شبح التفجير يختبئ وراء التوتير السياسي

عادت الأجواء الأمنية المشحونة لتطغى على ما عداها، في ظلّ معلومات عن تقارير أمنية وديبلوماسية بالغة الدقّة حيال استهدافات قد تطاول بعض القيادات السياسية، إلى تفجيرات ربما تقع في هذه المنطقة أو تلك، بُغية توتير الأجواء وخلق حالات إرباك مرفقة بحالة مذهبية وطائفية تؤجّج الصراع السياسي والطائفي.

هذا ما يُعمل ويُخطّط له في دوائر إقليمية استخباراتية، في وقت يُنقل عن زعيم سياسي يتّخذ أقصى درجات الحذر بما مفاده أنّ معلوماته تشير إلى تصدير الأزمة السورية إلى لبنان على خطّي الاغتيالات والتفجيرات، قائلاً أمام زواره "إنّ الرئيس السوري بشار الأسد سيفجّر الأوضاع في لبنان، وأنّه أوكل إلى بعض حلفائه تنفيذ ذلك في لحظة قد تدفع به إلى إعطاء التعليمات في هذا الصدد، على غرار ما حصل مع الوزير السابق الموقوف ميشال سماحة".

من هذا المنطلق، يلاحظ غياب شريحة كبيرة من النواب والقيادات السياسية عن لبنان، ومنهم مَن قرّر السكن مع عائلته في الخارج، في حين أنّ بعضهم الآخر يسعى إلى تأسيس عمل نظراً إلى المخاوف التي تعتريه من أن تمتدّ الأزمة في سوريا إلى أشهر طويلة، وهذا يُعتبر فرصة للنظام السوري لإحداث بلبلة وخروق في لبنان، وربما أقرب الظن حصول اغتيالات في الوقت المستقطع له، الأمر الذي يجعل من البقاء في لبنان، وفي هذه الظروف بالذات، أمراً محفوفاً بالمخاطر، خصوصاً أنّ بعض القيادات والنوّاب كانوا قد تبلّغوا بنحو حازم ضرورة المغادرة إلى الخارج.

وفي سياق متّصل، عُلم أنّ رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط، والذي لم يسبق له أن التزم الإجراءات الأمنية الآيلة إلى سلامته وأمنه، يتّخذ أقصى درجات الحيطة والحذر، ويشارك في المناسبات عبر ممثّلين له، حتى في تلك التي لم يكُن يتغيّب عنها في أحلك الظروف. وبالتالي يُنقل عنه أنّه لا يرغب في قضاء هذه الفترة في الخارج بناءً على نصيحة قريبين وأصدقاء، إنّما وعدهم بعدم التجوال والبقاء في المختارة.

أمّا ما قيل عن عودة مرتقبة للرئيس سعد الحريري إلى لبنان، فذلك لا صحّة له إطلاقاً، ويدخل في إطار الألاعيب المخابراتية والتأثير النفسي والسياسي بينه وبين قواعده الشعبية، في اعتبار أنّ مغادرته لبنان، حسب القريبين منه، كانت لدواعٍ أمنية إذ طلبت منه أجهزة أمنية لبنانية وعربية وغربية المغادرة.

وعليه، فإنّ المرحلة الراهنة أشدّ خطورة على الحريري من السابق، في ظل الأحداث السورية وتداعياتها على لبنان، إلى الحملات التي تتناوله وتتّهمه بمدّ المعارضة السورية بالمال والسلاح. من هذا المنطلق لا يمكنه العودة في هذا التوقيت بالذات، وفي ظل الفلتان الأمني وتهديدات حلفاء سوريا بنحو فاضح له ولتياره ولقوى 14 آذار عموماً.

من هنا، يبقى أخيراً أنّ الأمن السياسي بات مكشوفاً لكل القيادات والزعامات، لا سيّما لبعض الرموز المعروفة في نزاعها مع النظام السوري. بينما اللافت ما يتعرّض له رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان من حملات من حلفاء سوريا في لبنان، على خلفية المواقف الوطنيّة، خصوصاً لدى استقباله المدير العام لقوى الأمن الداخلي ورئيس شعبة المعلومات، وإشادته بدوريهما وانتقاده لما كان يُخطّط للبنان بعد توقيف سماحة.

مع الإشارة إلى ما كان قد سُرّب في بعض الإعلام الحليف للنظام السوري، بما معناه "لينتظر الرئيس سليمان طويلاً اتّصالاً قد لا يأتيه من الرئيس بشار الأسد"، وتلك تُعتبر رسالة من النظام السوري بالغة الدلالة على ما تحمله من عدوانية وتهديدات مبطّنة نتيجة موقفه من قضية سماحة.

وفي هذا السياق، لوحظ غياب الزيارات الدورية لقصر بعبدا لقيادات ونواب الثامن من آذار، وذلك في الوقت الذي بقي رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون ونوابه وقياديوه صامتين حيال ما تطرّق إليه سليمان، الذي يُعتبر أوّل رئيس جمهورية ما بعد اتّفاق الطائف يشير بالاسم إلى سوريا، وموقف عون إنّما يصبّ في خانة "حزب الله" والنظام السوري، خصوصاً أنّ هذا الموقف صادر عن رئيس الجمهورية، الرمز الماروني والمسيحي والوطني.  

السابق
ما سر صمود حكومة ميقاتي رغم هجمات الخصوم
التالي
الأسد يكابر مع دنو السقوط