الإبراهيمي بين القناعات والضغوط

الثوابت السورية هي هي، لم تتغير منذ اندلاع شرارة الأحداث ي سورية وهذه الثوابت جدد تأكيدها الرئيس بشار الأسد للموفد الدولي الأخضر الإبراهيمي وهي نفسها التي أبلغها الرئيس الأسد إلى كوفي أنان وإلى كل الجهات الدولية المعنية بالأزمة السورية، وهي باتت معروفة، وعنوانها الأساسي رفض التدخل الخارجي ومواجهة كل الأعمال الإرهابية والتمسك بمبادئ الحوار بين الدولة الوطنية السورية وقوى المعارضة، التي تؤمن برفض العنف والتدخل الخارجي والمحافظة على وحدة سورية أرضاً وشعباً ومؤسسات.

مصادر سياسية ودبلوماسية ترى أن الإبراهيمي لا يملك حتى اللحظة رؤية محددة وواضحة لحل الصراع في سورية، وإن كان أعلن بعد لقائه الرئيس بشار الأسد أن قاعدته في العمل من أجل إنهاء العنف في سورية، تنطلق من مبادرة أنان ومؤتمر جنيف، وإذا تطلب الأمر إدخال بعض التعديلات عليها فإن ذلك سيتم بتوافق جميع الأطراف، مع الإشارة إلى أن القيادة السورية تعرف جيداً خلفية الإبراهيمي التي قد لا تختلف كثيراً عن خلفية أنان مع فارق مهم وهو أن الإبراهيمي أعلن صراحة عن حياديته واستقلاليته عن أية محاور معنية بالأزمة السورية، وإذا صح ذلك فهذا يعني أن هناك آمالاً إيجابية في تحرك الإبراهيمي، وهذا ما أبلغه الرئيس الأسد له عندما أبدى استعداد سورية لإنجاح مهمته إذا تصرف بصورة حيادية ومستقلة.

وتقول المصادر إن هناك بداية توازن في الموقف الدولي ظهرت في مؤتمر دول عدم الانحياز الذي عقد في طهران عبر الكلام الذي جاء على لسان الأمين العام للأمم المتحدة لناحية الاعتراف بوجود قوى إرهابية مسلحة تقاتل الدولة السورية ووجود دول تدعمها بالمال والسلاح والمقاتلين المرتزقة والإعلام والسياسة، وهذا ما كشفت عنه القيادة السورية منذ بداية الأحداث.

وتضيف المصادر أنه إذا لم تبادر الدول الداعمة للمجموعات المسلحة إلى التجاوب مع تحرك الأخضر الإبراهيمي لأن الكرة في ملعبها وليس في ملعب الدولة السورية، فإن مهمة المبعوث الدولي الجديد ستلاقي مصير مهمة كوفي انان نفسها، ولهذه الأسباب تأخرت زيارته إلى سورية لأنه أراد إجراء المزيد من المشاورات والاتصالات مع الجهات الدولية المعنية بالأزمة السورية لكي يحدد المسار الذي يجب أن يسلكه في خصوص إيجاد الحلول المناسبة، مع العلم أن روسيا والصين تحاولان وضع سقف لمهمة الإبراهيمي تنحصر في مبادرة أنان ونقاطها الست ومؤتمر جنيف، وهذا بالفعل ما أشار إليه الإبراهيمي في مؤتمره الصحافي في دمشق مع إمكانية إدخال تعديلات إذا تطلب الأمر ذلك.

وتعتبر المصادر أن الإبراهيمي لديه رغبة حقيقية في نجاح مهمته وإن كانت علاقته بالإدارة الأميركية جيدة، ولكنه في الوقت نفسه هو جزائري ويؤكد أنه سيتصرف بكل حيادية واستقلالية في تعاطيه مع الوضع السوري، ولذلك تحاول الإدارة الأميركية ممارسة الضغط عليه ليس مباشرة وإنما عن طريق جامعة الدول العربية، حيث تلعب دولة قطر دوراً سلبياً مع مهمة الإبراهيمي الذي رفض زيارة وزير خارجيتها في مكان إقامته في القاهرة، وبعد أن شعرت أنها مستبعدة عن لجنة التواصل التي تضم كلاً من مصر والسعودية وتركيا وإيران.

وأوضحت المصادر أن الإبراهيمي سيكتشف عاجلاً أم آجلاً أنه لا يمكن البدء بعملية الحوار إذا لم يتوقف العنف، وتوقف العنف بالنسبة للقيادة السورية ليس وقف إطلاق النار فقط بل يتطلب وقفاً للتسليح والتدريب والتمويل ومنع إرسال المجموعات المسلحة الإرهابية من خارج سورية للقتال ضد الدولة السورية، من هنا جاء كلام وزير الخارجية السوري وليد المعلم للإبراهيمي عندما قال له: إن الكرة ليست في ملعب الحكومة السورية بل هي عند الدول والجهات التي تدعم المجموعات المسلحة وترعاها، وإن العمل الجدي والحقيقي والفاعل يجب أن يكون مع هذه الدول وليس مع سورية، فالدولة السورية متجاوبة مع كل مبادرة صادقة وجدية ومن مصلحتها وقف الصراع وأعمال العنف على أراضيها.

وكشفت المصادر عن أن الأميركي والأوروبي والتركي وبعض العرب يعرفون ضمناً بأن «المعارضة» السورية مفككة. والروسي من جانبه يحاول الإفادة من الوقت الضائع وهو يسعى جاهداً لعقد مؤتمر حوار للمعارضة الداخلية والخارجية باستثناء «مجلس اسطنبول» وهذا المؤتر ترجح المصادر السياسية أن يعقد ما بين 23 و24 من الشهر الجاري بحضور ممثلين عن روسيا والصين وإيران، وفي المقابل تحاول الإدارة الأميركية ومن يسير في فلكها عرقلة وإفشال التحرك الروسي لأن الأميركيين يفضلون ويسعون إلى إبقاء حالة حرب استنزاف في سورية إلى حين تبلور موقف أميركي بعد إجراء الانتخابات الرئاسية. فهل يستفيد الأخضر الإبراهيمي من التناقض الحاصل على المستويين الدولي والإقليمي بخصوص الأزمة السورية ويختار لنفسه صيغة جديدة للحل وإن كانت مقوماتها الأساسية هي البنود الستة ومؤتمر جنيف؟؟  

السابق
البابا والتمسك بالجذور
التالي
الأسير: نصرالله يحاول خطف راية القيادة الإسلامية