من أجل ماذا تسيل الدماء؟

نحن نعيش في اجواء الأشهر الحرم التي حرم الله تعالى فيها القتال وسفك الدماء ونعيش موسماً عظيماً يدعو الى تعزيز جميع مظاهر الوحدة بين المسلمين وهو ما نراه في حج البيت الحرام، فكيف نفسر ما حدث بالأمس في الكويت الا انه نزغ من عمل الشيطان ليفسد على الناس وحدتهم وصفاء قلوبهم وليوقع بينهم العداوة والبغضاء.
ان من اشعل الساحة وقذف بآلاف المتظاهرين الى مواجهة قوات الأمن هو من يتحمل مسؤولية ما حدث، وهذه الخطابات الجوفاء التحريضية هي ما اشعل الفتنة الى ان حدث الصدام.
نحن نؤمن بأن الحكومة كانت قادرة على تجنب تلك المواقف المؤلمة لو انها تحلت بالحكمة في مواجهة المتظاهرين ولم يكن هنالك داع للقبضة الأمنية امام جموع سلمية تسير في الشوارع، وليس هذا هو مفهوم الحزم الذي نطالب به جميعاً، لكننا في الوقت ذاته نعتقد بأن الذي حرك الشباب اليافع وقادهم الى التصادم يرتكب جريمة بحق الوطن، وتلك الجروح قد تندمل جسدياً، لكن اثارها النفسية قد لا تندمل.

ويتساءل المرء من اجل ماذا حدث كل ذلك؟! وهل هذه هي «كرامة وطن» التي رفعوا شعارها؟! وأين دور وجهاء البلد من شيوخ القبائل والمفكرين والاعلاميين والعلماء ولماذا استسلم هؤلاء الشباب خلف مجموعة من طلاب الشهرة والفوز في الانتخابات يقودونهم حيث شاءوا؟! والى متى ستستمر الاحداث بهذه الطريقة وسط صمت حكومي مريب ومطاعات أمنية مؤلمة وشعارات فارغة قد لا يدرك مطلقوها ما تعنيه؟!
وقد صورها البعض بأنها مواجهة بين الشعب وأميره!!
أليس من المفارقات ان ينزل نواب الأمة الذين يملكون جميع وسائل التغيير التشريعية الى الشوارع وساحة الارادة في كل مناسبة ليعبروا عن غضبهم ثم يتركوا جلسات مجلس الأمة؟!
أليس من المفارقات ان تقاطع التيارات السياسية والنواب الانتخابات البرلمانية التي يستطيعون من خلالها اسقاط مرسوم الضرورة بتعديل نظام التصويت ثم ينزلون الى الساحة لكي يضغطوا على السلطة للتراجع عن ذلك المرسوم؟!

لقد تبين من خلال التجمعات التي احتشدت بالأمس بأن غالبية الشعب ترفض هذا الاسلوب في تغيير ما تراه خطأ دستورياً، وقد يزداد هذا الرقم في التظاهرات اذا ما قرر بعض المغامرين افتعال المزيد من الصدامات بين الشرطة والمواطنين، ولكن ذلك يعتبر من الانتحار الذي يجب ان نتصدى له جميعاً والا نسلم وطننا للانتحاريين والمغامرين لاسيما ممن يرونه الطريق الاقصر للوصول الى الكرسي الأخضر.
لقد ذكرت مراراً وتكراراً بأن تغيير القوانين من خلال مراسيم الضرورة هو خطأ جسيم وقد يفتح شهية السلطة لأمور اكبر، لكن ذلك لا يعني ان نتصدى لتلك القناعة لدى السلطة بالعنف، ومع ان الذين قرروا مقاطعة الانتخابات احتجاجاً على ذلك المرسوم لهم الحق في التعبير عن معارضتهم، لكن الأسلم هو الدخول الى المجلس المقبل لاسقاط تلك المراسيم ان كانت مرفوضة لديهم.
  

السابق
السنيورة: لن نشارك لا بالحوار ولا في البرلمان.. والأمور الى التصعيد
التالي
غانم: 14 اذار حريصة على عمل المؤسسات