سيل ليجرف دولة العفن!

استيقظت يوم الاربعاء على "شر البلية ما يضحك" وفي لبنان السعيد غالباً ما نستيقظ على البلايا المضحكة. كانت العاصفة تزمجر في الخارج حتى ليكاد المرء يحسب نفسه جدنا نوح وقد بعث حياً مع فلكه العائم في فيض من السيل، الصاعد منه اكثر من النازل من رحمة ربك والسماء، ثم علا الصوت الذي نعرفه جميعاً وكان يغالب العاصفة ويقاوم المطر، انه صوت "موتور" بائع الماء وقد جاء يملأ خزان الجيران الذين استيقظوا على "عطش"!
صدّق أو لا تصدّق، لكن ابتسم انت في لبنان العالق في عاصفة أغرقت البلاد والعباد ولكنها لم تستطع من ان توفر حاجة الجيران من الماء، وتساءلت هل من الضروري ان اكتب عن وساطة الأخضر الابرهيمي الغارقة في دماء السوريين، ام عن لبنان الغارق في الاهمال الفاضح وفي العطش والطوفان، وفضلت كتابة "رسالة من تحت الماء" ليس فيها شيء من عبد الحليم، فلا مكان للحلم مع الغضب والازدراء في مواجهة هذه الدولة المعفنة!
ذات يوم مات الشيخ موريس الجميل وهو يدعو الى استحداث انابيب مياه في مقابل انابيب النفط، لتنقل المياه من لبنان الى دول الخليج العطشى فنجني من الثروة ما يتجاوز ثروات طويلي العمر جميعاً، لأن النفط سينضب يوماً وشتاء لبنان وامطاره لن تنضب، لكنهم لسخافتهم آنذاك، قالوا ان الشيخ موريس "يخرّف"، ثم جاء علينا حين من الدهر السيئ فصرنا كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول!
مرة جديدة بدت الدولة ومجلس وزرائها المفلس مثل مجموعة من المتسولين قرروا ان يجودوا على المتضررين من السيول وانفجار الاشرفية وباب التبانة بثلاثة مليارات "عيشوا بهذه النعمة"، لكن ليس هناك من يفكر في ما يجب فعله للحيلولة دون ان يغرق الناس دائماً في السيول مع كل عاصفة ودون ان يموتوا من العطش في بيوتهم الغارقة في الطوفان!
انا افهم الوزير غازي العريضي عندما يقول ان ضميره مرتاح، فعلاً لأن ليس في وسعه ان يصلح ما افسد دهر من الاهمال والتقصير، فمنذ ايام نوح يكرر الوزراء القول للمواطنين الغارقين في المجاري والسيول: ماذا نفعل هذه عاصفة استثنائية! او كما قال احد اصحاب المعالي: الحق على السماء وليس على الوزارة التي لم تفتح المجاري!
هذا عن الغرق، اما عن العطش ونحن في قبضة السيول فحدّث ولا حرج، ربما لتستحق هذه الدولة المسخرة جائزة نوبل في التقصير و"الحمرنة"، وخصوصاً اذا عرفنا ان "الحمير" في قبرص انشأوا 108 سدود تخزن 330 مليون متر مكعب من الماء، بينما يعطش اللبنانيون ومياههم ذاهبة الى البحر جارفة الناس… وحياء المسؤولين!

السابق
النهار: “الأرثوذكسي” يهزّ شباك الأكثرية والمعارضة
التالي
أميركا تتصالح مع المنطقة