قرار دولي يحظّر المسّ بالاستقرار

استحوذ الوضع في طرابلس على اهتمام بالغ من العواصم الكبرى. وأكدت مصادر ديبلوماسية بارزة، أن هناك قلقاً دولياً من جراء هذا الوضع، وأن المسؤولين اللبنانيين تبلغوا رسائل متصلة بالإجماع من هذه العواصم نتيجة اتصالات أجريت، على عدم المساس بالأمن والاستقرار في لبنان، وضرورة الحفاظ على الوضع هادئاً، انطلاقاً من أن أي مسّ بالاستقرار ستنطلق شرارته من لبنان وتتوزع على دول المنطقة، نظراً الى وجود ارتباطات متعددة ونوافذ لتنظيمات وأحزاب وتيارات مع دول عدة في هذه المنطقة.
وبالتالي، تضمنت الرسائل ضرورة التنبّه من تداعيات استمرار الوضع ساخناً في طرابلس، وهناك قرار دولي متخذ، بأن المسّ باستقرار لبنان ممنوع، لما لانعدام الاستقرار من انعكاسات سلبية، أهمها توسيع دائرة الاضطرابات والأحداث في لبنان والمنطقة برمّتها.

وثمة تخوّف حقيقي تبديه أوساط ديبلوماسية من أن تنحو الساحة الداخلية في لبنان الى مزيد من التوتر على المستويات الأمنية والسياسية والاقتصادية كافة. ويبدو أن جهات إقليمية محرجة جداً في هذا الظرف، ترغب في تصدير الأحداث الى طرابلس أمنياً، ودعم رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون مهما كانت مواقفه، هذا على المستوى السياسي، وليس ذلك إلا دليلاً على مرحلة من التصعيد، وإذا لم يتم ضبطه فهناك خطر حقيقي من انفلات الوضع في بيروت والبقاع. ولهذا السبب تنبهت قيادات "تيار المستقبل" لعمق المؤامرة ضد البلد وليس فقط ضد طرابلس، ودعت الى التهدئة وأعلنت أنها ضد استعمال السلاح، ومع أن تكون طرابلس منزوعة السلاح.
وطرابلس منزوعة السلاح موضوع يطرح باستمرار عند كل معضلة أمنية تواجهها المدينة، لكنه مسألة صعبة ومعقّدة، في ظل الظروف الحالية. فهو موضوع يواجه إحراجاً لدى "حزب الله"، الذي إذا وافق على نزعه في طرابلس، فيجب عندها أن يجد حلاً لسلاحه. وهو الأمر الذي لن يكون مطروحاً لديه. ولن يكون هناك نزع لسلاح في منطقة من دون نزع السلاح هذا.

ثم إن الحكومة التي تألفت بدعم ومساندة من "حزب الله"، وفقاً للأوساط، سيكون من الواجب والضروري أن تحظى أي قرارات تتخذها، لا سيما إذا كانت حازمة مثل قرار نزع السلاح، بموافقة من الحزب، ومن خارج الحدود.
مع أنه من مصلحة أهالي جبل محسن، أن تكون طرابلس منزوعة السلاح، يعيشون في جزيرة وهم أقلية. لكن القرار ليس في أيديهم بل في يد الخارج.
وفي كل الأحوال، أي قرار بنزع السلاح يحتاج الى توافق سياسي وأجواء متاحة إقليمياً ودولياً.
والحكومة، استناداً الى الأوساط نفسها، لن تقوم، أو لا تستطيع القيام بحلول جذرية، بسبب التفاوت في المواقف لدى مكوناتها، وأن الاتفاق الأساسي هو على مسألة وجودها، وحيث إن لا قرار اتخذته وتم استكماله، وأطرافها يزايدون على بعضهم، وبعض أطرافها يظهرون كيديتهم من المرحلة السابقة، ويفضلون تشويه سمعة آل الحريري على أن ينجزوا شيئاً علّ ذلك يربّحهم في الانتخابات النيابية المقبلة.

على أن أوساط رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، أوضحت أن نزع السلاح مسيرة طويلة، ومطلب لكل لبناني. لكن الآن المهم إعادة استتباب الوضع الأمني. وجاء نشر الجيش نتيجة تراكمات للوضع في طرابلس، وهناك قرار سابق بنشر الجيش ودعمه وهو ليس قراراً فجائياً، لكنه كان جيداً مع التغطية السياسية التي حصلت، عندما وجد الأفرقاء أن استمرار الأحداث سيأخذ بعداً آخر، فاضطروا الى القبول بنشر الجيش.

إلا أن الأوساط الديبلوماسية، تربط بين أي خلل أمني في لبنان، وبين أي عمل تفجيري في سوريا، لناحية أن الأول يسبق الثاني، للإشارة الى أن هناك رغبة لدى النظام للاتهام بأن لبنان هو المصدر وأن فيه "قاعدة"، مثلما جاء في تصريح وزير الدفاع اللبناني فايز غصن قبل مدة، والذي تلاه تفجير دمشق الشهير. لذلك، هناك وعي من بعض القيادات في الشمال وبيروت، لهذه المسألة من أجل تجنيب لبنان وشماله أي مسؤولية عن أي أمر متصل بسوريا، في مواجهة خطة لإثارة الفتنة في الشمال، وقابلها من تلك القيادات إيعاز على الأرض للفلفة الأمور والتهدئة. لكن ذلك لا يعني أنه لن تكون هناك محاولات أخرى لتهديد الاستقرار وفي مناطق أخرى، مع الإشارة الى أن المتطرفين السنّة في طرابلس لا تتعدى نسبتهم الـ10 في المئة وأن طرابلس تتميّز بالاعتدال.

السابق
جي لو الأكثر نفوذاً
التالي
بلدية إبل السقي تحي العيد الوطني النروجي