الطائف.. لما لا؟!

كل يوم لبناني يحمل في طياته جديد، لقد تسارعت في الآونة الاخيرة الاحداث ولازالت وتفاقمت بتشعباتها وكادت تطيح بما هو عزيز على قلوب جميع اللبنانيين «السلم الاهلي».
نحن في بلد التجانس والتلاقي، البراغماتية السياسية تحكم وتتحكم في اكثر الاحيان بحركة الاقطاب المفترضين. ارض لبنان غنية وخصبة، نحن في بلد متعدد الاهواء والاتجاهات، في بلد متعدد المواهب والمذاهب… والحضارات.
الواقع الجيوسياسي والديمغرافيا السياسية يلعبان دور البيئة الحاضنة لشتى انواع الانفعالات السياسية وكأن لبنان مرآة ولوحة تفاعلية مع المتغير الاقليمي. والاحداث الاخيرة على اطراف الوطن كما الكثير مما عايشه لبنان يعزز ما نرمي اليه.
فلبنان تتجاذبه، ومنذ النشأة الاولى، مجموعة عناوين : وطن نهائي لكل اللبنانيين، عربي!، فنييقي المولد!، حيادي ولاحيادي، قومي الهوية… يحار اهله فيما بينهم، يجتمعون، يُجمعون على بعض من هذه العناوين ويسقطون بعضها الآخر، يلتقون، يأتلفون ولا يأتلفون.
هكذا ومنذ التاريخ يتغنى اللبناني بهذا اللبنان، يمارس هذه اللبنانية حتى صار نمطي الاداء، كل فريق يتغنى بلبنانه ويغنيه على هواه، المهم ان الامور ماشية والبلد «مقطع»، كيف؟ لا يهم…!
الملاحظ انه ومنذ زمن بعيد يجترع اللبنانيون حلول ومخارج للارباكات المستدامة على مستوى الهوية-الوطن، وغالبا لا بل في مطلق الاحيان يُجرّون مقهورين الى الالتقاء والتلاقي تحت ضغط قرقعة السلاح وازيز الرصاص وطبعا بقوة دفع خارجية…ليست بالمطلق بريئة من حيث السيناريو وتسلسل الاحداث.
لقد اعتاد اللبناني على هذه النمطية السالبة لمقدرات الاجيال الناشئة حتى اننا على سبيل المثال لا الحصر بتنا نفتش على «اين نحن» من حسن الادارة في الدولة، والحق العام، والعدل، والبيئة،… بالمقارنة طبعا مع الآخر النموذج. اقول هذا وفي القلب غصة ونحن الذين تغنينا باننا في بلد تلاقي الاديان والالوان والحضارات، في بلد الجرافيا والتاريخ. مَثَلُنا كمثل الارنب الذي تسابق مع السلحفاة فاستخف بجدها وجهدها، فنام… طويلاً وحين استيقظ ادرك نتيجة الغرور والاعتداد المفرط بالنفس والاهم الاستخفاف بقدرة الآخر.
لم يفت الاوان بعد، ففي البلد الكثير الكثير من الايجابيات يمكن الركون اليها والاستفادة منها، السنا نحن اللبنانيين «شاطرين، واذكياء!» ونحن الى حد ما كذالك. بيت القصيد ان نستفيد من الابداعات ونعتمد، وإذا احتاج الامر نجتلب وننسخ ونعمم، التجارب الاجابية على كل المستويات، اخصه على مستوى الدفاع عن تراب الوطن. فتجربة المقاومة كاداء ونتيجة – المُحرِرة للجزء الكبير من ارض لبنان – لهي واحد من ابداعات هذا اللبناني الذي آمن بقوته…
نعم حق هذا الوطن ان يستريح، وحق هذا اللبناني ان يعيش – وهو محب للحياة – دون مطبات وتراتبية مصطنعة. اما لهذا اللبناني ان ترتسم له هوية دون اقتطاع واقطاع صنعوه وهم له مُكرِّسون.
بكلمة، يا اصحاب العقول النيرة والقلوب المنفتحة، يا كل ملائكة وحكماء الارض في هذا اللبنان، تعالوا نخرج من انانيتنا، من خوفنا، من اوهام نحن لها صنَّاع.
تعالوا نخرج من ذواتنا ونذوب في ذات الوطن «الوطن».
فلتضيق المساحات وتقصر المسافات الفواصل والتواريخ.
تعالوا نرسم معاً ونحوك الثوب الذي نريد…
تعالوا نكتب «ايُ لبنانٍ نريد».
وللمتحفزين والمتحذلقين اقول: اليست دعوة سيد المقاومة الى «مؤتمر وطني تأسيسي» كما دعوة سيد بكركي الى «عقد اجتماعي» هي شكل من اشكال المبادرة الى «ربيع لبناني…». الا تخدم هكذا دعوة قيامة واستمرار هذا «اللبنان» الذي نحب.
ايها الشركاء…، المقدس هو الوطن والعدل بين الرعية، وما دون ذلك «فلماذا لا!» حتى «الطائف – هذا الإتفاق المترنح العتيق – لما لا!»، السنا راشدين مؤهلين لنكتب ونعيد كتابة لبناننا الذي يجب بدل ان نُجر اليه جرا…  
 

السابق
الجلسة الـ 12: استحالتا حزب الله وتيّار المستقبل
التالي
سنة أولى.. ديمقراطية