“حزب الله”: التموضُع “الإنْحِراجي”

يستحق "حزب الله" في الفترة الراهنة لقباً جديدا يكاد يعادل حقَّه في لقب "حزب المقاومة". إنه لقب "حزب الإنحراج".
فَلْنُعدِّد المواضيع التي قال "حزب الله" أو مصادرُه أنه في وضعٍ المُحرَج أمامها:
1 – الملف السوري،
2 – الملف المذهبي مع "الشارع" السني وتعبيراتِه،
3 – قطع طريق المطار بين الحين والآخرعبر احتجاج أهالي الرهائن الذين احتُجِزوا في سوريا بشكل متعسِّف،
4- الخلافات بين "التيار الوطني الحر" وبين "حركة أمل" على سياسات التوظيف الجديدة داخل الإدارة اللبنانية التي انتهجتها "أمل" و"تيار المستقبل"،
5 – ملف الفلتان الاجتماعي – الأمني في الضاحية الجنوبية.
هذه النسبة العالية من الاضطرار لإعلان "الحرَج" في ملفات متفاوتة الأحجام من حزب ذي مكانة رئيسية في السياسة اللبنانية والأهم من حزبٍ أصبح في إطار الصراع الإيراني مع اسرائيل فرقةَ كوماندوس متقدمةً عسكرياً يُحسب حسابُها بعد 2006 على مستوى جيوش المنطقة المتبقية في دائرة الصراع العربي الإسرائيلي كالجيش المصري والجيش السوري… هذا الإضطرار يبدو نتاجَ شعورٍ ذاتيٍّ بالإرتباك الشديد. الإرتباك الذي يتأَتّى أساساً من الوضع الجديد "غير الملائم" في المنطقة بعد نجاح أخصام إيران في تحويل "الربيع العربي" إلى "صحوة" سُنّية . ولكنه ارتباكٌ يعبِّر عن نفسه أحيانا بأساليب أصغر من حجم الحزب بما يجعله يبدو مجرد ميليشيا من الميليشيات القديمة أو المفرِّخة في كل المناطق والطوائف. لذلك يلجأ الى التموضع "الإنحراجي"، أو بكلام آخر يُحوِّل الحزبُ "الإنحراجَ" (اي ارتداء ثوب الحَرَج) الى "مدرسة" في إدارة سياساته المحلية.
بصراحة… كان هذا انطباعي من نوع ردة فعل "حزب الله" أمام بعض التفاصيل اللبنانية في الأسابيع الأخيرة. فقد كادت إطلالةٌ واحدةٌ على التلفزيون لظاهرة مذهبية ناشئة ومحدودة أن تعيد تحويل الحزب ولو بصورة غير مباشرة الى سلوكيات الميليشيات الصغيرة… لولا أن جاء الغيث من حكمة المزاج الصيداوي العام والذي ظهر فيه فؤاد السنيورة الشخص الأنضج في "تيار المستقبل" بلا منازع إن لم يكن الزعيم "الميداني" غير المائع لهذا التيار، خلافاً لمبالغات تضخيم صورة شديدة السلبية له سابقاً على يد الحزب وحلفائه وعلى الرغم من أنه – أي السنيورة- ليس قليلَ الكيديةِ في أسلوبه السياسي.
أتساءل أحيانا، أمام نجاحاتٍ ديبلوماسيةٍ مهمةٍ (النأي بالنفس) لتركيبة حكومية ينخرط في أساس "هندستها" "حزبُ الله" في زمنٍ صعب جداً، هل يفوتُ بعضَ كوادرِه القياديةِ الدهاءُ الإيرانيُّ والحِنكةُ السوريّةُ حين تسمح بالشغب أمام محطة تلفزيون أو بقطعِ طريق؟
ولا نريد أن نسمع أعذاراً…   

السابق
المتغيّـر الإقليمــي ومراجعة الحسابات
التالي
مقاومة من غرس الله