اللواء: 20 وزيراً التقوا على المخاوف من أحداث الشمال والإطاحة ببند التعيينات

لم تصمد هدنة طرابلس، وتجددت المناوشات على حين غرة، على محور جبل محسن وباب التبانة، في رسالة واضحة ان ما يجري بات "غب الطلب" السياسي في ابعاده المحلية والاقليمية والدولية، بتزامن غير مترابط مع استهداء مجلس الوزراء على مخرج من الدستور نفسه للانفاق المالي ولكن هذه المرة من نص "المادة 85" التي تؤسس لنظرية الظروف الطارئة والاستثنائية، وتخول رئيس الجمهورية ان يصدر المرسوم، بعد ان يقر في مجلس الوزراء، على ان يصدقه مجلس النواب في اول عقد يلتئم فيه بعد ذلك.
وهكذا قرر مجلس الوزراء متجاوزاً بند 4900 مليار الموافقة على "فتح اعتماد استثنائي لتغطية نفقات مستعجلة في ظروف طارئة لكل من:
– الجيش 15 ملياراً، وقوى الامن الداخلي 5.7 مليارات، وزارة التربية لاجراء الامتحانات الرسمية 1.250 مليار، صيانة معدات لوزارة المال 700 مليون.
– اعطاء سلفة خزينة لمصلحة مدينة كميل شمعون الرياضية (مليارا ليرة).
– اعطاء سلفة خزينة تشغيلية لبعض المستشفيات الحكومية.
– الموافقة على زيادة كلفة رعاية المعوقين، على ان يعمل بهذه الزيادة اعتباراً من اول حزيران".
واشترط القرار على ان تلحظ الاعتمادات اللازمة في مشروع موازنة 2012.
ومع هذه النتيجة، اضحى مشروع قانون الـ4900 مليار او 8900 مليار ليرة غير ذي معنى، مع ان نقاشاً دار حوله مكتملاً او مجزءاً، على ان يصبح من الماضي، اذا ما انجزت الموازنة وحولت الى مجلس النواب ليجري اقرارها في مهلة زمنية لا تتجاوز 30 حزيران المقبل.
واستأثر الوضع الامني في طرابلس بالقسم الاكبر من مناقشات مجلس الوزراء – اذ – كشف احد الوزراء لـ"اللواء" ان اكثر من 20 وزيراً تحدث خلال الجلسة عن الاحداث الدموية في طرابلس، الامر الذي ان دل على شيء يدل على حجم المخاوف التي ترتبت، ولا تزال، على الازمة المفتوحة في عاصمة الشمال، بعد ان وضع الرئيس ميشال سليمان النقاط على حروف الاحداث منذ توقيف شادي المولوي، الى اعتصام الاسلاميين، الى الاشتباكات وتمركزها على المحور التقليدي بين جبل محسن والتبانة، مع كل الحسابات والمخاوف المذهبية والطائفية.
جنبلاط
وكان اللافت على هذا الصعيد، موقف خطير لرئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط الذي تحدثت مصادر عالية الوثوقية ان اجتماعاً سيعقده في وقت قريب مع رئيس حزب "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع لايصال رسالة لمن يفهم الامر بما يتعلق بانتخابات الجبل بعد التفاهم الذي تم مع حزب الكتائب، اذ اعتبر جنبلاط في حديث مع محطة MTV ان الامن العام اصبح ملحقاً بالنظام السوري، وطريقة تصرفه غبية، في اشارة الى قضية توقيف شادي المولوي، واصفاً المرحلة بأنها اصعب من مرحلة 2005، ملمحاً لاول مرة ان مسألة استقالة وزرائه من الحكومة ممكنة، لكن كل شيء في وقته.
وعن قانون الانتخاب، اعتبر جنبلاط انهم "يريدون السيطرة المطلقة على مجلس النواب عن طريق النسبية، ويريدون مجلساً نيابياً طيّعاً لانتخاب رئيس قد يكون اسوأ من الرئيس السابق اميل لحود عند التمديد له".
وفي السياق نفسه، كشف أحد السياسيين ل"اللواء" مقاربة جديدة لجنبلاط من احداث طرابلس، مفادها أن هذه الأحداث رسالة سورية للمجتمع الدولي لإعادة اعتماد نظام بشار الأسد رأس حربة لمحاربة الإرهاب، مستشهداً بقصة الأردني الذي صدر من إيران إلى سوريا، ومنها إلى لبنان، والتي تذكرنا بشاكر العبسي، على حدّ قول زعيم المختارة للمحطة المذكورة.
اما "حزب الله" فقد كانت له مقاربة لاحداث طرابلس، هي الأولى له منذ اندلاعها الأحد الماضي، عبّر عنها المعاون السياسي للأمين العام للحزب الحاج حسين الخليل، الذي رأى في مقابلة مع "اللواء" أن ما حصل كان نتيجة للتأجيج المذهبي الذي دفع باتجاهه بعض الأفرقاء بعلمهم أو من دون علمهم لنتائجه وارتداداته السلبية على البلد واستقراره وعلى السلم الأهلي.
وإذ أكّد أن الحزب لا يملك معلومات عمّا حدث في طرابلس ومع الموقوف شادي المولوي غير المعلومات الموجودة بين ايدي الأجهزة الأمنية، داعياً الدولة بجميع مؤسساتها واجهزتها إلى أن تأخذ مكانها الطبيعي على كافة الأراضي اللبنانية، وليس فقط في طرابلس، قال "اذا كنا نريد حلاً جذرياً لكل هذه المشاكل الداخلية والنكسات الأمنية، فان المطلوب أن يبعد الأفرقاء الخطاب السياسي عن اللغة المذهبية والتحريضية لأنها ستنعكس سلباً على الجميع.
مجلس الوزراء
وكما توقع عدد من الوزراء، فان ملف الانفاق المالي لم يسلك طريقه نحو الخواتيم المرجوة له، فرفعت جلسة مجلس الوزراء من دون أن يُصار إلى بت الملف الذي شهد نوعاً من السجال، وصفه الرئيس نجيب ميقاتي بأنها كانت نقاشات لم تخرج عن تشنج.
وفي المعلومات المتوافرة أن هذا البند بحث في القسم الأخير من الجلسة من دون أن يكون هناك مخرج جرى اعداده، باستثناء الاستهداء إلى المادة الدستورية 85، رغم انه تخلل المداولات طرح أفكار جديدة لم تأت بالنتيجة المتوخاة، فعاد إلى المربع الأوّل، وإلى المطالبة بحل متكامل للانفاق.
وبحسب ما توفّر من معلومات لمصادر وزارية محسوبة على "التيار العوني" فان الرئيس سليمان اقترح أن يُقرّ المجلس مشروع الـ4800 مليار ليرة الذي اقترحه وزير المال محمّد الصفدي ويرسله إلى مجلس النواب للموافقة عليه، مشيراً إلى انه إذا لم يقر، فإنه يتعهد بالتوقيع على مرسوم الـ 8900 مليار معدلاً.
وقد أثار هذا الاقتراح حفيظة وزراء التيار الذين اعتبروا أن الرئيس كان يرفض التوقيع على المرسوم لعدم دستوريته، متسائلين "ماذا حصل اليوم ليبدّل موقفه، ما يعني أن المشكلة ليست دستورية بل سياسية".
غير أن مصادر رئاسية نفت هذه الرواية لـ "اللواء" وقالت إن الرئيس سليمان اقترح إقرار مشروع الـ 4800 مليار، وإرساله إلى مجلس النواب ليتبيّن من يعرقله هناك، فإذا لم يقرّ فساعة ذاك يمكن أن أوقّع على المشروعين انطلاقاً من نظرية الضرورات تبيح المحظورات، خصوصاً وأن مشروع الـ 8900 مليار عملياً انتهى مفعوله مع انتهاء سنة 2011.
وأكدت المصادر أن الرئيس سليمان لم يتعهد بشيء، وأن الاقتراح هدف منه إظهار من يعرقل المشاريع في مجلس النواب، علماً أن وزير المال أنهى إعداد مشروع موازنة الـ 2012، وسيناقش قريباً في مجلس الوزراء، وعند ذلك تصبح هذه المشاريع من باب لزوم ما لا يلزم.
إلى ذلك، كانت التطورات الأمنية في طرابلس الحاضر الأكبر في الجلسة المطولة، وعلم أن هذا الملف نوقش من كل جوانبه، وبرز إجماع حكومي على دور الجيش وضرورة توفير الغطاء له والوصول إلى صيغة للحوار للحؤول دون حالات التأزيم السياسي.
وقالت مصادر وزارية إن المجلس أكد على مقررات المجلس الأعلى للدفاع وتأمين الغطاء والمناخ السياسيين. وإذا كان مؤكداً، وفق معلومات التحقيق أن الموقوف المولوي مرتبط بجزء من شبكة إرهابية لم تحدّد هويتها.
وخلال الجلسة، تحدث معظم الوزراء أن حالات الفقر وغياب المساعدات هي من أسباب وقوع حوادث كهذه، مشيرين إلى وجود جمر تحت الرماد. كما كان كلام عن إمكانية أن تطاول التوقيفات أفراداً من غير اللبنانيين، وانطلاقاً من ذلك دار حديث حول الوضع الأمني في البلاد وأهمية المحافظة على الاستقرار.
وكان الرئيس سليمان استهل الجلسة بالحديث عن التطورات في طرابلس، مشيراً إلى أن الأمن العام قام بواجبه، وإذا كان هناك من خطأ في أسلوب توقيف المولوي فيجب معالجته بإجراء مسلكي وليس من خلال اطلاق سراح الموقوف.
اما قضية الموقوفين الاسلاميين فطرحت على البحث وسط تأكيدات رئاسية على ضرورة الاسراع في اصدار الاحكام بحقهم كي لا يبقوا قيد الاعتقال دون محاكمة، واذا تعذر ذلك فليصر إلى اصدار قرارات ظنية. في حين اوضح وزير العدل شكيب قرطباوي ان هذا الملف بدأ في العام 2007 وليس في عهد حكومة الرئيس ميقاتي.
توتر.. واشتباكات
ميدانياً، تجددت الاشتباكات بعد ظهر امس بين المنطقتين التقليديتين في طرابلس، حاصدة ستة جرحى بينهم جندي من الجيش اللبناني، بحسب مصدر أمني اوضح لوكالة "فرانس برس" ان الجيش الذي انتشر الثلاثاء في مناطق الاشتباكات تعرض لاطلاق نار في باب التبانة، خلال محاولته إزالة متاريس، فرد على اطلاق النار، وعلى الاثر حصل توتر وتطور اطلاق النار إلى اشتباكات بين المنطقتين، واصيب جندي وثلاثة مدنيين بجروح، ثم اضيف اليهم ثلاثة جرحى آخرين ليلاً.
واعلنت قيادة الجيش ان وحداتها قامت بالرد على مصادر اطلاق النار، كما نفذت وما تزال عمليات دهم سريعة للمباني التي يجري فيها اطلاق النار، حيث تمكنت من توقيف عدد من المسلحين وضبط اسلحة وذخائر كانت بحوزتهم، نافية ان تكون وحداتها انسحبت من شارع سوريا.
وافادت آخر المعلومات الوارد من طرابلس عند الساعة الحادية عشرة ليلا عن اطلاق نار متقطع على طول شارع سوريا وسماع دوي انفجار قذائف صاروخية، وسبق ذلك في التاسعة ليلا سقوط قذيفتين في محيط سنترال التبانة وسوق القمح مع تسجيل طلقات نارية ورصاص قنص، واتبع ذلك سقوط قنبلة يدوية عند العاشرة والدقيقة 20 الى جانب محلات كلاسينا في التبانة.
وعلم مساء انه تم الافراج عن 3 ممن اعتقلوا إلى جانب مولوي، وهم القطري عبد العزيز قطرية، وفلسطيني ولبناني، فيما بدأ العمل مساء على فتح الطرقات في ساحة عبد الحميد كرامي مع الابقاء على خيمة الاعتصام، نتيجة اتفاق حصل بين وزير الداخلية مروان شربل الذي امضى نهاره امس في طرابلس، والعلماء الاسلاميين لاعادة التحقيق مع المولوي اليوم في حضور ثلاثة من محاميه.

السابق
تجدد الاشتباكات وقنص بين جبل محسن والتبانة اوقع جرحى
التالي
الحياة: الاستخبارات الاميركية ابلغت الأمن العام بالأردني الوافد من دمشق وبري يتحدث عن جدية لائحة اغتيالات