أوباما الإيراني والتفاوض في جهنم

لم يكن مفاجئاً ان يتسابق الأخوان صادق ومحمد لاريجاني على مد اليد الى باراك اوباما بعد فوزه، فصادق الذي يرأس السلطتين التشريعية والقضائية ويعتبر من منظري التيار المحافظ ابدى استعداداً للتفاوض، عندما ذكّر بأن اوباما سارع الى مد يد التعاون مع ايران عقب فوزه بولايته الاولى، اما محمد فقد ذهب الى ما هو أبعد عندما قال: "لو إقتضت مصالح النظام سنفاوض اميركا ولو في قعر جهنم"!
ولم يكن مفاجئاً ان تتعمد مقاتلتان ايرانيتان قبل هذا الكلام التصالحي إستفزاز واشنطن باطلاق النار على طائرة اميركية فوق المياه الدولية في الخليج وعلى مسافة 100 كيلم من ايران، لتكتفي اميركا بالقول: "أمامنا خيارات عدة من ديبلوماسية الى عسكرية لحماية قواتنا في المنطقة وسنلجأ اليها في الوقت المناسب"!
يمكنني القول ان ايران قدمت تمريناً في ديبلوماسية العصا والجزرة التي تطبقها اميركا معها منذ اعوام، فهي مستعدة للنزول الى قعر جهنم لتفاوض "الشيطان الاكبر" في عقر داره وجاهزة لمواجهته في عقر دارها. أوليست هذه هي السياسة الاميركية المتبعة مع طهران، وقد كرر اوباما دائماً القول انه يضع كل الخيارات على الطاولة تذكيراً بالضربة العسكرية واكتفى بالعقوبات التي يرى انها اتت نتائج مؤثرة ظهرت ملامحها عبر الأزمة الاقتصادية وإن لم تعترف بها طهران!
لا استعداد ايران لمفاوضة اميركا ولو في جهنم من المفاجآت، ولا اكتفاء اميركا برد بارد على الاستفزاز الجوي من المفاجآت، ربما لأن وراء ديبلوماسية العصا والجزرة التي يتراشق بها الطرفان خطوطاً خلفية تسعى الى التفاهم، فقد قال محمود احمدي نجاد في نيويورك قبل اسابيع: "من الضروري انهاء حال العداء مع اميركا. لماذا لا نصرف طاقاتنا لنتعامل بعضنا مع بعض… ان مسيرة حل القضايا العالقة بيننا مستمرة"، بما اوحى ان هناك أقنية خلفية للتفاوض بين ملالي ايران و"الشيطان الاكبر"، وقد سبق ان قال علي خامنئي انه سيكون اول من يؤيد اقامة علاقات مع اميركا لو وجد فيها فائدة لايران!
ولكن كيف سيتصرف اوباما 2 مع ايران ؟
في ظل هذه الوقائع وقياساً بالازمة الاقتصادية الاميركية التي تفرمل الاندفاع الى الحروب وتفرض الانسحاب من افغانستان بعد العراق، من الواضح ان اوباما سيواصل العمل بسياسة العصا والجزرة مع طهران مكتفياً بالعقوبات الاقتصادية، لكنه سيبقى جاهزاً لعمل عسكري على الحافة لمنع ايران من اجتياز عتبة القنبلة النووية .
والاستراتيجيا العميقة في واشنطن ثابتة عند معادلة ابقاء ايران بعبعاً بلا أنياب نووية وهو ما يكفل استمرار سياسة الإذعان الخليجية، وخصوصاً مع عصف الكراهيات الشيعية – السنّية، لترتاح واشنطن وربيبتها اسرائيل!

السابق
المشكلة الاجتماعية سياسياً
التالي
نتنياهو وأوباما