حزب الله مع ثوّار سورية.. وإيران تلجمه؟؟

هل تتطابق مصلحتا إيران وحزب الله في قرار دعم النظام القائم في سورية اليوم؟
قد يكون السؤال مفتعلاً وربما غير دقيق لمن يعرف طبيعة الولاء العقيدي والسياسي من حزب الله تجاه القيادة الايرانية، وتحديدًا مرشد الجمهورية الاسلامية السيد علي خامنئي. لكن ذلك لا يقلل من أهمية رصد بعض المؤشرات التي تفرضها التداعيات الميدانية والسياسية السورية وقدرة كل طرف على تحملها من دون أن نلامس من قريب او بعيد مبدأ ولاية الفقيه على الحزب او الولاء العقيدي.
فرض نمط المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي على حزب الله غلبة منطق الالتزام والانضباط الهرمي ذي السمة العسكرية او الأمنية، وعززت من هذه الوجهة ورسختها طبيعة المواجهات الامنية بين حزب الله واسرائيل. والتي ادت الى غلبة العقل الامني والعسكري في بنية الحزب الداخلية على حساب العقل السياسي، حتى صار الاخير في خدمة العقل الأمني الذي فرض اولوياته وصار الحاكم في البنية الحزبية والاجتماعية، وغلّبت هذه البنية الأمنية تفسيرًا محددًا لمبدأ ولاية الفقيه الايرانية يتلاءم مع ناظم البنية الامنية والعسكرية لا السياسية او الاجتماعية.

ولما كانت المواجهة مع إسرائيل في أبعادها ومخاطرها أمنية وعسكرية في الدرجة الاولى بالنسبة الى حزب الله، تضخمت النزعة الامنية والعسكرية، وسلم الجميع بها داخل الحزب وبات من الصعب التقاط مظاهر حيوية سياسية وتنظيمية داخل التنظيم، لأن عنوان القتال والخطر الامني الاسرائيلي والعالمي كفيل بكتم اي صوت قبل أن يصدر عن أي حزبي.

لكنّ أحداث الثورة السورية اعادت الحديث الخافت عن وجود بعض الكوادر الحزبية المتململة من موقف حزب الله الداعم للنظام السوري. على أن هذه الاصوات، كما ينقل بعض هذه الكوادر، تشير الى أن الامين العام لحزب الله ليس بعيداً عن هذا الرأي، من دون أن تنقل عنه تبنيه لهذه الوجهة. بل تعتبر أنه – أي السيد نصرالله – يدرك أكثر من سواه حجم الاضرار الشخصية والحزبية ولمشروع المقاومة، التي يستجلبها موقف حزبه من الازمة السورية. هذا التململ لدى بعض الكوادر الحزبية، وبسبب هذه التداعيات، فرض حراكًا داخلياً وجد له بعض الصدى لأنه استطاع أن يلامس في طروحاته عصب المقاومة وحمايتها والذود عنها.

وفي حين لا يشكّ أحد بأن القيادة الإيرانية هي من يدير الموقف تجاه أحداث سورية، فإنّ بعض المعلومات تشير الى أن عملية طرق الباب الايراني لم تتوقف بشكل رسمي من قبل حزب الله. ووفق معلومات وعلى ذمة المصادر الحزبية، فإنّ مسؤولين في الحزب حملوا بعض هواجسهم من تداعيات الموقف السوري الى هذه القيادة قبل أشهر، وسمعوا كلاما حاسما لجهة عدم المسّ بدعم النظام السوري او التفكير في أي خيارات بديلة. نقلت هذه الاوساط اخيرًا ان بعض الرسائل وجهت بطرق رسمية من قبل أوساط في حزب الله الى القيادة الايرانية، مفادها ان سقوط النظام السوري لم يعد مستبعدا، وبالتالي فإنّ الحزب يجد فرصة في فتح قنوات تواصل مع تركيا بهدف استثمار الموقع التركي وتناقضاته مع اسرائيل من جهة ودوره الفاعل لدى اوساط المعارضة السورية من جهة ثانية، لمزيد من تحصين موقع حزب الله في معادلة الصراع مع اسرائيل. القيادة الايرانية رفضت البحث في هذا الاقتراح ايضا.

الخسائر على حزب الله لم تعد خافية. واذا كان قادرا على حماية بنيته الامنية والعسكرية حتى لو سقط النظام السوري، فإنّ موقفه الحالي يراكم المخاطر عليه، خصوصًا مع تصاعد حالة العداء السوري ضده. وفي هذا فإنّ حجم الخسائر التي تطاله معنويا وسياسيا اليوم، ضمن الحسابات الاستراتيجية الايرانية، لا ترقى الى مستوى سقوط نظام الاسد في سورية. حتى إنّ شبكة مصالح الطائفة التي يحميها حزب الله وتحميه باتت عرضة أمام مخاطر مستجدة ومتفاقمة. وهذا ما يمكن تلمسه في اكثر من دولة عربية وغربية. وقد يساهم سقوط النظام السوري او تدهوره نحو حرب مذهبية، في رسم متاهة جديدة اسمها "استسهال ابعاد الشيعة والتضييق عليهم وملاحقتهم ايضا".
لم تقتنع القيادة الايرانية بعد بأن عائلة الأسد أصبحت عبئاً على مشروع المواجهة مع اسرائيل، لا رصيداً، بل استراتيجياً. ولم تقتنع بأنّ تسوية اليوم قد تكون أفضل لها من تسوية غد تنهار فيها سورية نفسها وتغرق فيها إيران وحزب الله في أتون حرب أهلية سنيّة – علوية وشيعية، قد يبدو معها ما جرى في العراق "مجرد ألعاب أطفال".
 

السابق
كبتاغون لاند في رحاب حزب الله
التالي
صفقة “سرية” بين طهران والنجف وبغداد ..تمنح المالكي قوة جديدة