واشنطن تتفهم موقف المالكي من سورية: يدرك مأزق نظام الأسد ويخاف ما بعده

 السبت 4 أغسطس 2012

تعتمد الإدارة الأميركية في تعاطيها مع بغداد نهجاً براغماتياً يرى في رئيس الوزراء نوري المالكي «شريكاً ضرورياً»، ويتطلع إلى انخراط بغداد في محيطها الإقليمي، بغض النظر عن الخلافات حول سورية التي تعزوها لأسباب تتعلق بالعراق وليس بالضرورة بإيران.

ويوضح الخبير الأميركي في معهد الشرق الأوسط دانيال سيروير لـ»الحياة»، أن المالكي «شريك قيم وضروري للولايات المتحدة». يعكس نجاحه في البقاء في السلطة وإحباط محاولة سحب الثقة من حكومته «قدرته على المناورة السياسية، مقابل ضعف معارضيه وعدم قدرتهم على تشكيل أكثرية بديلة». وقد أبلغت إليه واشنطن أنها لا تعطي أي توجيهات لأي من الفرقاء العراقيين، وأن اللجوء إلى الوسائل الديموقراطية حق متاح للاعبين، وتحاول إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة مع الجميع، وبينهم رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني الذي لديه علاقات قديمة وصلبة مع معظم أركان الإدارة. وقد تمنى عليه نائب الرئيس جوزف بايدن خلال زيارته واشنطن في نيسان (أبريل) الماضي أن يعيد انخراطه مع الحكومة في بغداد لتسوية القضايا العالقة، مثل قانون النفط.

وترى واشنطن في انفتاح تركيا على إقليم كردستان خطوة في الاتجاه الصحيح، وتطوراً «طبيعياً طالما أن الإقليم مستعد للتعاون ضد حزب العمل الكردستاني»، على ما يقول سيروير الذي يضيف أن أمام الحكومة في بغداد خيارين:»إما الاستمرار في التذمر والاعتراض أو ركوب العربة وتحسين علاقتها مع تركيا».

وتحاول الإدارة الأميركية في جهودها الديبلوماسية التركيز على استعادة العراق دوره الإقليمي. وترحب بتحسن العلاقة بينه وبين الكويت، وبتعاونه الأمني المتزايد مع الأردن.

في المقابل، تتفهم واشنطن أجواء عدم الثقة التي تطبع نظرة بعض الدول الإقليمية إلى المالكي، وتحفظاتها عن قربه من إيران وموقفه من سورية. غير أنها ترى في هذا الموقف من نظام الرئيس بشار الأسد مخاوف مما سيلي سقوطه، خصوصاً لجهة صعود المتطرفين وأثر ذلك على أمن العراق. وتدرك الحكومة العراقية مدى عمق مأزق النظام السوري وتشارك واشنطن رؤيتها حتمية سقوط الأسد.

وتشكل إمكانات العراق الإنتاجية والاقتصادية عنصر ثقة لدى واشنطن فمستقبله مرتبط بمدى نجاحه في بناء مؤسساته وبنيته الدفاعية التي ستجعله في موقع أقوى إقليمياً، من دون أن يكون تابعاً لأي من المحاور. ويقول سيروير أن «العامل الأهم في مستقبل العراق هو مسارات أنابيب النفط، فإذا كانت ستستمر في التصدير عبر الخليج قرب البنادق الإيرانية، سيكون لطهران تأثير كبير في بغداد. أما إذا تعددت مسارات التصدير عبر الشمال والغرب فستكون بلاد ما بين النهرين أقرب إلى الغرب».

 

السابق
مصائر سوريّة؟
التالي
كارلا بروني ساركوزي تقاضي مجلة