الرئيس نجيب ميقاتي والرحيل

لبنان مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تحول إلى أرض قاحلة تنعق فيها الغربان. كيف حصل ذلك؟
الجواب في غاية البساطة:
المعادلة المنطقية تقول إن المسؤول يتعب ليرتاح الناس، هذه المعادلة تبدَّلت مع الرئيس نجيب ميقاتي حيث الناس يتعبون ليرتاح هو. منذ دخوله الحياة السياسية في العام 1992 وحتى اليوم، عشرون عاماً، كيف كان فيها؟
وكيف أصبح؟
وأين أصبح؟
منزل متواضع في بيروت يجاوره مكتب متواضع، هذا كان عام 1992، فأين هو اليوم؟
لا حاجة إلى تكرار أين أصبح لكن لا بد من التوقف عند الظاهرة التالية:
لعل الرئيس نجيب ميقاتي من القلائل، وربما الوحيد، الذي استفاد من كل الظروف والعهود وموازين القوى منذ العام 1992 وحتى اليوم:
كان في قلب النظام السائد البائد لاحقاً، بين الأعوام 1992 – 2005، كان يُفتَرض أن يخرج مع الخارجين، إلتف على حلفائه التاريخيين وعلى خصومه فقفز إلى السراي الحكومية في لحظة الغضب على الرئيس عمر كرامي، مُعلناً الإلتحاق بثورة الأرز على رغم أن تاريخه المجيد لا يُتيح له الإلتحاق بالثورات!

***
منذ انتخابات العام 2005 وحتى عودته إلى السراي الحكومية أخيراً، عمل كأنه حليف الأكثرية، أفاد منها في الإنتخابات النيابية لكنه في لحظة معينة، وفي تكرار بغيض لِما حصل في العام 2005، قفز الرئيس نجيب ميقاتي من قارب الأكثرية ليُعيد تموضعه عند حلفائه التاريخيين ولكن وفق استراتيجية جديدة تقوم على المعادلة التالية:
ممارسة سياسة يومية ظاهرة تقوم على مبدأ النأي بالنفس، في مقابل ممارسة عملية تقوم على التنسيق مع الجانب السوري من خلال تنفيذ كل شروط حلفائه في لبنان.
***
إلى متى سيستمر الرئيس ميقاتي على حبال سياسة التناقضات؟
طالما ان الرئيس نجيب ميقاتي ما زال قادراً على الغَرف من ظروف السياسة اللبنانية في مراكمة ثروته، فإنه لن ينأى بنفسه عن السراي، تلك هي استراتيجيته، ومَن يعتقد غير ذلك فهو مخطئ وهو لا يعرف الرئيس ميقاتي على حقيقته.
***
لكن إلى متى يمكن لهذه الإستراتيجية أن تخدم؟
الجواب بكل بساطة هو إلى حين تبدُّل الظروف في المحيط، فعندها لن يكون الرئيس ميقاتي قادراً على النأي بالنفس لأن اللعبة ستكون مكشوفة في ذلك الحين.
***
هذه اللعبة صارت ممجوجة، وهي صارت مكشوفة من الجميع:
الحلفاء منهم والخصوم فإلى متى سيستطيع الرئيس ميقاتي الإستمرار فيها؟
الجواب يكمن حيث تكمن مصلحته.
وللبحث صلة.  

السابق
في الإزدواجية الأسدية
التالي
أعجوبتان: صمود الأسد وتمسّك روسيا به!