دروس من الأحداث

حبس العالم أنفاسه بانتظار نتيجة أهم انتخابات رئاسية في العالم العربي منذ عقود، واستثقل تلك المقدمة الطويلة التي سبقت الإعلان عن النتيجة.
أثناء سماع المقدمة، عاد الشيخ بذاكرته الى ما قبل 84 عاما عندما وقف الشيخ حسن البنا يدعو الى الإسلام بدعوة سلمية حدد أهدافها سلفا، ثم توالت الفتن والمصائب على تلك الدعوة من اغتيال مؤسسها الى الزج بها في السجون الى ملاحقة أفرادها والتضييق عليهم.
لقد صبر «الاخوان المسلمين» على ما أصابهم وأصروا على السير في طريق الدعوة السلمية اللهم إلا من بعض الأخطاء التي كادت تعصف بدعوتهم مثل تشكيل «التنظيم السري» الذي تحول الى أداة عنف أدت الى اغتيال شخصيات في مصر لم تنفع الدعوة شيئا بل كانت وبالا عليهم، ثم خرج من تحت عباءتهم جماعات كثيرة انحرفت عن جادة الصواب واستعجلت قطف الثمرة فتسببت بمحن كبيرة راح ضحيتها آلاف البشر، وبالطبع فقد كان لقمع العسكر والسجون والتعذيب أكبر الأثر في ذلك الانحراف، لكن الاخوان أصروا على السير في طريق الدعوة السلمية ورفض التصادم والتدرج في الوصول الى أهدافهم بالرغم من السنين العجاف التي عاشوها والزلازل التي هزت أركانهم.

قبلها مرت الدعوة الإسلامية في تركيا بظروف أشد قسوة حيث استولى نظام علماني ظالم على الحكم قبل 88 عاما، واستخدم القمع والقسوة في تصفية خصومه والسير نحو علمنة البلاد، وطمس كل ما يمت للإسلام بصلة حتى اللغة واللباس والأذان.
صبر الدعاة على ذلك الضيم والذل وأصروا على الدعوة السلمية والتدرج، لكن العسكر الذين يعتبرون أنفسهم حماة العلمانية كانوا يستغلون الهفوات لينقضوا على الحكم.
قام أربكان بدور في محاولة التخلص من ذلك النظام العلماني عن طريق المشاركة في الحكم وخوض الانتخابات ولكن العسكر استغل بعض الهفوات لينقض على الحكم ثلاث مرات، وجاء بعده من الدعاة من عرف قواعد اللعبة وسار بهدوء وحكمة الى ان وصلوا الى حكم تركيا.

الوضع في تونس يكاد يتكرر ووصل «الاخوان المسلمين» الى الحكم، وفي المغرب وصل الاسلاميون الى رئاسة الحكومة، بينما الجماعات التي سلكت طريق العنف وتسببت في إحداث دمار هائل في بلدانها وفي العالم كله باءت بالفشل وأصبحت مطاردة في كل مكان بالرغم من التضحيات الكثيرة التي قدمتها، ولم تستطع ان تحقق حتى خطوة واحدة من أهدافها التي رسمتها وحاولت إجبار الناس عليها.
انقطع حبل أفكار الشيخ وهو يسمع نتيجة الانتخابات التي أوصلت محمد مرسي الى حكم مصر وسلسلة التهاني التي انهالت عليه حتى ممن كانوا يشتمون حركته ويحاربونها سابقا.
  

السابق
الحوار 2: الخير في التأجـيل
التالي
قرار المواجهة..