اللعب بمصير لبنان باستهداف الجيش

ليس لسياسة التلاعب بلبنان واللعب بمصيره أجندة واحدة. لا في اطار الرهانات الخطيرة في الداخل، ولا في مجال الارتهانات الأخطر لمشاريع المحاور الخارجية. لكن المخاطر تصل الى الذروة حين يصبح استهداف الجيش بشكل منظم ومستمر نوعاً من أمر اليوم. واذا كان الهدف المباشر هو تعطيل المؤسسة العسكرية التي هي العمود الأساس والأخير للوطن والمواطن، فإن الهدف الأبعد يتجاوز الفوضى والفلتان الى قتل أي أمل في بناء دولة. واذا كان الانقسام السياسي يشل البلد، فإن الانقسام حول الجيش ينهي البلد.
ولا شيء يكشف عمق الأزمة أكثر من اضطرار الصامت الأكبر للكلام دفاعاً عن نفسه في مواجهة التحريض عليه والتشهير والتجريح الشخصي بعدد من ضباطه من جانب بعض النواب والمسؤولين السياسيين، وإن لم يشأ أن يقول كل ما في الجعبة من ملاحظات وأسرار ومرارة. ولا شيء يطمئن، وسط القلق واللايقين، أكثر من اعلان قيادة الجيش أنها تحت سقف القانون وأنها تحتكم الى القضاء. في حين أن هناك سياسيين ومسؤولين يتلاعبون بالقانون ويضغطون على القضاء بشكل مهين له ومعيب لهم.

ذلك ان السلطة السياسية تكلف الجيش اصعب المهام، وتتركه من دون غطاء فعلي فلا هي تدافع عنه حين يتعرض للاستهداف بل تمارس النأي بالنفس. من اجل مكاسب فئوية ضيقة. ولا هي تجرؤ على مواجهة المحرضين عليه، أقله في الخطاب السياسي مع انها كثيرة الثرثرة يومياً، قبل الحديث عن تحويلهم الى القضاء. ولا بين اركانها من تورع عن تجاوز الخط الأحمر بالكلام على الذهاب الى المجلس العدلي بدل المحاسبة العسكرية المسلكية والجنائية لأي خطأ يرتكبه ضباط وافراد خلال القيام بالمهمة الموكلة اليهم من السلطة السياسية.
ولا أحد يصدق خطاب الوقوف تحت سقف الدولة، ما دام الفعل هو ضرب العمود الذي لا دولة من دونه. فالسلطة التي أكلت الدولة تنتقل من الحديث عن حل الازمة الى المحاولات الفاشلة لادارة الأزمة والمحاولات الناجحة لصنع الأزمات. وهي عاجزة عن تأمين الكهرباء حتى بمعدلات الدول الافريقية الفقيرة، وعن منع اية فئة من قطع الطرق الذي صار الوسيلة الأولى للتعبير عن اي مطلب، لا بل ان الطريق الوحيد المفتوح، وسط الطرق المقطوعة في انحاء البلد، هو طريق الفساد والاثراء غير المشروع والشحن الطائفي والمذهبي.
والوقت حان للخروج من شعار: لا صوت يعلو على صوت المعركة الى واقع: كل الاصوات يجب ان تعلو على صوت المعركة الخطيرة مع الجيش ومعركة التجييش للفتنة.  

السابق
نصرالله وخطاب الحرب
التالي
كيف يفكر الأسد الآن؟