذي نجد فيه شتى أنواع الفساد والافساد وعدم مسؤولية تجاه الدفاع عن الوطن والنزاعات غير المبررة ومحاولات الهيمنة بين قوى 8و14 آذار. والمشكلة في هذا النظام الذي يعيد انتاج نفسه عبر القوانين الانتخابية المتكررة التي تبتكرها الطبقة السياسية الحاكمة التي تسعى كل مرة لاقتسام الجبنة".
ويضيف عطايا :"حلمنا أن نصل إلى قانون انتخابي يعتمد على النسبية وأن يكون لبنان دائرة واحدة ويتم الترشح والانتخاب خارج القيد الطائفي. لكن هذا حلم، وما هو متداول، أعتقد أن الأفضل قانون بطرس الذي يعتمد نصف نسبي ونصف أكثري وهو يشكل خطوة إلى الأمام. لأن قانون الستين يعيدنا إلى ستينات القرن العشرين والقانون الارثوذكسي إلى ستينات القرن التاسع عشر (القائمقاميتان)".
ويعود عطايا ليوضح :"القانون الارثوذكسي المقترح أعتقد أنه مدخل إلى الفدرالية، وهو سيفتح الطريق لاحقاً إلى تبادل أراضي وتبادل بشر. وهو تجذير للنظام الطائفي وحماية للطوائف ككيانات سياسية".

عودة إلى الستين
ويرى الناشط في المجتمع المدني رامي شما، أن لا مصلحة لأية قوة سياسية سلطوية بقانون غير قانون الستين معدلاً، أي ذلك الذي جرت انتخابات 2009 بموجبه، لأن الطبقة السياسية يهمها أن تبقى في الحكم، وأن تحافظ على مصالحها. "وأعتقد أن كل اللقاءات والاجتماعات التي تعقد مجرد تضييع وقت واعطاء اللبنانيين أملاً أن يتغير قانون الانتخابات، لكن في حقيقة الأمر فإن الوضع يتجه إلى ابقاء الوضع على ما هو عليه".
ويضيف شما :"ما أقوله يمكن أن يحصل في حال حصول انتخابات، لأن هناك نظرة سياسية تربط الوضع اللبناني بالوضع السوري فيمكن أن يحصل حدث أمني أو اقتصادي يؤدي لى تأجيل الانتخابات ستة أشهر وبالتالي تبقى الحكومة الحالية".
وحول مهام المجتمع المدني، يشير شما: "يواجه المجتمع المدني مهمتان : الأولى، أن تتم الانتخابات النيابية في موعدها، مهما يحصل، لأن ذلك حقاً ديمقراطياً للمواطنين يجب أن يتم ولا نقاش حوله. الثانية: أن يتم التوافق على بعض الاصلاحات التي تدفع بأفضل تمثيل للفئات المهمشة من أحزاب صغيرة أو تيارات ديمقراطية تمثل شريحة واسعة لكنها غير ممثلة في مجلس النواب بسبب القوانين الحالية".

الى دولة مدنية
أما رئيس حلقة التنمية والحوار إميل اسكندر فيقول :" إذا كان المطلوب إبقاء لبنان في دائرة النظام الطائفي والمحاصصة الطائفية، فمن العبث أن نتناول بعداً واحداً من هذا النظام، يتعلق بقاون الانتخاب، وإغفال الأبعاد الأخرى المتعلقة بطبيعة النظام والقوانين والادارة والوظائف العامة وكل ما يعبر عن المحاصصة السياسية. إذا أردنا أن نكون منسجمين مع طبيعة النظام الطائفي فلا يمكن إغفال توزيع الحصص بحسب المناصفة وهذا ما نص عليه الدستور اللبناني. وهنا طبعاً يمكن تناول قانون الانتخاب من عدة زوايا بحسب ما يطرحه كل مشروع قانون من هذه المشاريع".
ويضيف اسكندر :"فمشروع قانون اللقاء الارثوذكسي يذهب مباشرة إلى اختيار النواب من قبل ناخبي كل طائفة، وهذا بالطبع لا يتناقض مع مضمون الدستور بالرغم من كل ما يقال لجهة خرق صيغة العيش المشترك التي تبقى مجرد سلعة للمزايدة السياسية. وهناك مشاريع قوانين أخرى تجميلية، لا تتوخى إصلاح الحياة السياسية في لبنان ولا تعدو كونها ذر رماد في العيون مثل طرح قانون النسبية، أو نصف نسبية ونصف أكثرية وفقاً لحسابات الطوائف والزعماء السياسيين الذين تهمهم الحصة السياسية بالدرجة الأولى".
ويخلص اسكندر إلى القول: "باعتقادي إذا كنا نريد فعلاً الخروج من المأزق الطائفي علينا أن نبادر إلى إصلاح هذا النظام برمته وذلك بالانتقال إلى دولة مدنية ترتكز على مبدأ المواطنة والمساواة والعدالة بين جميع المواطنين، وهنا يمكن أن نطرح قانون النسبية على أساس لبنان دائرة واحدة وخارج القيد الطائفي. أما أن نجتزئ الأمور، كما هو حاصل في حوار الطرشان بين 8 و14 آذار، بذريعة اصلاح قانون الانتخاب بما يتلاءم مع روح المواطنة وفي الوقت نفسه الابقاء على سيئات النظام الطائفي في كل امتداداته الأخرى، فهذا أمر لا يمت إلى الإصلاح بصلة، ولا يهدف إلى نقل الدولة إلى دولة مدنية عصرية؛ وإنما الهدف من هذا التقاذف السياسي هو رمي الكرة في ملعب الطرف الآخر وابقاء الوضع على حاله".
  

السابق
جنبلاط التقى هولاند: شددنا على أهمية عدم نقل الأزمة السورية الى لبنان
التالي
صالحي: تركيا مرشحة لاستضافة مفاوضات “النووي الإيراني”