حول الحكومة الانتقالية السورية مرة أخرى

على مدى أربع ساعات طويلة في جلسة لاعضاء المجلس الوطني المنعقد الآن في الدوحة أجاب المناضل رياض سيف على أكثر من مائة وثلاثين سؤالاً من الحضور, وقال يجب الحفاظ على المجلس الوطني,ثم قال "ستتشكل حكومة تكنوقراط هي الحكومة التنفيذية وهناك هيئة سياسية من 50 شخصا" السؤال أين سيكون مكان المجلس في هذه المرحلة ? المؤلم ان هناك من له قدم في المجلس وقدم في المبادرة والبعض مستسلم ضمنيا لهذه الضغوطات ويقبلها كأنها تعليمات لايمكن تجاوزها مخادعا نفسه بوعود حتى صاحب المبادرة لم يؤكدها ويضمنها, حيث لا ضمانات بأي دعم للجيش الحر, لا حظر جويا, لا ضمانات للدعم الإغاثي. ولكن بعض الوعود كالعادة, هذا حرفيا ما سمعت وقرأت من تعليقات الزملاء في المجلس الوطني, إضافة الى ما قاله الاستاذ رياض سيف شخصيا, هناك بالطبع مجموعة من النقاط تثار حول مبادرة الاستاذ رياض المعروف عنه حرصه على وحدة الكلمة المعارضة, لكنني أود في الواقع وبعيدا من موقف بعض اعضاء المجلس الوطني من المبادرة والذي يتعلق بخوفهم على شخوصهم! وعلى انتهاء دور المجلس مع القبول بهذه المبادرة.
أقول بمعزل عن كل هذا أريد مناقشة الاستاذ رياض في مجموعة نقاط مهمة, أولها إن المبادرة لاتكتمل إلا اعتبارا من شعار وحدة المعارضة, واعتماد التمثيل التوافقي بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى, فكيف يمكن التوفيق على سبيل المثال لا الحصر بين ما يمثله المجلس من خط سياسي وبين حزب العمل الشيوعي الحالي, أو بين موقف الاستاذ رياض نفسه وموقف حسن عبد العظيم كزعيم لحزب الاتحاد الاشتراكي? الموقف السياسي للطرفين معروف, ورؤيتهما للثورة ومايجري على الارض أيضا مختلفة, وخصوصا في رؤيتهما الى طبيعة الثورة والعصابة الأسدية وكيفية التعامل معها, وهذا الخلاف ليس تكتيكيا على ما أعتقد, بل هو خلاف ستراتيجي وأساسي ولا يمكن تجاوزه, رغم كل المحاولات التي بذلت, لأنني اعتقد أن المحصلة السياسية في النهاية هي أي طرف يخدم هذا الموقف السياسي أم ذاك, وكيف يتجسد على الارض في موازين القوى, لهذا لا يمكن بتاتا أن نردم الهوة مع الشباب, هذه نقطة أولى. نقطة ثانية ومهمة جدا واعتقد أنها تشكل مفصلا أساسيا, وهي أن تحوز المبادرة في هذا التوقيت بالذات على مباركة أميركية – فرنسية -بريطانية, فهذا يعني بشكل مباشراستمرار العمل الجاري على تحويل ما يدور في سورية من ثورة إلى حرب أهلية متعددة الرؤوس والاطراف. يخطئ كثر من المعارضين عندما يعتقدون أن الدول الثلاث كاملة العضوية في مجلس الأمن – المعطل روسيا وصينيا – لديهم تصور انقاذي يعملون عليه, هذا كلام غير موجود أبدا مهما ادعى الناطقون باسم هذه الدول وغيرها, الحكومة الانتقالية المقترحة الغاية منها إما العودة لجنيف وما أدراك ما جنيف, وما تحتويه مبادرات كوفي عنان وبعده الاخضر الابراهيمي, او مزيد من تشرذم التمثيل السياسي للثورة, لا يمكن تشكيل اطار سياسي جديد في ظل وعود خلبية من هذه الدول ومن غيرها, ليعطوننا ما لديهم وكيف سينفذون اهداف مبادرة الاستاذ رياض وبعدها لكل حادث حديث, ليذهب بعدها المجلس الوطني أو أي تشكيل سوري معارض لهذه المبادرة إلى الجحيم, لكن إثارة زوبعة كبيرة على فاشوش كما يقال بالعامية, فهذا أمر اتمنى من الاستاذ رياض ألا يقع فيه.
هذه الزوبعة تعني الابتعاد عن جوهر الموقف الغربي, والذي يتمثل حتى اللحظة بعدم وجود تصور واضح مدعوم بقوة من أجل تنفيذه على الارض إنما ما هو موجود هو تبرير لعدم تدخلهم العسكري من أجل حماية المدنيين ووقف العنف الممارس من قبل العصابة الأسدية. يضغط الاميركيون على كل الجهات الدولية والاقليمية بألا ترسل دعما عسكريا للجيش الحر وخاصة اسلحة متوسطة أو ثقيلة وخفيفة حتى ,ولا تريد أن تتدخل عسكريا إذا من يفرض حل التفاوض مع العصابة الأسدية من أجل تسليم السلطة, وهي تقوم بالقتل والرفض? كيف سيحل الاستاذ رياض هذه القضية? لاجواب عنده, اتمنى ألا تكون هذه المبادرة تغطية لتواطؤ غربي مع الموقف الاسرائيلي في ترك البلد كي تدمره العصابة الأسدية وتسورنها على الطريقة الصومالية- كما بينت سابقا في أكثر من مقالة منذ بدء الثورة, حول التواطؤ الغربي مع الجريمة الأسدية- من دون انتباه من الاستاذ رياض سيف والقيمين معه على هذه المبادرة, ليعذرنا الاستاذ رياض ومن معه على صراحتنا,ويعذر حرصنا عليه الشخصي والمعارض.  

السابق
تونس و«السلفيون» و«الإخوان» … والخوف من الهاوي
التالي
محدش واخد منها حاجة