الحوار للحق فضيلة

الحوار أساسي لقيام تفاهم.
ولكن، لا بد للحوار من أسس ليقوم وينجح.
كان الرئيس شارل دباس، داعية حوار.
بيد انه وضع له دستوراً.
وكان يقول للمفوض السامي الفرنسي، ان الدستور يصبح مجرّد هرطقة، اذا لم يكن له أسس ترعى المصالحة.
وفي احدى المرات، رفض الرئيس الأرثوذكسي، المنطق الفرنسي الغريب، والقائل بعزل اللبنانيين عن كونهم صنّاع الدولة.
وعندما سأل المفوض السامي، عن مغزى كلامه، ردّ بأن منطق الدولة، لا طائفة له. لأنه لكل الوطن، لا لفئة منه.
ماذا، لو يعود الحاكمون، الى منطق رجال الدولة، ولا يتوقفون عند انهيار الدولة.
الدولة ليست 14 آذار.
وليست أيضا 8 آذار.
ولا الوسطيون بين الفريقين
ذلك، ان كلاً منهم يريد الدولة، ولا أحد منهم يسعى الى قيام الدولة.
يقول الرئيس فؤاد شهاب ان حق الدولة مرهون للمجهول.
وهذا المجهول مختبئ بين أطماع السياسيين بالدولة.
ولا أحد يبرّئ نفسه من تهمة، أو يجرّد نفسه من طمع!!

الدولة الآن ضائعة بين الحلفاء.
وبين الخصوم أيضا.
الرئيس نجيب ميقاتي أحرجته الأزمة الاقتصادية.

وأرهقته سلسلة الرتب والرواتب.
وأنهكه منسوب غلاء المعيشة.
تريد 14 آذار ترحيله وحكومته، عن الحكم.
وهو الآن متّهم من قِبل هيئة التنسيق بأعزّ ما يملك: صدقه، وصدقيّته ونزاهته.
ماذا يستطيع أن يفعل، والسلطة لا امكانات مادية عندها لإنصاف جيل التعتير والعذاب!
وعندما تصبح الادارة في الشارع، لا يعود الحكم ولا الحاكم، قادرين على التحكّم بالشارع، أو حكم من هم في الشارع.
شيء واحد ينساه الجميع هو الوقت.
كلهم عملوا لإنصاف الناس.
لكنهم عملوا على مهل، ولا أحد منهم أدرك انه في سباق مع الوقت.
وهنا تكمن مصيبة الحاكم.
عندما كان الرئيس سليمان فرنجيه في الرئاسة، كان يقول لوزرائه: أنتم المستشارون لدي، لا سواكم.
وعندما حاول المعارضون تعييره بذلك، رد عليهم بأن الوزراء هم مستشارو رئيس الجمهورية.
المشكلة الآن أصبح لكل وزير حالي عشرات المستشارين.
ولا أحد يعرف اذا ما كانوا يُستشارون، أم جرى تعيينهم، بسبب وقف التعيينات في السلطة والادارة.
يقول العارفون بالأسرار، ان بازار التعيينات آتٍ، لكنه ضمن صفقات بين الحاكمين وأمراء السياسة والطوائف.
وعندما يشمل الغضب الجميع، لا يعود احد يسأل عن الكفايات العلمية والخلقية والادارية.

يروى ان الرئيس فؤاد شهاب، كان يرئس اجتماعاً ادارياً، اجتماعياً وعدلياً، بحضور مستشاره الخاص، وهو فرنسي مشهور بحسن ادارته.
وخلال الاجتماع، اعترض الوزير فؤاد بطرس على نهج المستشار، فرفع رئيس الجمهورية الاجتماع.
بعد ثلاثة ايام، اتصل المستشار بالوزير بطرس معتذراً، وأبلغه ان وجهة نظره هي المحقة، وانه سيتصل برئيس الجمهورية فؤاد شهاب لإبلاغه بذلك.
وعندما دعا الرئيس شهاب الى الاجتماع، بادر الجميع بأننا مدينون باعتذار الى معالي وزير العدل، لأنه كان على حق في ما أبداه من ملاحظات.
ووقف فؤاد بطرس ليقول: الاعتذار للحق فضيلة.
هل عندنا الآن نظائر لفؤاد بطرس، أطال الله في عمره؟  

السابق
مدفع الإفطار في القدس.. مسؤولية عائلة صندوقة منذ 120 عاماً
التالي
إسرائيل تدعم الشريط الفاصل مع الجولان