عنزة ولو طارت!

أوضح الأمين العام لحزب الله خلال مقابلته مع قضائية الميادين، أن الأولوية عنده تبقى للصراع مع العدو الصهيوني. ولذا فهو لا يزال مع نظام الرئيس بشار الأسد! وكان الأمين العام المساعد للحزب نفسه قد اتهم قبل أيام كل خصوم النظام السوري بأنهم ينتمون إلى الحلف الأميركي الصهيوني! ولماذا نستشهد بالمرؤوس، فتعالوا معنا إلى السيّد الخامنئي المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية، والذي لم يقل شيئاً في خطابه أمام مؤتمر عدم الانحياز عن سوريا، لكنه قال لرئيس الوزراء السوري في اللقاء الذي تمّ بينهما ان أميركا وإسرائيل هما اللتان أشعلتا الثورة ضد الرئيس الأسد، وهما تزودان الثوار بالمال والسلاح!.
لقد صار واضحاً منذ مطالع العام 2012 أن هناك ثلاث جهات تحرص أشدّ الحرص إن لم يكن على بقاء النظام الأسدي، فعلى التشبث به لأطول مدى ممكن، وهذه الجهات هي وبالترتيب: روسيا وإيران وإسرائيل. اما الروس فيزودون النظام بالسلاح، ويقيمون مناطق آمنة له بطرطوس واللاذقية والساحل من حول قاعدتهم هناك. وأما الإيرانيون فيزودون النظام بالمال ووسائل الاتصال والسلاح والخبراء، وبالرجال أيضاً من عند الجنرال سليماني، ومن عند العراقيين وحزب الله. وأما إسرائيل فتصر على التفرقة في التعامل بين النظام الأسدي من جهة، وايران وحزب الله من جهة ثانية، وتصرح بأنه إن لم يكن الحفاظ على النظام ممكناً، فمن الافضل اطالة الأزمة لتفكيك التماسك الداخلي، وشغل السوريين بأنفسهم لسنوات طوال. وقد ضمنت لنظام الأسد ان تحول دون تدخل الولايات المتحدة ضده قبل الانتخابات الأميركية وبعدها، وأن تدفع أوباما للتسليم لموسكو بالتصدر في هذا الملف.

لقد قال الموسكوبيون في البداية انهم يفعلون ذلك لمعاقبة الولايات المتحدة لأن عندهم مشكلات معها. إنما منذ سكت الأميركيون وما عادوا مواجهين لنظام الأسد، صار الروس يتحدثون عن القاعدة في سوريا، وعن الحفاظ على سيادة الدول من التدخل مثلما حصل في ليبيا.. وأخيراً عن حق إسرائيل في أن يكون هناك استقرار على حدودها، ولأن تزعزع الأوضاع بسوريا يمكن أن يزعزع دول الجوار أيضاً، ثم إن هناك «شيشانيين» يقاتلون مع ثوار سوريا! ولا داعي لاستعراض أسباب إيران فهي حليفة نظام الأسد، الذي شكّل جسراً وأصلاً بين مناطق نفوذها بشرق الفرات وغربه، ومكّنها من التدخل بلبنان وفلسطين.

هذه الأمور، أي اللقاء على الأرض السورية بين روسيا وإيران وإسرائيل ما عادت اتهامات ولا شعارات. وإذا كانت اسباب روسيا وإسرائيل معروفة، فما هي أسباب إيران للاستمرار في المشاركة بالمذابح ضد الشعب السوري ما دامت المصلحة الأولى لبقائه بعد الثورة قبل سبعة عشر شهراً هي لإسرائيل وروسيا؟ ولماذا تُصرّ إيران على معاداة العرب والسنّة، كما فعلت خلال عقد من الزمان؟!.

يُعيد البعض ذلك إلى أن الحرس الثوري والمتشددين الذين قادوا المرحلة الماضية لا يزالون بالسلطة، ويخشون على حاضرهم ومستقبلهم بالداخل إن أظهروا تراجعاً أو مراجعة. ويعيد البعض الآخر ذلك الى أن إيران في حالة حصار، وإن أظهرت ليونة فربما يجري الطمع في ملاذها الأخير بالعراق، فلا بد من التشبث بقدر الإمكان رجاء الإفادة بشكل أو بآخر.

وهكذا يتضح أن الإسرائيليين يملكون اسبابهم «الوجيهة» لدعم الأسد، وكذلك الروس الذين ما برزوا في أزمة منذ سقوط الاتحاد السوفياتي عام 1990. أما إيران فلا تبدو مصالحها الواضحة فيما يجري. فهي غير مؤيدة لتقسيم سوريا أو إنشاء دويلة طائفية بمنطقة الساحل، ولا مصلحة لها في استمرار العداء للعرب بعد الثورات: فهل يملك الإيرانيون الشجاعة للمراجعة أن سيظلون يعملون ضد السوريين والعرب الآخرين؟ لقد قال لهم السعوديون ذلك في الخفاء، وقال ذلك لهم الرئيس المصري علناً. وستقول لهم وللروس والأميركيين الجامعة العربية اليوم أو غداً. قد يراجع الإيرانيون أنفسهم وإن كنت لا أرجح ذلك. أما حزب الله ومسؤولوه فسيظلون إلى ما بعد سقوط نظام الأسد على الموقف نفسه، وربما يُدخلون بين أبطال المقاومة إلى جانب الأسد: ميقاتي وجبران باسيل وميشال سماحة وفيلتمان ولارسن وكونيللي! إنها عنزة ولو طارت!.  

السابق
ع السكين يا بشار!
التالي
المناورات الإسرائيلية تتواصل بكثافة في مرتفعات الجولان ومزارع شبعا