فسحة عيد؟

يُفترض مبدئياً يا إخوان يا خلاّن، أن تكون الأعياد وبهرجتها ومناخاتها، مناسبة لتعليق الكلام والسياسات والأدوار على شجرة مضيئة تخفّف من عتمة حروفها وصلافة مصطلحاتها ورعونة توعداتها الخرابية.
ثم يُفترض بعد تلك الفسحة "النوّارة" أن يعود الربع الى سريانه الأول وسيرته الأولى، حيث اللغة في ذاتها شغّالة حروب وولاّعة نكبات وولاّدة أساطير إسبارطية مجلجلة ومزلزلة ومدمّرة ومُسجّلة دائماً وأبداً تحت خانة الانتصارات الإلهية التامة، التي لا تشوبها رداءات ونواقص البشر.. كما نعرفهم.
غير أننا وفي الآونة الأخيرة تحديداً وتبعاً لهيجان الوضع السوري، وانطلاق البازار المفتوح في شأن مصير السلطة الأسدية، وتطوّر الحكي عن ذلك المصير ووضعه في سياقات ومشاريع ومبادرات، تُجمع رغم افتراق تفاصيلها، على البحث في المستقبل طالما أن الحاضر قد انقضى أمره أو يكاد، وذلك المستقبل يعني جملة واحدة هي "سوريا بعد الأسد" وليس أي شيء آخر… في ضوء وعتمة كل ذلك الضجيج، لاحظ ويلاحظ الجميع، أن ترف الصمت غير متوفر بأي كميات معقولة، عند الممانعين المحليين وأربابهم خارج الحدود، بل إن الطخّ ازداد باتجاهات تهويلية أشمل وأعمّ: ما عاد يكفي لبنان وبلاياه، فتقرر "تفعيل" ومدّ وعود الويل باتجاه سوريا وانطلاقاً من تطوراتها المتسارعة!
.. وزبدة تلك "التطورات المتسارعة" هي إقتناع معظم "المعنيين"، أن سلطة الأسد آفلة قريباً. وذلك، كما هو معلوم ومفهوم، زلزال لن تقتصر مفاعيله الارتدادية على الجغرافية السياسية السورية بل سيطال أول ما يطال، المركز الإشعاعي الأول للممانعة في طهران وملحقاته، من بغداد الى جنوب بيروت. وبالتالي، بدا أنه لا بد من تخريب الحفلة قبل أن تبدأ، وذلك كارٌ لا أحد يبزّ أهل الممانعة فيه وفي تفاصيله وكيفياته.. فصيل الحرب النفسية لا يرتاح، ولا يأخذ إجازة، ولا يعرف شيئاً عن الأعياد وما شابه من توليفات لا تليق بصهيل الخيول وقرقعة الخناجر والسيوف في ساحات الوغى.. وكل ساحة هي ساحة وغى. وكل صباح هو مطلع أيام بطولات وأمجاد ونوازل وصواعد لا مثيل لها في العالمين.
.. وعليه، انهمر الكلام فجأة مثل أمطار كانون، وراوحت غزارته وحدّته بين التلويح بـ"حرب عالمية" والتلويح بقدرات "حزب الله" على التدخل في "اللحظة المناسبة" لتصحيح المسار التحريفي الفالت في سوريا! ودون ذلك، وفي موازاته، بدأت تسريبات (مألوفة) عن نيّات الحزب في الداخل اللبناني، إلا أنها بقيت تسريبات غير حاسمة تبعاً للنمط ذاته الخاص بترك الأغيار "حيارى" إزاء الخطوة التالية؟!
وفي الخلاصة المنحوسة، خاب وسيخيب أكثر، أمل التائهين في ليل أحلامهم، بفسحة بسيطة تريح اللبنانيين من أثقال "الانتصارات" ووعودها وأكلافها ومآسيها.. فإسبارطة لا تنام ولو لأيام! شكراً.
  

السابق
كلنا لبنانيون… إلا الدولة
التالي
هل يحمل مطلع العام أجوبة حاسمة حول قانون الانتخاب؟