اما آن لمعبر رفح ان يُفتح؟

ان تغلق السلطات المصرية الانفاق على الحدود مع قطاع غزة، فهذا امر يمكن فهمه، لان هذه الانفاق غير شرعية، وجرى حفرها للتغلب، وبطريقة التفافية، على الحصار الخانق المفروض على قطاع غزة من قبل اسرائيل وبالتعاون مع نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، لكن ما يصعب فهمه هو الاستمرار في اغلاق معبر رفح المنفذ الوحيد لاكثر من مليوني فلسطيني الى العالم الخارجي.
اغلاق المعبر والانفاق معا جاء بعد الهجوم الذي نفذته عناصر تابعة لجماعة متشددة ادى الى مقتل 16 جنديا مصريا قرب الحدود المصرية ـ الفلسطينية في محاولة فاشلة لتنفيذ عملية ضد اهداف اسرائيلية في معبر كرم ابو سالم الحدودي.
السلطات المصرية من حقها الحفاظ على امن حدودها، كما انه من حقها اتخاذ الاجراءات الامنية الضرورية لحماية حدودها من اي اختراق لكن من غير المنطقي ان تعيد اسرائيل فتح معبر كرم ابي سالم بينما يستمر اغلاق معبر رفح القريب منه.
فنحن في شهر الصيف، وهناك الآلاف من ابناء القطاع الذين قدموا من مختلف انحاء العالم لزيارة اهلهم، وهؤلاء بدأوا الآن في العودة مع قرب انتهاء اجازاتهم الصيفية، واغلاق المعبر، ومن ثم مطار القاهرة في وجوههم والقادمين مثلهم للغرض نفسه، يخلق اوضاعا مأساوية. فهؤلاء مرتبطون بحجوزات طيران وملتزمون بالعودة الى اعمالهم في مواعيد محددة، واغلاق المعبر لاكثر من اربعة ايام حتى الآن سيؤدي حتما الى الغاء تذاكر سفرهم في افضل الاحوال، لان بعض هذه التذاكر مغلقة ولا يمكن تغييرها.

السيد اسماعيل هنية رئيس حكومة حماس في قطاع غزة ناشد الرئيس المصري محمد مرسي بفتح معبر رفح مؤكدا في الوقت نفسه حرصه على استقرار مصر والحفاظ على امنها، ومجددا تأكيده على براءة القطاع من الهجوم المسلح، والمأمول ان يجد هذا النداء استجابة فورية، لان استمرار اغلاق المعبر سينظر اليه على انه عقاب جماعي لاكثر من مليوني انسان.
معالجة الفلتان الامني في سيناء وعلى حدود قطاع غزة امر مشروع بل وحتمي، لكن ما الذي يمنع هذه المعالجة في ظل عودة الحياة الى طبيعتها في المعبر؟

السلطات المصرية اعتمدت في موقفها المتشدد تجاه المعبر، وقطاع غزة على معلومة نسبت الى احد الجنود المصريين الذي كان حاضرا ساعة تنفيذ الهجوم الاجرامي، خلاصتها ان المنفذين كانت لهجتهم فلسطينية.
وربما تكون هذه الشهادة صحيحة، ولكن ما هو صحيح ايضا ان الغالبية الساحقة من ابناء صحراء سيناء هم من القبائل البدوية الذين لهم امتدادات في القطاع وفي صحراء النقب والاردن، اي انهم يتحدثون باللهجة الفلسطينية وليس باللهجة المصرية وفي مناطق ما بعد قناة السويس. حتى ابناء العريش والشيخ زويد ابرز مدن سيناء لا يمكن التمييز بينهم وبين الفلسطينيين من حيث اللهجة.
لا نجادل في امكانية امتلاك اجهزة الامن المصرية معلومات ربما تكشف عن تورط بعض المنظمات الفلسطينية المتشددة، ولكن لا يجب ان يؤخذ جميع ابناء القطاع بشكل خاص، والشعب الفلسطيني بشكل عام بجريرة هؤلاء الذين يعدون على اصابع اليد الواحدة.

حتى هذه اللحظة لم تكشف السلطات المصرية عن هوية المنفذين وهي التي تسلمت جثثهم من الجانب الاسرائيلي، حيث تشير معلومات شبه مؤكدة ان معظمهم من المصريين الذين ينتمون الى تنظيم جهادي عالمي تعرض لاختراق من قبل اجهزة امنية اسرائيلية بطريقة او بأخرى.

اننا نأمل ان تتعاطى القيادات الامنية التي تولت مهامها بعد ابعاد رئيس المخابرات العامة ومحافظ شمال سيناء وقائد الامن المركزي وغيرهم بطريقة مختلفة واكثر انسانية مع ابناء القطاع، وبما يؤدي الى رفع الحصار وتسهيل عملية المرور عبر معبر رفح.
ما يحزننا ان بعض انصار النظام الفاسد المخلوع ارادوا الاصطياد في الماء العكر، وتحريض الشعب المصري على اشقائه في القطاع من خلال حملة اعلامية مكثفة، برأوا فيها اسرائيل وادانوا الشعب الفلسطيني، وحملوه مسؤولية هجوم اتهم بيان رسمي صادر عن مكتب ارشاد حركة الاخوان المسلمين الموساد الاسرائيلي بالوقوف خلفه.
الثورة المصرية المشرفة اطاحت بالرئيس مبارك ونظامه الفاسد، ولكن بقايا هذا النظام ما زالت متغلغلة في بعض المفاصل الاعلامية الهامة تستخدمها لبث سمومها ضد العرب والمسلمين، لان هؤلاء لا يريدون لهذه الثورة ان تنجح، ولا يريدون لمصر ان تستقر، ويلتقون مع الاجندة الاسرائيلية بحسن نية او بسوئها.   

السابق
ايران على حدودنا الشمالية
التالي
يوسف: التحقيق سيكشف ان توقيف سماحة ليس فبركات امنية