الاعتراف سيد الأدلة

ما نشرته الصحافة اللبنانية وما أذاعته وسائل الإعلام عن «الدور الإنسانيّ» الذي يؤديه أحد «المماليك» في «إغاثة الشعب السوري» متّخذاً من دولة معادية لسورية، لها ما لها من «أياد بيضاء» في الحوادث الدائرة هناك مقرّاً له، بدا للوهلة الأولى كلاماً منطوياً على بعض الالتباس، لخطورة ما يتضمنه من خروج على الأعراف والمواثيق الدولية والعلاقات القائمة بين دول شقيقة وأكثر. لكن الاعتراف الصريح والكلام المنشور في مقابلة مع صاحب الشأن في إحدى صحف «الربيع العربي» أكد بما لا يقبل الشك أن ما كتب وما أعلن عن انغماسه في مؤامرة العولمة «الإسرائيلية» ـ الأميركية بإيعاز من سلاطين النفط والغاز في محميات الخليج المستعرب وإدارة «الهارب من مواجهة الاستحقاقات في بلاده» هو أمر حاصل، أقرّ به ذلك «المملوك» الذي ظن أنه ببعض الأموال القذرة التي أعطيت له وبلسانه الذرب سيتمكّن هو وأسياده التكفيريون من السيطرة على دولة مقاومة ما زالت تحظى بنسبة ساحقة من دعم مواطنيها وتماسك جيشها الأبي الصامد والمدافع عن كرامتها واستقلالها ومن تجمّع دولي له تأثيره الفاعل على الساحتين الإقليمية والدولية.
أمّا ذلك التائه بين المضارب والمناسف وقوافل الحور، والمتباكي على سلطة تبخّرت من واقعه وأضحت حلماً مزعجاً وكابوساً يقضّ مضاجعه، لم يدرِ أن من أوكل إليه تلك «المهمات الإنسانية» لم يكن يوماً عُقاباً ولن يكون في المدى المنظور صقراً، بل هو «مملوك صغير» في إمارة متداعية سيطرت بغير وجه حق لفترة من الزمن على مقدّرات البلاد وشرّعت ما طاب لها من قوانين أباحت بها كل المحظورات فأفسدت الاقتصاد وأغرقت البلاد في كم هائل من الديون. والكل يعلم ما فعلته نسبة فوائد سندات الخزينة التي وصلت إلى خمسين في المئة وأفاد منها «السلطان وحاشيته» لفترة زمنية قصيرة عادت بعدها إلى ما كانت عليه بعد أن تأمن للمحاسيب والأزلام أرباح هائلة على حساب خزينة الدولة والمال العام، ناهيك عن ردم البحر واستملاك الشركات الدائرة في فلك إمارتهم مساحات شاسعة من الأراضي المردومة، وما زال مكب «النورماندي» بنفاياته المتراكمة يشهد على وجدانهم المنفي خارج حدود الوطن.
غداً، وبعد جلاء غبار «المعارك» التي أثارها ذلك «الغُراب»، والتي أشرف عليها وأدار شؤونها المالية وغير المالية من ظن أنه أصبح بعدما شمَّر عن ساعديه وخلع سترته أمام الجماهير أنه سيفتتح عهد البطولات وسيُسقط قلاع الدولة المقاومة التي صمدت أمام أعتى الغزوات والبربريات التي حاصرت أسوارها، ليكتشف توسّل في معاركه أحصنة من خشب أشبه بألعاب الأطفال في مدارس الحضانة، بدءاً بذلك «المضياف» الذي قدّم أكواب الشاي إلى جيش العدو «الإسرائيلي» مروراً بأبواق الجوقة التي تلتف حول دفاتر شيكاته الجاهزة لأداء دورها الخبيث في شراء الضمائر، وصولاً إلى «الغراب» الذي أرسله ليكون صقراً كاسراً فاستحال دجاجة تنقر الأرض تفتش عن قوتها القذر بين أكوام الضحايا التي ولغوا من دمائها، وما زالت أحلامه بالانتصار على قلب العروبة مثل أحلام إبليس بدخول الجنة.
أخيراً نرى أن من واجب المجلس النيابي الذي ينتسب إليه ذلك «الصقر» أن يرفع الحصانة النيابية عنه وأن يحيل الأمر على القضاء المختص ليقول كلمته، بذلك تستقيم الأمور وتستوي حيثيات العاملين في الشأن القومي والوطني، ليصبح فضاء الحرية الرحب ملعباً للنسور الحقيقين وحماة الديار ويرمي المتشبهون بهم، ولو بالأسماء والألقاب، في زوايا النسيان والعدم.

السابق
خدام: الأسد سيستخدم الأسلحة الكيميائية ضد الشعب السوري
التالي
جهاديون في المستقبل بربطات عنق