سيدنا جورج لسنين كثيرة

في السبت أول من أمس، كلام نبوي أول سمعته صباحا من المطران الياس عودة في مرور أربعين يوما على وفاة غسان تويني، عندما رفعنا الصلاة له في كنيسة مار متر. وكلام نبوي آخر قرأته بعد عودتي الى المنزل، في مقالة بعنوان " تسعون" سطرها المطران جورج خضر على صدر الصفحة الاولى لـ"النهار".
تسعون من العطاء، عاما تلو الآخر، والمطران جورج يستوحي كما قال، إلهاما من وجه الله، فيخطه كلمات في "النهار". هكذا اراد غسان تويني ان تخاطب روح هذا الارثوذكسي، العالم الالمعي، كل قارئ نهم الى فكر انساني الوهي، ديني على امتداد المحبة الالهية، ارثوذكسي في الخط الوطني والانساني والفكري.
كان ارثوذكسيا ومثله غسان تويني، شديد الانتماء، على انفتاح قل نظيره، قابلا للآخر، محاورا اياه في كل القضايا، حتى المقدسات. يتشددان حينا، لكنهما يعودان كل الى ذاته الحقيقية التي نشأا عليها معا، ومعهما البطريرك اغناطيوس الرابع، اطال الله بعمره ايضا.
تقرأ في المطران خضر، كثرة التواضع والتسليم للمشيئة الالهية، وهو الذي كان، على فلسفته العميقة، معرضا للجنوح الى مطارح إلحاد، لكنه عكس كثيرين، البس الفلسفة النعمة، فما عادت تلك الفلسفة في مفهومنا، بل صارت نعمة تنسكب في الكلمات.
قرأت المطران خضر صباح السبت، فانتابتني الدهشة اولا. هل كتب يودع القراء على غفلة؟ هل سئم الكتابة؟ هل عجز عنها؟ هل يفارق "النهار" بعد غياب غسان تويني؟ اسئلة راودتني بذهول للحظات قبل ان اكمل القراءة.
لعلها مراجعة يقوم بها سيدنا في التسعين، بعدما أتم الكثير منها في محطات سابقة. لكن للتسعين وقعها عليه ايضا. يخاف ان ينكسر القلم، لكنه يستدرك " لا يهم ان اكون قادرا على اطلالة عليكم متى ينكسر القلم. المهم ان تبقى فيكم صورة المخلص الذي رغب اليّ ان انقلها لكم". ويضيف: "هذه السطور ليست وداعا ولا خوف فيها. انها التماس أدعيتكم لي حتى نبقى في هذه المعية المقدسة التي أرادتها جريدة "النهار" بيني وبينكم (…)".
سيدنا وأنت اليوم في تسعينك لا يسعنا الا ان نردد نداء الكنيسة وشعبها "لسنين كثيرة يا سيد" لكي نستمر معك" في صباح كل سبت نتقاسم فطور حب وإخلاص" كما قلت. 
 

السابق
اعتصام للحملة الدولية للافراج عن الأسير عبدالله بالتزامن مع حفل استقبال العيد الوطني الفرنسي في قصر الصنوبر
التالي
لقاءات